بعد اللحوم الحمراء والأسماك ..المصريون يقاطعون الدواجن بسبب ارتفاع الأسعار

- ‎فيتقارير

 

 

اضطر ملايين المصريين إلى التوقف عن شراء الدواجن عقب وصول سعر كيلو الفراخ البيضاء إلى أكثر من 110 جنيهات والبلدى إلى 150 جنيها، فيما كانوا قد قاطعوا اللحوم الحمراء، حيث سجل سعر الكليو 500 جنيه في بعض المناطق والأسماك عقب ارتفاع سعر كيلو سمك البلطي من 70 جنيها إلى 100 جنيه، وهو ما يعني توقف المصريين تماما عن تناول البروتين بأنواعه في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي .

ارتفاع أسعار الدواجن أدى إلى انخفاض القوة الشرائية للمستهلكين، بسبب غلاء المعيشة وارتفاع أسعار جميع السلع، بخلاف زيادة أسعار الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه والمواصلات، ما دفع الأسر البسيطة إلى فرض حالة من التقشف والامتناع عن شراء اللحوم والدواجن. 

كذلك أدى ارتفاع الأسعار إلى تراجع الإنتاج بنسبة تتجاوز 35%، بعد خروج 40% من المنتجين وجميعهم من صغار المربين من صناعة الدواجن بسبب الخسائر الكبيرة التي تكبدوها خلال العامين الماضيين. 

 

ارتفاع جنوني

 

في هذا السياق قالت «خلود» ربة منزل وأم لطفلين: إن “الارتفاع الجنوني في أسعار اللحوم الحمراء جعلهم يعتمدون على الدواجن التي ارتفعت أسعارها أيضاً ليصل سعر الكيلو لـ110 جنيهات ، فضلًا عن أسعار البيض والتي ارتفعت بشكل مبالغ فيه”. 

وأضافت «خلود»أن لديها أطفالا في عمر التكوين لا بد أن يتناولوا البروتينات حتى تنمو أجسادهم بشكل صحيح، مؤكدة أن ارتفاع الأسعار جعلها تتخلى عن وجودها على المائدة بصفة يومية. 

وقالت أم محمد 50 عامًا،: إنها “بعد وفاة زوجها لا تمتلك إلا المعاش الذي يعينها على تربية أبنائها الأربعة، موضحة أن الحصول على المتطلبات الأساسية للمنزل أصبح معاناة كبيرة بالنسبة لها بعد الغلاء الجنوني في كل شيء.

وأكدت أن اللحوم الحمراء لم تدخل منزلها منذ زمن بعيد بسبب أسعارها المبالغ فيها، وأنها كانت تشتري الهياكل والكبد والقوانص، لكن مع الغلاء أصبحت غير قادرة على شرائها أيضا فلجأت لشراء أرجل الفراخ فقط. 

 

وقالت «عبير» بإحدى قرى الجيزة: إن “راتبها وراتب زوجها لم يعد يكفي لسد احتياجاتهم الأساسية بسبب الارتفاع الجنوني في الأسعار، مشيرة إلى أنها كانت تعتمد على الفراخ البيضاء، التي تذبذبت أسعارها بين ارتفاع مبالغ فيه وانخفاض طفيف يعقبه ارتفاع جديد.

وأضافت أنها قاطعت شراء البيض والدواجن نهائيًا، لأنه أصبح يحتاج لميزانية خاصة، متسائلة كيف يلبي دخلنا الشهري كل احتياجاتنا الأساسية في ظل هذا الغلاء؟ 

 

جشع التجار

 

وقال الدكتور عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن باتحاد الغرف التجارية: إن “الارتفاع المبالغ فيه في أسعار بيع الدواجن للمستهلك يعود إلى ضعف الرقابة وجشع التجار الذين يضيفون أكثر من 20 و30 جنيهاً هامش ربح في الكيلو الواحد، في الوقت الذي قد يتعرض فيه المربي لخسائر كبيرة، مطالبا وزارة تموين الانقلاب بتشديد الرقابة على المحلات والتجار لضبط الأسعار في الأسواق”. 

وأكد السيد في تصريحات صحفية حدوث انخفاض كبير في الإنتاج وصل إلى 900 مليون دجاجة مقارنة بعام 2020 والذي بلغ الإنتاج فيه 1.5 مليار دجاجة، كما وصل الإنتاج الحالي من البيض الى  8.5 مليار بيضة مقارنة بـ14 مليار بيضة في السابق، وذلك بسبب التراجع الكبير في القوة الشرائية. 

وكشف أن السبب الرئيسي في تراجع الإنتاج هو خروج حوالي 40% من المنتجين من منظومة الإنتاج عقب أزمة الدولار عام 2022، والتي تسببت في توقف الاعتمادات اللازمة لاستيراد الأعلاف ومستلزمات الإنتاج وتكدس البضائع في الموانئ لفترات طويلة. 

