بعد بيان المنقلب.. هل السيسي يستخف بالعقول أم هناك انفراجة بشأن الحبس الاحتياطي؟

- ‎فيتقارير

لا تزال عمليات الحبس الاحياطي التي تنفذها سلطات الانقلاب ضد ناشطين وصحفيين وسياسيين، تثير غضب  الشعب المصري وخاصة الناشطين والحقوقيين الذين يرون أن عدم تطبيق القانون المتعلق بالحبس الاحتياطي بصورة صحيحة حوله إلى وسيلة بيد السيسي “لقمع المعارضين”، مشككين في تصريحات السيسي الأخيرة ومقللين من جدواها، مطالبين بمزيد من القرارات أكثر وضوحا في مسألة الحقوق والحريات.

وفي 23 يوليوالماضي، ناقشت جلسة ما يسمى “الحوار الوطني”، قضايا “الحبس الاحتياطي”، وسط مقاطعة العديد من الحقوقيون، أشاروا إلى عدم إحراز أي تقدم في مسألة الحقوق والحريات.

وكان نقيب الصحفيين، خالد البلشي، كان أكد خلال جلسات الحوار الوطني، أن “مجرد تطبيق القانون الحالى سيخرج 16 صحفيا على الفور من دائرة الحبس المؤلمة، والعقوبة المفروضة عليهم تحت مظلة الحبس الاحتياطي، الذي تحول من إجراء احترازي، لعقوبة امتدّت لأكثر من 7 سنوات فى بعض الحالات”.

 

بيان السيسي بشأن الحبس الاحتياطي

في مشهد لأخذ اللقطة قال قائد الانقلاب الجنرال عبدالفتاح السيسي: “استجابة لتوصيات الحوار الوطني، نؤكد على أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، والحفاظ على طبيعته كإجراء وقائي تستلزمه ضرورة التحقيق، من دون أن يتحول إلى عقوبة”.

وقال المتحدث الرسمي للجنرال، في بيان الأربعاء: إن “السيسي وجه بإحالة توصيات الحوار الوطني للحكومة، وسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل التوصيات المتوافق عليها”.

وبحسب البيان، أكد السيسي أن الاستجابة لتوصيات الحوار الوطني نابعة من الرغبة الصادقة في تنفيذ أحكام الدستور المصري والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، حسب قوله.

وأشار البيان إلى أن السيسي وجّه بتفعيل تطبيقات بدائل الحبس الاحتياطي المختلفة، وأهمية التعويض المادي والأدبي وجبر الضرر، لمن يتعرض لحبس احتياطي خاطئ.

بيان للاستخفاف بالعقول

يرى أستاذ العلوم السياسية، عصام عبد الشافي، أن بيان السيسي “حوى قدرا من الاستخفاف بالعقول، لأن مسألة الحقوق والحريات لا محل لها من الإعراب، في عهد نظامه”.

وقال عبد الشافي لمواقع عربية: إن “هناك عشرات الآلاف من المحبوسين احتياطيا في سجون النظام المصري، لمدد وصل بعضها إلى 8 سنوات، دون تقديمهم إلى محاكمة عادلة”.

وأشار إلى أن السجون والمعتقلات المصرية تحتشد بكثيرين تعرضوا للخطف أو الإخفاء القسري، بما في ذلك سياسيون ونُشطاء بارزون في ثورة 25 يناير التي أطاحت نظام حسني مبارك.

ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن الدعوة للحوار الوطني جاءت عام 2022، في ظل ضغوط أميركية وانتقادات دولية لسجل حقوق الإنسان في مصر، ومع ذلك تحول الحوار الوطني لـ”أداة للإلهاء السياسي”.

وأضاف أن “النظام المصري لن يسمح بحرية الرأي ولا حرية التعبير ولا حرية التنظيم، وهي الثلاثية التي تخيفه، مما يشكك في صدقيته تجاه مسألة حقوق الإنسان والعدالة”.

