مع استمرار تعطل سيستم الاستيراد…أسعار السيارات تعاود قفزاتها الجنونية

- ‎فيتقارير

 

 

كما العقارات والأدوية والغاز ومستلزمات الإنتاج والمواد الخام، للارتفاعات المتتالية، في الأسعار بشكل جنوني، وبلا رقابة، عاودت الارتفاعات تضرب سوق السيارات في مصر،   خاصة مع تعطل منظومة الاستيراد من الخارج، دون تبرير من الحكومة، وسط مخاوف من وجود تضييق على عملية الشراء بالدولار من الخارج، في الوقت الذي ما زالت فيه البلاد تعاني أزمة العملة.

 

وتتكدس في الموانئ المصرية ما بين 10 إلى 13 ألف سيارة مختلفة، نتيجة تعطيل تسجيلها على المنصات الخاصة بالحجز، ويتطلب الأمر الحصول على الموافقات المسبقة عبر النافذة الجمركية لإتمام عمليات شحن المركبات من الخارج.

 

ووفق أعضاء بشعبة صناعة السيارات، فقد اندلعت  الأزمة منتصف مايو 2024، حين تعطلت المنصة الخاصة بالتسجيل المسبق للشاحنات، ومع التواصل مع وزارة المالية قالت إن هناك عطلا يجري إصلاحه.

 

والغريب أنه حتى الآن لم يتم إصلاح العطل،  ومع كثرة شكاوى التجار والمستوردين،  ردت المالية بأنه يوجد عملية مراجعة لآليات الاستيراد والدخول الجمركي للسيارات، وهو ما أثار جدلا واسعا بين الوكلاء وأصحاب المصانع والشركات، وسط تلكؤ من الحكومة الحالية، بأنها حكومة  لتسيير الأعمال فقط، وترتب على الأزمة ارتفاع أسعار السيارات بسبب قلة المعروض.

ووفق خبراء، فإن تعطل منصة الجمارك أمر غير منطقي؛ لأن هناك آلية تسعير واضحة للسيارات وهناك نسب محددة للجمارك عليها، ويبقى تحديد الأسعار بين التجار أو الوكلاء وفي حال كان هناك زيادة في تلك الآليات، فإن ذلك يتطلب إجراءات تشريعية لم يتم التطرق إليها من الأساس، ما يجعل هناك هواجس من إمكانية اتخاذ القرار لتخفيف الطلب على الدولار.

 

وتبلغ ضريبة الجمارك في مصر على سيارات الركوب المزوّدة بمحرّك احتراق داخلي (أي العاملة بالوقود) 135% من قيمة شراء السيارة في الخارج، بجانب ضريبة الجدول 15%، وضريبة القيمة المضافة 14%.

 

بينما تنخفض بالنسبة للسيارات الهجينة المستوردة من خارج الاتحاد الأوروبي، لتتراوح ما بين 30% و100% ضريبة جمارك، ومن 15% إلى 30% كضريبة جدول، و14% ضريبة قيمة مضافة، في حين أن السيارات الكهربائية معفاة من كافة الجمارك والرسوم عدا القيمة المضافة.

 

يشار إلى أن قطاع السيارات يحاول منذ مارس 2024 أن يصل إلى مرحلة الاستقرار التي تساعد على عودة عمليات البيع والشراء إلى سابق عهدها.

 

ورغم أن صغار التجار الذين يعملون في السيارات المستعملة تعرضوا لخسائر كبيرة جراء انخفاض الأسعار مباشرة عقب تحرير سعر الصرف، غير أن ذلك لم يمنع من وجود رغبة جماعية في أن يستعيد القطاع قوته، لكن الحكومة يبدو أن لها رأيا آخر.

إلا أن حالة الارتباك الحكومية المتعمدة، قد تترك تأثيرات سلبية على جذب الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع خاصة، وأن هناك خطة حكومية نحو الاعتماد على التصنيع والتجميع في الداخل.

إذ إن تعطل منصة التسجيل المسبق للشحنات قاد إلى توقف استيراد جميع أنواع السيارات، ويمكن القول بأنه لن تدخل سيارة جديدة البلاد إلا في حالة عودة عملها، وهو أمر يترك تأثيراته على ارتفاع الأسعار مجددا.