وطالب السيد وزير زراعة الانقلاب بتشكيل مجلس إدارة لبورصة الدواجن في بنها من أجل وضع سعر عادل لها، والحد من الخسائر التي يتعرض لها المربي لاستعادة المربين الصغار، بجانب دعم صغار المنتجين العائدين لمنظومة الإنتاج من خلال تسهيل قروض الـ5% والعمل على تخفيض تكاليف الإنتاج. 

وأشار إلى أن السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار البيض هو قلة الإنتاج وارتفاع التكلفة، في ظل تراجع أعداد الجدود والأمهات للنصف تقريبًا، بعدما بلغ عدد الأمهات حاليًا 7 ملايين مقارنة بـ14 مليون في وقت سابق، كما أن عدم وجود رقابة وضوابط بالأسواق، أتاح الفرصة لمحتكري السوق لاستغلال الأزمات ورفع الأسعار كيفما يشاءون، رغم أن تكلفة البيضة حوالي 3 جنيهات و20 قرشاً لكنها تصل للمستهلك بأكثر من 6 جنيهات. 

وأوضح السيد أن صناعة الدواجن من الممكن أن تصبح أحد أهم مصادر العملة الصعبة من خلال تصدير فائض الإنتاج، مشددا على ضرورة هيكلة وتطوير الصناعة، وعودة صغار المربين الذين خرجوا من المنظومة بجانب توفير مستلزمات الإنتاج داخليًا من خلال استصلاح الأراضي الصحراوية وإنتاج الذرة والصويا بدلًا من استيرادها.  

وتوقع ارتفاع أسعار الدواجن في الفترة القادمة في ظل ارتفاع سعر الدولار، والذي يترتب عليه زيادة في أسعار مستلزمات التشغيل التي يتم استيرادها من الخارج. 

 

خسائر فادحة

 

وانتقد محمد رمضان صاحب مزرعة بمحافظة الدقهلية إهمال حكومة الانقلاب لصناعة الدواجن، وغياب دورها الرقابي على الأسواق وعلى شركات توريد مستلزمات الإنتاج ومصانع الأعلاف وشركات الأدوية البيطرية، مؤكدا أن هذا الإهمال يكبد صغار المربين خسائر فادحة لأنهم الحلقة الأضعف في المنظومة والأكثر تأثرًا رغم أنهم عصب الصناعة. 

وكشف «رمضان» في تصريحات صحفية أن تكلفة الدورة الواحدة لإنتاج 5000 دجاجة فقط تبلغ حوالي 700 ألف جنيه تشمل 150 ألف جنيه قيمة الكتاكيت و430 ألف جنيه أعلاف و80 ألف جنيه أدوية وتحصينات بخلاف المصاريف الأخرى التي تصل إلى 20 ألفاً. 

وطالب حكومة الانقلاب بالقيام بدورها في تنظيم السوق ووضع أسعار عادلة تحافظ على استمرار صغار المربين من خلال وجود بورصة حقيقية تشرف عليها دولة العسكر وليس مجموعة من السماسرة، بجانب الرقابة على جميع أفراد المنظومة بداية من مستوردي مستلزمات الإنتاج والأعلاف والأدوية مرورًا بالقطاع الطبي من خلال توفير الأطباء البيطريين بما يتناسب مع الأعداد الكبيرة في عنابر التسمين المنتشرة في أغلب القرى.  

وأشار «رمضان» إلى أن بعض الشركات الكبرى لا يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة تستحوذ على نصف سوق صناعة الدواجن، وهذه الشركات لا تكتفي بدورها في إنتاج الأمهات والكتاكيت، ولكنها تتحول إلى مربٍ أيضاً، للحفاظ على سعر الكتكوت من الانخفاض لأنها تمتلك إمكانيات ضخمة وعمالة مدربة تساعدها على إنتاج كميات كبيره وبأسعار أقل من صغار المربين الذين يتعرضون لاستغلال السماسرة وضعف القوة الشرائية للمستهلك، لأن المُنتج غير قابل للتخزين. 

 

أدوية ولقاحات

 

وأكد الدكتور مصطفى مخلوف، نقيب البيطريين السابق بمحافظة الفيوم ، أن الرقابة على مزارع الدواجن ضعيفة للغايه بسبب قلة أعداد الأطباء البيطريين مقارنة بالأعداد الكبيرة للمزارع المنتشرة بمحافظة الفيوم، حيث يتواجد 6 أطباء فقط  للإشراف والرقابة الصحية على مئات المزارع. 

وقال مخلوف في تصريحات صحفية: إن “العديد من مزارع الدواجن تعمل بشكل عشوائي ولا تتوفر بها الاشتراطات اللازمة والعديد منها لا يخضع للفحص البيطري، موضحا أنه من المفترض أن تقوم الإدارة الصحية في كل منطقة بالحصول على عينات من كل مزرعة والاطمئنان على سلامة تلك العينات قبل منحها ترخيص الذبح وخروجها للأسواق”.  

وأوضح أن الارتفاع الجنوني في أسعار الأدوية البيطرية واللقاحات ساهم في زيادة تكلفة الإنتاج، مما أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار الدواجن.