وأضاف “الآن حل الحبس الاحتياطي بديلا للاعتقال، إذ يقوم قطاع الأمن الوطني بعمل تحريات ويعرضها على النيابة العامة لتصدر إذن الضبط والإحضار للشخص المُتحرى عليه”.

مطالب لإثبات حسن النوايا

ويرى عبد الشافي أن صدقية القرار وجدية النظام مرهونتان بقرارات سريعة بالإفراج عن المحبوسين احتياطيا، الذين تجاوز حبسهم المدد المنصوص عليها في القانون، وكذلك الإعلان عن أعداد المحبوسين احتياطيا، وتمكينهم من الحصول على محاكمات عادلة، أو إطلاق سراحهم.

واستبعد تنفيذ التوجيهات المتعلقة بمسألة التعويضات لمن تجاوز حبسهم احتياطيا المدد المنصوص عليها، مضيفا “لا أتوقع أن يتلزم النظام بأي شيء في هذا المسار، لأنه لا يعترف أصلا بحدوث اعتقالات أو إخفاء قسري”.

تدوير المعتقلين

وأضاف “الآن في مصر، هناك ما يُعرف بالكعب الدائر، وهو ممارسة قانونية مذلة ينتهجها النظام، بفتح بلاغات متعددة في محاكم متعددة ضد الشخص الواحد، لجعله يتنقل بين تلك المحاكم أثناء فترة حبسه، ولذلك سيستمر تسلُّط الحبس الاحتياطي”.

وتابع عبد الشافي أن “الإشكالية ليست في النصوص، وإنما في احترام القانون وتنفيذه، ولذلك ليس من المنطقي أن ننتظر من نظام انتهك الدستور، وهو أبو القوانين، أن يحترم القوانين، أو الإجراءات الإدراية”.

الحبس الاحتياطي بديلا للاعتقال

وكان المحامي الحقوقي، نبيه الجنادي، أشار إلى أن سلطات الانقلاب تتخذ الحبس الاحتياطي بديلا للاعتقال الذي كان يتم في عهد مبارك، تحت مظلة قانون الطوارئ.

ولفت الجنادي إلى أن الاعتقال الذي كان يحدث في عهد مبارك، جرى إلغاؤه عقب ثورة 25 يناير.

وذكر تقرير سابق لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، أن السلطات المصرية تضع عشرات أو حتى مئات من الأشخاص معًا في نفس القضية، ويتم تجديد حبسهم بشكل جماعي، بما في ذلك أكثر من 600 شخص اعتقلوا خلال الاحتجاجات المناهضة للسيسي في عام 2020.

وشهدت السنوات العشر الماضية من حكم السيسي حملة قمع واسعة النطاق للمعارضة من مختلف ألوان الطيف السياسي.

وعُقدت جلسات الحوار الوطني في الـ 23 من يوليو، بمشاركة شخصيات سياسية وحقوقية وعامة، ونواب، وممثلي أحزاب، ورفع المشاركون 24 توصية، حصلت 20 منها على إجماع كامل، في حين تضمنت 4 توصيات أكثر من رأي بشأن آلية التنفيذ.

وأطلق السيسي، منذ استئنافه “الحوار الوطني” عام 2022، سراح عشرات السجناء السياسيين، ليس من بينهم معتقل ينتمي للتيار السياسي الإسلامي.

وكان “الحوار الوطني” رفع إلى السيسي 24 توصية تدعو لتخفيض مدد الحبس الاحتياطي إلى 4 أشهر في قضايا الجنح، بدلا عن 6 أشهر، وتخفيضها إلى 12 شهرا في قضايا الجنايات، بدلا عن 18 شهرا، وكذلك تخفيضها إلى 18 شهرا في القضايا التي تصل عقوبتها إلى المؤبد أو الإعدام، بدلا عن 24 شهرا.