الاحتكار وتعطيش السوق وغياب الرقابة… الارتفاع الجنونى فى الأسعار مسؤولية حكومة الانقلاب

- ‎فيتقارير

في ظل موجات الغلاء وارتفاع الأسعار المستمرة، تثور تساؤلات بين المصريين حول متى ستتراجع الأسعار؟ وهل هناك أمل في ذلك؟ وكيف ستكون أحوال المواطنين إذا استمرت هذه الارتفاعات؟

وقد حمل الخبراء من جانبهم حكومة الانقلاب المسئولية الكاملة عن الارتفاع الجنوني في الأسعار، مؤكدين أن سياساتها فاشلة وتتسبب في خلق أزمات وتحميل المواطنين ما لا يستطيعون تحمله.

وأشاروا إلى أن الأسعار تتحرك بشكلٍ شبه يوميّ، حتى أن العديد من محال البقالة أصبحت لا تضع أسعارًا محددة على السلع، تحسبًا لارتفاعها في أي لحظة، موضحين أن أغلب السلع تضاعفت أسعارها في غضون أيام قليلة ولأسباب غير معروفة، ويبدو أن هناك من يفتعل هذه الأزمات.

 

وأرجع الخبراء ارتفاع الأسعار إلى غياب الرقابة وفشل حكومة الانقلاب في السيطرة على احتكار كبار التجار للسلع الأساسية والاستراتيجية، لافتين إلى وجود عشوائية في التسعير وزيادات غير منطقية يفرضها كبار التجار والمصنعين على السلع والمنتجات.

وأكدوا أن الأزمة الحقيقية تكمن في قيام كبار التجار بتخزين كميات ضخمة من السلع لتعطيش السوق وبيعها بأسعار تقترب من ضعف السعر الرسمي، مما يتطلب وجود رقابة قوية على السوق.

 

عشوائية التسعير

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الشافعي أن عدم قدرة حكومة الانقلاب على الرقابة والتفاعل مع السوق هو أحد أهم أسباب ارتفاع الأسعار، مشيرًا إلى أن الحكومة لم تتمكن من السيطرة على بعض التجار الذين يتحكمون بعدد كبير من السلع الأساسية والاستراتيجية، مما تسبب في موجات من الزيادات في جميع أسعار السلع.

وشدد الشافعي، في تصريحات صحفية، على ضرورة تفعيل الرقابة الإيجابية للحد من الزيادات العشوائية في الأسعار.

وأضاف أن السوق المحلية لن تشهد أي تراجع في الأسعار قبل إحكام الرقابة والقضاء على عشوائية التسعير والزيادات غير المنطقية التي يفرضها كبار التجار والمصنعين على السلع والمنتجات.

وعبر الشافعي عن أسفه لأن السوق لم تعد تشهد أي نوع من الرقابة أو الانضباط، مما أدى إلى تعدد الأسعار لنفس المنتج، موضحًا أنه في ظل هذه العشوائية، لا يمكن الحديث عن أي تراجع في الأسعار، بل بالعكس، يتوقع أن تشهد السوق المزيد من الارتفاعات خلال الفترة المقبلة.

 

الاحتكار

وأكد أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين السابق، أن جميع الأزمات المتعلقة بالسلع في مصر مرتبطة بشكل مباشر باستمرار توسع ظاهرة الاحتكار.

وأوضح شيحة، في تصريحات صحفية، أن غياب الرقابة القوية على السوق أدى إلى شح بعض السلع رغم ارتفاع أسعارها بنسب قياسية.

وأشار إلى أن الأزمة لا ترتبط بشكل مباشر بسوق الصرف أو بارتفاع سعر الدولار، وإن كان لذلك تأثير غير مباشر، مؤكدًا أن الأزمة الحقيقية تكمن في قيام عدد كبير من كبار التجار بتخزين كميات ضخمة من السلع لتعطيش السوق وبيعها بأسعار تقترب من ضعف السعر الرسمي، وهو ما يتطلب وجود رقابة قوية على السوق.

 

فوضى الأسعار

وأشار محمد المصري، نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية، إلى أن “الفوضى في الأسعار” بدأت بوجود سعرين للدولار أمام الجنيه، رسمي وموازٍ، إلى أن تم تعويم الجنيه وتراجع سعر الدولار في السوق السوداء، لكنه اقترب من الخمسين جنيهًا في البنوك. وعبر عن أسفه لأن البعض يعتقدون أن التجار هم السبب الرئيسي في الأزمة.

وقال المصري، في تصريحات صحفية: للأسف يلقي البعض اللوم على التجار في ارتفاع الأسعار المستمر ويتهمونهم باستغلال الفوضى وانعدام الرقابة في السوق المصرية لرفع الأسعار بغير حق.

وأضاف: لا أعفي التجار من المسؤولية، لكن اللوم الأكبر يقع على عاتق حكومة الانقلاب، لأنها المسؤولة عن توفير النقد الأجنبي للتجار، ثم الرقابة ووضع سياسات لمنع الاحتكار والتحكم في السوق.

 

تضخم جامح

وأكد الدكتور مدحت نافع، أستاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة القاهرة، أن نسبة التضخم الحقيقية في مصر تتجاوز 50٪، وهي ما تعرف بحالة التضخم الجامح، معتبرًا أن الارتفاع اللحظي للأسعار أمر طبيعي في ظل هذا التضخم الخارج عن السيطرة.

 

وأشار نافع، في تصريحات صحفية، إلى أن السبب في هذا الوضع يعود إلى عدة عوامل، أبرزها نقص الدولار، الذي أدى إلى ارتفاع كبير في سعره، مؤكدًا أن مصر تعاني نقصًا حادًا في العملة الصعبة بسبب تراجع عائدات النقد الأجنبي، وعلى رأسها السياحة وتحويلات المصريين بالخارج، ومؤخرًا عائدات قناة السويس بعد هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر.

وأضاف أن الحلول التي تلجأ إليها حكومة الانقلاب لحل أزمة الأسعار، بما فيها تحرير سعر صرف الجنيه، هي حلول مؤقتة ولن تؤدي إلى حل جذري للأزمة.

وأشار نافع إلى أنه عندما تعرض المنافذ الحكومية السلع بأسعار أقل من المعروضة في السوق، يتكالب المواطنون على شرائها حتى نفاد الكمية، ثم تعود الأسعار للارتفاع.

وحذر من اللجوء للحل الأمني بالقبض على التجار بتهم تخزين مواد غذائية، مؤكدًا أن هذا الإجراء لن يؤدي إلا لامتناع المزيد من التجار عن عرض السلع وبالتالي ارتفاع الأسعار.