ذكرى اعتقالات سبتمبر 2017.. بدأت ب 6 واليوم وصلت لـ 400 عالم وداعية وأكاديمي سعودي

- ‎فيعربي ودولي

 

بدأت حملة اعتقالات في 9 سبتمبر 2017، وشملت الحملة اعتقال 6 من الأكاديميين السعوديين، بينهم الداعيان البارزان سلمان العودة وعوض القرني، حتى وصلت خلال الأيام الأولى إلى توقيف أكثر من 20 شخصا.

ووجهت السلطات الأمنية للشيخ سلمان العودة ود.عوض القرني وباقي الدعاة والشخصيات التي تم اعتقالها في المملكة ضمن خلية التجسس التي أعلنت رئاسة أمن الدولة ضبطها ، للاشتباه في قيامهم بأنشطة تجسس لصالح قوى أجنبية.

وأشادت هيئة كبار العلماء السعودية بالخطوات الأمنية في تغريدة بتويتر جاء فيها أن: “استهداف الوطن في عقيدته وأمنه ولحمته الوطنية؛ جريمة يؤخذ على يد مرتكبها؛ ولا تقبل هوادة في ذلك”.

الباحث في الشئون الاسلامية في السعودية “ستيفان لاكروا” قال: إن “السلطة في السعودية تريد كتم وإسقاط الأصوات المستقلة، وأضاف “إنها محاولة أوسع كثيرا لسحق الإسلاميين، بغض النظر عما إذا كانوا معارضين أم لا”.

وأضاف “لاكروا” أن الاعتقالات ستكون محاولة من جانب الأمير محمد والنظام لفرض نظام سياسي أكثر صرامة”.

 

وأشار مراقبون إلى أن الاعتقالات ضمن سياسة محمد بن سلمان الذي أراد تأسيس نظامه السياسي وفقا لرؤية تقوم على السيطرة الكاملة وعدم السماح بالمناطق الرمادية، ويأتي ذلك نتيجة شعوره بالاطمئنان من عدم خروج الشعب ضده، لذلك كان مفاجئا أن يعلن أخيرا أنه مستهدف بالقتل جراء التطبيع بحسب موقع صحيفة بوليتيكو الأمريكية.

المعارضة السعودية د.مضاوي الرشيد أستاذ زائر بمركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد قالت: إنه “ساد مناخ عام من الحساسية المفرطة وجنون العظمة تقريبا، لا مجال لأي نوع من المعارضة في الوقت الحالي”.

لاكروا أعاد الحديث عن أهداف حملة الاعتقالات، كونها أبرز توجهات سلطة جديدة يقودها ولي العهد المنتظر تتويجه قريبا على رأس السلطة وتنازل والده له، وأضاف، “يبدو اليوم في السعودية أن عدم تأييد ما يحدث ضد قطر علانية وبحماس يجعلك في الأساس عميلا لقطر، من لا يتخذون موقفا يقفون في المنتصف، ولا توجد منطقة وسطى للسعوديين الآن”.

وكانت كلماته إشارة إلى ترحيب سلمان العودة بالمصالحة التي ظهرت في الأفق جراء اتصال جرى بين الأميرين محمد بن سلمان ولي العهد وأمير قطر تميم بن حمد، وهو ما أيده الشيخ القرني من جانبه، إذ خرجت تصريحات سعودية قاطعة بشكل حاسم لأي أفكار حول التصالح مع قطر.

وشملت الاعتقالات التي لم تتوقف منذ ذلك الوقت نحو 400 من الشخصيات الدينية والأكاديمية والكتّاب، وأي شخص ينتقد الأداء العام للسلطات أو لا يلتزم بالاتجاه العام لها، بل طالت حتى القضاة والمسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال وأفرادا من الأسرة الحاكمة.

 

ولم تصبح الاعتقالات لمجرد الاحتجاز، بل تعدت إلى التعذيب الذي يجري في أماكن الاحتجاز غير الرسمية، ومنها قبو القصر الملكي، ومكان آخر مجهول يسمى بــ”الفندق”، بحسب منظمات حقوقية.

