تشهد كليات الطب بالجامعات الحكومية رسوبا جماعيا للطلاب في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي، والذي تسبب بمحاربته لمصر والمصريين في انهيار المنظومة التعليمية بالكامل.
ورغم أن المصريين اعتادوا على أن طلاب الكليات الطبية هم أكثر الطلاب تفوقا، إلا أن الآية انقلبت ، في زمن الانقلاب، وأصبح طلاب كليات الطب وطب الأسنان، بالجامعات الحكومية يضربون مثلا في الإخفاق، وهو ما أثار انتقادات المواطنين وأثار تساؤلات حول، كيف لطلاب من المفترض أنهم اجتهدوا في الثانوية العامة واستطاعوا الوصول إلى إحدى كليات القمة التي يُعرف عن طلابها التفوق، أن يكون الرسوب شبه الجماعي حليفهم ؟ وما السبب وراء تلك الظاهرة؟.
كانت الفرقة الأولى بكلية طب جامعة جنوب الوادي قد سجلت للعام الثاني على التوالي، بالفصل الدراسي الأول للعام الجامعي 2023-2024 نسبة رسوب 56.1%، ما يعني أن عدد الطلاب الناجحين بلغ 260 من أصل 591 طالبا.
فيما سجلت الفرقة الثانية بالكلية ذاتها، والبالغ عدد طلابها 464 طالبا، نسبة نجاح 54.9%، ما يعني أن عدد الطلاب الناجحين 251 طالبا فقط.
وكان العام الماضي أكثر سوءا، لأن نسبة نجاح طلاب «طب جنوب الوادي» لم تتجاوز الـ30% من عدد الطلاب المُقيدين بالفرقة الأولى، والبالغ عددهم -آنذاك- 512 طالبا ، نجح منهم 146 طالبا ، أي أن نسبة النجاح بلغت 28.51%، ما يعني أن نسبة الرسوب تخطت الـ70% .
وفى كلية طب الأسنان بجامعة جنوب الوادي لم ينجح سوى 54 طالبا فقط، بنسبة رسوب بلغت نحو 80%.
وعلى نهج طب جامعة جنوب الوادي سجلت جامعة سوهاج، للعام الثاني على التوالي نسبة رسوب بالفرقة الأولى بكلية الطب 75% للعام الجامعي الحالي 2023-2024 مقابل 25% نسبة نجاح، أي أن عدد الطلاب الناجحين بلغ 203 طلاب من أصل 825 طالبا، وفي العام الماضي 2022-2023، سجلت نسبة الرسوب 61% من طلاب الفرقة الأولى مقابل نجاح 39%، أي أن عدد الطلاب الناجحين بلغ 222 طالبا من 568 أدوا الامتحانات.
كما سجل طلاب الفرقة الأولى بكلية الطب جامعة أسيوط نسبة رسوب بلغت نحو 60%، أي رسب 720 طالبا من إجمالي 1207 طلاب أدوا الامتحانات.
غش وفشل
من جانبه كشف الدكتور يوسف الغرباوي رئيس جامعة جنوب الوادي السابق، أن معظم الطلاب الذين حجبت نتائج مدارسهم فى الثانوية العامة، بسبب شبهات الغش الجماعي التحقوا بكلية الطب جامعة جنوب الوادي، مؤكدا أن بعضهم لا يجيدون اللغة الإنجليزية لا كتابة ولا قراءة.
وقال الغرباوي في تصريحات صحفية: إن “معظم الطلاب الراسبين تخرجوا في عدد من مدارس الثانوية العامة المعروفة لدى الجميع، إلا أن مستواهم الدراسي ضعيف جدا، لاسيما مستواهم في اللغة الإنجليزية، حسبما أوضحت لجنة مُشكّلة من كلية الطب جامعة جنوب الوادي؛ لبحث أسباب نسب الرسوب العالية للعام الثاني على التوالي”.
مستوى الطلاب
وقال الدكتور علي عبدالرحمن عميد كلية الطب الأسبق بجامعة جنوب الوادي: إن “أزمة الرسوب شبه الجماعي، العام الماضي، فى نتيجة الفصل الدراسي الأول، حيث بلغت نسبة النجاح 33% على الرغم من أن نسب النجاح بالكلية -قبل تلك الكارثة- لم تقل عن 90% سنويا، تعد كارثة يجب التوقف عندها طويلا للكشف عن أسبابها ومعالجتها”.
