دون اتفاق مسبق مع مصر، أو استجابة لأي مطالب تريدها مصر، احتفلت الحكومة الإثيوبية، الأحد الماضي، بانتهاء الأعمال الخرسانية والتقدم في عملية تشغيل السد.
وأعلن أبي أحمد أنه تم فتح بوابات في السد تطلق 2800 متر مكعب إضافي من المياه في الثانية، معتبرا أن هذا الإطلاق المنظم بعناية سيعزز بشكل كبير الإنتاجية الزراعية، ويعزز توليد الطاقة، ويحسن استخدام الموارد في جميع أنحاء المنطقة.
وزعم أن سد النهضة يؤدي دورا حاسما في إدارة تدفق المياه، وتخفيف مخاطر الفيضانات، وضمان حصول الدول الواقعة في مجرى النهر على إمدادات ثابتة من المياه، خصوصا أثناء فترات الجفاف، وهي التصريحات التي اعتبرها خبراء في المياه، رسالة طمأنة لكل من مصر والسودان، على عكس ما يذهب إليه خبراء المياة والسدود، من خصم كبير في حصة مصر المائية.
وقال وزير الموارد المائية والري السابق، محمد نصر علام، في تصريحات صحفية: إن “الهدف الرئيسي من الإعلان هو الإشادة بالإنجاز الإثيوبي وتشييد سد النهضة وعدد من التوربينات لتوليد الكهرباء”، مضيفا أن هناك “هدفا ثانويا، وهو محاولة إرسال رسالة طمأنينة لمصر والسودان، وتوفير إمدادات مياه ثابتة لهما” وشدّد على أن “الخطورة تتمثل في عدم اعتراف إثيوبيا بحصتي مصر والسودان، في مياه النيل، وبالتالي ما قد يتم توفيره من المياه لهما من خلال سد النهضة قد يكون أقل من احتياجاتهما”.
أما أستاذ هندسة السدود محمد حافظ، فاعتبر أن إعلان الحكومة الإثيوبية المفاجئ لشعبي مصر والسودان، مساء السبت الماضي، بفتح ثلاث بوابات من البوابات الست بالمفيض الغربي الجانبي حقق ثلاثة أهداف في آن واحد، وهي: “أولا، الانصياع لطلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإيقاف الملء الخامس عند منسوب منخفض عن 640 مترا، وثانيا إظهار حرص أديس أبابا إعلاميا على إرضاء الدولة المصرية، وثالثا إجراء الاختبار الفني والتأكد من سلامة البوابات المعدنية فوق المفيض الجانبي”.
مشيرا إلى أن “ظهور أبي أحمد الأحد الماضي في زيارة لسد النهضة والتصريح بتوقف الملء الخامس عند منسوب 633 مترا فوق سطح البحر، وليس 640 مترا مثل ما كان متوقعا، شكّل مفاجأة للجميع” وأوضح أن “رغبة إثيوبيا في تصريف المياه عبر بوابات المفيض الجانبي، وفي الوقت نفسه استكمال التخزين حتى 71 مليار متر مكعب، توضح أن الأمر ليس عطفا ومحبة من رئيس الوزراء الإثيوبي على شعبي مصر والسودان، بل أن الأمر ليس إلا رغبة فنية في اختبار البوابات الميكانيكية للمفيض الغربي الجانبي، التي تم الانتهاء من تركيبها في يوليو الماضي، ويجب اختبارها قبل إنهاء المقاول أعماله”.
وقال حافظ: إن “حديث أبي أحمد عن أنه قرر وقف الملء الخامس عند هذا المنسوب مع زيادة حجم البحيرة لقرابة 62 مليار متر مكعب وهي تكفي تماماً لتشغيل جميع التوربينات العلوية والمنخفضة على مدار العام المقبل من دون تأثير يذكر على دولتي مصر والسودان، جاء ليؤكد لدولة الممر (السودان) والمصب (مصر) أن دولة المنبع (إثيوبيا) لن تضر أيا منهما” وأشار إلى تأكيد أبي أحمد أن إثيوبيا قد تتقاسم تدفقات فيضان الصيف مع شركائها في النهر، وأنها ستصرف المزيد من مياه بحيرة التخزين في الأشهر المقبلة وخصوصاً بعد اكتمال أربعة توربينات بالكتلة الشرقية خلال هذه الأيام واحتمالية زيادتها لسبعة توربينات قبل نهاية العام الحالي، مما يعني مزيداً من المياه لمصر والسودان” ولفت حافظ في تصريحات اعلامية، إلى أنه في حالة استمرار الحرب الأهلية في السودان ستصل إلى بحيرة ناصر حتى نهاية يوليو 2025، كل تلك المياه بسبب عدم تخزين السدود السودانية أي مياه بسبب سوء الصيانة والتهديدات الأمنية، بينما في حالة توقف الحرب الأهلية في السودان في أي وقت قبل هذا التاريخ، ستكون هناك مشكلة مائية كبيرة ببحيرة ناصر، وعليه يمكن القول إن ما حجزته إثيوبيا في الملء الخامس ستعوضه المياه السودانية والتي حافظت على توازن بحيرة ناصر العام الماضي وربما أيضا العام المقبل.
ووفق تقديرات حكومية مصرية، فقد وصلت حصة مصر من مياه النيل كاملة مع زيادة هذا العام من مخزون السنوات السابقة.
ولا يعني وصول حصة مصر هذا العام بعد النقص في السنوات السابقة، الموافقة على أسلوب إثيوبيا في بناء وتخزين وتشغيل سد النهضة.
وأعلنت إثيوبيا الانتهاء من الأعمال الخرسانية في سد النهضة وتقدماً في عملية تشغيل المشروع، وقال كبير المفاوضين الإثيوبيين سيلشي بيكيلي، إنه تم الانتهاء من بناء السد الخرساني (السد الرئيسي)، باستثناء اللمسات النهائية لأعمال التشطيب، وكشف عن أن التوربينين الجديدين بسعة 400 ميغاوات لكل منهما، إضافة لتوربينين موجودين بسعة 375 ميغاواتا لكل منهما، مؤكداً تشغيل مزيد من التوربينات للوصول إلى سعة إجمالية تبلغ 5150 ميغاوات، “مما يجعلها أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في أفريقيا، مضيفا “ينتقل التقدم الآن من مرحلة البناء إلى مرحلة التشغيل”.
وتواجه مصر عجزا مائيا سنويا يتجاوز 30 مترا مكعبا سنويا، بسبب حجز أثيوبيا لمياه النيل خلف سد النهضة.
وترفض اأيوبيا مجرد الاعترف بحقوق مصر المائية التاريحية، وتراهن على تقسيم مياه النيل بششكل حصص عادلة، تعطي طل دولة من دول حوض النيل حصة من مياه النيل، تتناسب مع مشاركتها في المياه التي تسقط على أراضيها، وهو ما يحرم مصر من حصتها المائية، بعد أن يتحول مجرى النيل لبحيرة أثيوبية.