 

ومنذ عينه والده، الملك “سلمان”، وزيرا للدفاع في يناير 2015، اكتسب “بن سلمان” السلطة إلى درجة لم يسبق لها مثيل في التاريخ السعودي الحديث، أولا كولي لولي العهد، منذ أبريل 2015، ولاحقا كولي للعهد منذ يونيو 2017 وشكل اعتقال الدعاة والعلماء الخطوة الأولى في إبراز أهليته ليكون وليا للعهد.

 

وقالت تقارير: إن “ابن سلمان استفاد من دعم والده ورحيل الحرس القديم من كبار الشخصيات في آل سعود، لتعزيز سيطرته على سياسة الدفاع والاقتصاد والنفط، عبر إنشاء رئاسة لأمن الدولة وجهاز مستقل له، ولجنة للشؤون الاقتصادية والتنمية، وإعادة هيكلة الترتيبات الحاكمة لـ “أرامكو” السعودية”.

 

وقال مراقبون: إن “تركيز السلطة في يد بن سلمان تحول حاسم بعيدا عن نظام الضوابط والتوازنات غير الرسمي الذي منع في السابق أي زعيم من ممارسة سيطرة استبدادية حقيقية، فبعد وفاة الجيل الأكبر سنا، كانت هناك قيود أقل بكثير على ولي العهد، البالغ من العمر 34 عاما، وهو يرسم طريقه نحو السلطة ( كرسي الملك ).

 

وارتبطت السلطة مع مقدم بن سلمان بفك السعوديين شيئا فشيئا عما اعتادوه قبل وصول سلمان ونجله محمد، وهو ما عبر عنه في يوليو 2017، يوسف العتيبة السفير الإماراتي في واشنطن على شبكة (سي إن إن) بأن السعودية ستتحول إلى دولة علمانية، وسيتشكل معها حلفا عربيا شرق أوسطي جديد على مبادئ العلمانية وبعيدا عن الشريعة الإسلامية.

 

وروج الإعلام الرسمي السعودي لإدّعاءات ابن سلمان حول الإصلاح الليبرالي في السعودية، لكن منظمات حقوقية سعودية قالت: إن “الفترة التي تلت صعوده للسلطة نتج عنها قمع وحشي غير مسبوق للحريات، وأن أمن الدولة اعتقل مئات المدافعين والناشطين الحقوقيين تعسفيًّا”.

 

وقال مركز ويلسون للدراسات: إن “ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، ديكتاتور وعدو للديمقراطية ولا يتوجب إنهاء مقاطعته”.

 

وقال المركز في مقال: إنه يتوجب على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التفكير مليا قبل التخلي عن سياسة نبذ بن سلمان، محذرا من ضرر قد يلحقه الديكتاتور ابن سلمان بسياسة تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان عالميًا.

ومن بين الأهداف التي كانت الاعتقالات مبعثها هو نشر حالة من الخوف يتبعه السكوت داخل المجتمع السعودي تحت أمير يحاول الظهور بمظهر المسيطر على الأوضاع، بل ويسعي إلى فرض هيمنته الكاملة على النظام السياسي، بما يمكنه من الاقتراب من النموذج المصري في عهد السيسي، لذا سيتعرض أي حراك مهما كان صغيرا، لقمع أمني غير مسبوق في أغلب الأحيان.

ومبكرا قلل مراقبون من حدوث حراك فعلي بوجه بن سلمان وسياساته ضمن صراعات داخل الأسرة الحاكمة، فضلا عن حالة التململ من السياسات الطائشة  التي يتبعها بن سلمان، واحتمالات دعم أطراف داخل الأسرة السعودية لأي حراك، من أجل الضغط على بن سلمان لتغيير سياساته، إلا أن احتمالية حدوث ذلك تبدو ضعيفة، بحسب المراقبين.

حيث قيد بن سلمان حركة الأمراء المنافسين سواء بالاعتقال أو بالقهر والإبعاد، كما في حالتي الأمير عبدالله بن الملك فهد الذي تعرض للاعتقال على يد عناصر تابعة لمحمد بن سلمان، وحالة من سبقه إلى الإقامة الجبري والإخفاء القسري الأمير محمد بن نايف، ولي العهد السابق.