وأكد عبدالرحمن في تصريحات صحفية أن الكلية لم تغير المناهج الدراسية أو طرق تقييم الطلاب، مشددا على أن الشيء الوحيد الذي تغير هو مستوى الطلاب الذين التحقوا بالكلية.
وأشار إلى أن نحو 95% من الطلاب الراسبين العام الماضي، بـ«طب جنوب الوادي»، كانوا من خريجي مدارس ثانوية عامة بعينها تابعة لعدد من المراكز المعروفة؛ لدرجة رسوب 79 طالبا من أصل 80 طالبا ملتحقين بالكلية من لجان إحدى المدارس الثانوية، ما يعني أن الطلاب الراسبين الذين التحقوا بكلية الطب لم يكونوا ذوى كفاءة، بسبب عدم ملائمة نظام تقييمهم في التعليم ما قبل الجامعي .
وأوضح عبدالرحمن أن هذا المستوى دفع الكلية إلى مخاطبة وزارة تعليم الانقلاب لمراجعة معايير تقييم طلاب الثانوية العامة قبل إلحاقهم بالجامعات.
مجموع الثانوية
وأكد الدكتور مجدي القاضي عميد كلية الطب جامعة سوهاج، أن الإخفاق شبه الجماعي لطلاب كلية الطب بالجامعة يرجع إلى ضعف مستوى الطلاب الملتحقين بالكلية .
وقال «القاضي» في تصريحات صحفية: إن “هؤلاء الطلاب لم يكونوا على القدر الكافي الذي يؤهلهم للالتحاق بكلية الطب، لاسيَّما وأن «الطب» لا تقاس بالمجموع الحاصل عليه الطالب في الثانوية العامة”.
وأشار إلى أن السواد الأعظم من الطلاب الراسبين بالكلية ليسوا من خريجي المدراس التي طالت لجان امتحاناتها اتهامات بالسماح بالغش، مؤكدا أن ضعف مستوى الطلاب أصبح ظاهرة عامة.
وشدد «القاضي» على أن الكلية لم تظلم أي طالب، وأن جميع الطلاب حصلوا على الدرجات التي يستحقونها، لاسيَّما وأن نظام الامتحانات بالكلية إلكتروني، ولا يوجد به أي تدخل بشري مطلقا، مُشيرا إلى أن الطالب يكون على علم بالدرجة التي يحصل عليها فور انتهائه من الامتحان، حسبما يظهر أمامه على شاشة الكمبيوتر الذي يؤدي من خلاله الامتحان، قبل المغادرة.
طلاب وافدون
وأكد الدكتور علاء عطية عميد كلية الطب جامعة أسيوط، أن موضوع الإخفاق في كلية طب أسيوط مختلف بعض الشيء مقارنة بالجامعات الآخرى، مشيرا إلى أن نصف عدد الطلاب الراسبين من الوافدين السودانيين -على وجه التحديد- البالغ عددهم 350 طالبا، أخفق من بينهم 339 طالبا، مقابل نجاح 11 طالبا فقط.
وقال عطية في تصريحات صحفية: إن “إجمالي الطلاب المقيدين بالفرقة الأولى بكلية الطب جامعة أسيوط، لعام 2022-2023 -وهو العام الذي شهد الرسوب شبه الجماعي- بلغ 1270 طالبا، رسب من بينهم 720 طالبا، مؤكدا أن نحو نصف الراسبين -آنذاك- من الطلاب الوافدين، لعدم التزامهم بالحضور منذ بدء العام الدراسي”.
وأشار إلى أن أسباب الرسوب شبه الجماعي ليس إخفاق الطلاب الوافدين وحسب، مؤكدا أن الغش المتفشي في لجان امتحانات دفعة الثانوية العامة 2022، أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى إخفاق 381 طالبا مصريا .
واعتبر عطية أن ما تشهده كليات الطب من رسوب جماعي يعد نتيجة طبيعية للغش .