يشار إلى أن التجار واجهوا خسائر جراء دفع إيجار يومي للسيارات المكدسة في الجمارك قبل الإفراج عن بعضها، رغم أنهم ليس لديهم دخل في الأزمة الحالية، والمشكلة تكمن في مصلحة الجمارك الحكومية، وفي الوقت ذاته، فإن العديد من الموردين قد يرفضون التعامل مع الوكلاء في مصر نتيجة عدم استقرار السوق.

وشدد  تجار، تحدثوا لوسائل إعلام محلية، أن الأزمة الراهنة لم تظهر نتيجتها على السوق بعد، لأن هناك مخزونا لدى وكلاء السيارات لكن مع معرفة المواطنين بوجود أزمة في الاستيراد قد يتسبب في ارتفاع أسعار السيارات، وبالفعل شهد السوق ارتفاعا طفيفا في الطلب.

 

أوفر برايس 

وعاد عدد من الوكلاء إلى فرض “أوفر برايس” بمعنى سعر إضافي على سعر السيارة تحسبا لارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة، تحديدا في الموديلات التي تشهد زيادة في الإقبال، وفي مقدمتها السيارات الياباني الصنع والسيارات الصينية والإنجليزية.

 

يُذكر أنه في نهاية مايو 2024، نفت وزارة التجارة والصناعة المصرية ما تردد في بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حول صدور قرار وزاري بشأن وقف الإفراج عن السيارات الواردة للاستعمال الشخصي لمدة ثلاثة أشهر.

 

وتأتي الأزمة الراهنة بعد أن توقعت مؤسسة “بي إم آي” التابعة لــفيتش سوليوشنز أن يحقق سوق السيارات المصري نموا بقيمة 22% تقريبا خلال عام 2024 بمبيعات تزيد عن 121 ألف سيارة، مؤكدا أن النمو المتوقع يعود لحدوث استقرار في سعر الصرف بمصر.

 

لكن التقرير أوضح في الوقت ذاته أن التضخم لم يتوقف ومتواجد، وأن زيادات الأجور لا تتناسب مع قيمة التضخم، وبالتالي ارتفاع مقدرة شراء السيارات ستظل متأثرة بصورة كبيرة، بسبب الضغط المالي على قدرات المشترين.

 

وأشار التقرير إلى أن مبيعات السيارات تراجعت في مصر 33% في عام 2022 وبلغت أكثر من 192 ألف سيارة ثم انخفضت 49% تقريباً في 2023 ووصلت إلى 99 ألف سيارة فقط، موضحا أن هناك تفاؤلا بمبيعات سوق السيارات، ولكنه تفاؤل حذر مع تعافٍ بطيء للمبيعات، بسبب الالتزامات المالية الكبيرة على المشترين وصعوبة شراء سيارات جديدة بسبب تكلفتها المرتفعة.

يشار إلى  أن توقف الاستيراد لما يقرب من شهر ونصف ستكون له تأثيراته السلبية على سوق السيارات خلال الأيام المقبلة، لأن الأسعار سوف تشهد ارتفاعا قد يصل إلى 30% أو أكثر.

كما أن الحديث عن دعم وقف الاستيراد لصالح دعم الصناعة المحلية في غير محله، لأن البنية التحتية في مصر ما زالت غير مهيَّأة لذلك، كما أن استيراد قطع الغيار وأدوات الإنتاج يأتي في الأغلب من الخارج، وأن دعم الصناعة المحلية بحاجة إلى خطة واضحة بعيدا عن العشوائية الحالية.

وأفادت وكالة فوكاس تو موف “F2M” الأمريكية المتخصصة في أبحاث أسواق السيارات، أن سوق السيارات المصري الذي كان قبل سنوات قليلة واحدا من أكبر وأهم أسواق القارة الأفريقية، لا يزال يعاني بسبب تراجع القدرة الشرائية وتباطؤ عمليات الاستيراد منذ أكثر من عامين.

 

مشيرة إلى أن الصدمات العالمية المتعددة تسببت في أزمة صرف أجنبي وتضخم تاريخي، ما فاقم الأزمة الاقتصادية على الصعيد المحلي، وانعكست سلبا على سوق تجارة السيارات.

وهكذا تستمر معاناة المصريين مع عشوائية نظام العسكر، الذي يدخل مصر في متاهة يومية بقرارات متخبطة، لا تحدث إلا في بلاد الواق واق، ليدفع المواطن ثمن تلك التصرفات غير المدروسة من راحته ومن جيبه الخاص ومن مستقبله وحاضره، الذي بات أكثر ظلاما وأقل استقرارا في كل شيء.