تقف مصر على أعتاب نكسة جديدة، تفوق في انعكاساتها نكسة يونيو 1967.
فعلى وقع استعداد إثيوبيا لملء سد النهضة للمرة الخامسة، المقرر في يوليو المقبل، وذلك بحجز نحو 23 مليار متر مكعب من أجل الوصول إلى إجمالي 64 مليار مكعب في خزان السد، كشفت مصادر فنية بوزارة الري المصرية، عن تضرر الحصة المائية لمصر بشكل كبير منذ مارس الماضي، مع بدء أديس أبابا الاستعدادات الخاصة بعملية الملء.
وتشهد الفترة الحالية عجزا كبيرا في المياه الواردة لمصر ضمن حصتها الرسمية من نهر النيل، بسبب الإجراءات التي شرعت بها أديس أبابا استعدادا لموسم الفيضان، وهو ما دفع المسؤولين عن إدارة المياه إلى تعويض العجز نسبيا من مخزون بحيرة ناصر.
ويأتي ذلك في وقت وجه فيه وزير الري المصري هاني سويلم إدارات الري في مختلف المحافظات، إلى متابعة زراعات الأرز المخالفة في مناطقهم واتخاذ الإجراءات الفورية لإزالتها، وكذلك اتخاذ الإجراءات القانونية المنصوص عليها في قانون الموارد المائية والري وتحصيل قيمة تبديد المياه، طبقا للائحة التنفيذية للقانون، والتأكد من التزام المزارعين، بزراعة الأرز في المناطق المصرح لها فقط بزراعته فيها، لعدم التأثير سلبا على عملية توزيع المياه بالمحافظات الواقعة بها المخالفة والمحافظات اللاحقة لها في شبكة الترع.
ولمواجهة متأخرة للأزمة، أعدت القاهرة تقريرا مفصلا بالتأثيرات السلبية للإجراءات التي تقوم بها أديس أبابا، على حصة مصر المائية، تروج مصر لمظلوميتها من سد النهضة، خاصة في الأوساط الأوروبية والغربية، الذين يجري ابتزازهم بورقة اللاجئين وتبعات استضافتهم بمصر، مطالبة بالتدخل الأوروبي بقوة في الملف، وقد أطلعت القاهرة عدة عواصم أوروبية على التقرير.
وكان السيسي، قد حذر خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للمنتدى العربي – الصيني، في 30 مايو الماضي في بكين، من عدم التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بين مصر وإثيوبيا والسودان، يؤمن لأجيال الحاضر والمستقبل في الدول الثلاث حقها في الحياة والتنمية، مطالبا بالوضع في عين الاعتبار أن مصر لن تسمح بكل ما من شأنه العبث بأمن واستقرار شعبها.
وتتهدد مصر بخطر جفاف وبوار الأراضي الزراعية، وفقدان ملايين الأشخاص وظائفهم ، وذلك مرتبط بمواسم الجفاف، التي تصل مدتها إلى ست سنوات حسب بعض خبراء المياه.
وقد مكن اتفاق المبادئ الذي وقعه السيسي مع أثيوبيا في مارس 2015، أديس أبابا من مراوغة مصر عبر 9 سنوات ، خاضت مصر ثماني جولات تفاوضية انتهت كل منها من دون التوصل إلى اتفاق، وآخرها الجولة التي انتهت في 18 ديسمبر الماضي، بعد مباحثات استمرت خمسة أشهر، ونعيش الآن فترة تجمد المفاوضات.
وكان ملء سد النهضة الرابع قد انتهى في الثامن من سبتمبر 2023، بإجمالي 41 مليار متر مكعب.
وفي إبريل الماضي أعلنت الحكومة الإثيوبية، الانتهاء من نحو 95 % من إنشاءات السد.
ومع تلك التطورات، تقف مصر في منعرج خطير، بتراجع حصصها المائية وهو ما يهدد الأمن الغذائي المصري بعنف، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة، ويتكلف تعويض كل مليار متر مكعب من مياه النيل بنحو مليار دولار، وتحتجز أثيوبيا نحو 32 مليار متر مكعب سنويا في بحيرة السد، دون فتح التوربينات لتوليد الكهرباء، بما يحول نهر النيل إلى بحيرة أثيوبية وليس نهرا دوليا.