للمرة الثانية منذ الحرب على غزة تدعو السعودية، لعقد «قمة متابعة عربية إسلامية مشتركة» في 11 نوفمبر المقبل، لبحث استمرار العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية ولبنان، والتطورات الراهنة في المنطقة، وسط تساؤلات عن جدوى انعقادها، حيث إن القمة الماضية، انتهت بدون توصيات أو جدوى .
وفي 11 نوفمبر 2023 ، كانت الرياضُ قد استضافت قمَّة “عربية – إسلامية” غير عادية لمناقشة العدوان الإسرائيلي على غزة بعد أكثرَ من شهر على بدئه،ورغم أن الدافع لجمع القمتَين العربية والإسلامية، كان توحيد الجهود بهذا الخصوص، إلا أنَّ بنود القرار الختامي للقمة كان صادما حيث جاء أبعد ما يكون عن الفعل والتّأثير.
وشجعت المخرجات والدلالات الواضحة للقمة الماضية دولةَ الاحتلال على تشديد الحصار على غزّة، وتشجيعها على المزيد من المجازر وجرائم الحرب، والتدمير والإبادة الجماعية بحق الأطفال والنساء.
قمة البيانات والتصريحات
ورغم أن القمّة الماضية تميّزت بمشاركة رفيعة المستوى من قيادات الدول العربيّة والإسلاميّة، حيث شاركت معظم الدول المؤثّرة على مستوى الرؤساء، ما أضافَ لمعنى جمْع القمتَين في قمة واحدة، وقد يكون ذلك وراء رفعِ سقف التوقّعات بخصوص مخرجاتها لدى البعض.
فغلبت على القمة الصياغاتُ الكلاميّة والخطابيّة، مثل المطالبات والمناشدات والتأكيدات والدعوات وإعلان الدعم، في غياب شبه كامل لأيّ خطوات عمليّة يفترض أن تضطلع بها القمة التي جمعت قيادات 57 دولة عربية وإسلامية، إزاء قضية جامعة كالقضية الفلسطينية، وإجراءات الاحتلال التي وُصفت بكل ما سبق في المقدّمة والديباجة، فضلًا عن الوقائع الميدانيّة.
كما أن القرارُ العمليّ الوحيد والمتمثّل في كسر الحصار وإدخال المساعدات جاء فضفاضًا لم تُشرح آليّتُه ولم تُطرح وسائل تطبيقه ولا كيف سيواجه التعنّت الإسرائيلي القائم بخصوص إدخال المساعدات للقطاع، فكان أقرب للرغبة والدعوة منه لخُطة عمليّة.
كما أنَّ بنود القرار خلت تمامًا من أي عقوبات على دولة الاحتلال أو داعميها، بل ومن مجرد التلويح بالعقوبات، حتّى في البند الذي يطالب بوقف تصدير السلاح والذخائر إلى سلطات الاحتلال، مكتفيةً بالإشارة في البند 12، إلى استنكار ما أسمته ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي، والتأكيد على أنَّ مواقف الدول العربية والإسلامية ستتأثر بالمعايير المزدوجة التي تؤدي إلى صدْع بين الحضارات والثقافات.
بالإضافة لتلك التصريحات المخزية، فإن الخطوات الدبلوماسية البسيطة المتعارف عليها مثل سحب السفراء أو طردهم أو التلويح بتجميد العلاقات الدبلوماسية أو قطعها لم يُؤْتَ على ذكرها صراحةً في القرار، بل استُخدمت صياغة فضفاضة، مثل: “دعوة الدول الأعضاء في المنظمة والجامعة لممارسة الضغوط الدبلوماسية على سلطات الاحتلال”.
وعليه، تكون مخرجات “القمة العربية – الإسلامية” كلامية إنشائية في غالبيتها الساحقة، مفتقرة لمسارات عملية واضحة الخطوات وقادرة على الفعل والتأثير.
وتأتي القمة الجديدة مع استمرار الاحتلال عدوانه على الأراضي العربية ودخوله في اشتباكات مع فصائل في لبنان بينها حزب الله، حيث وسع جيش الاحتلال عدوانه العسكري منذ 23 سبتمبر الماضي ليشمل معظم مناطق لبنان بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية، كما بدأت غزوا بريا في جنوبه.
وأسفرت الحرب على لبنان إجمالا عن ألفين و792 قتيلا و12 ألفا و772 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلا عن نحو مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر الماضي، كما أسفر هذا العدوان عن مقتل وإصابة أكثر من 144 ألف فلسطيني.
حل الدولتين
ومع مرور أكثر من عام تتجدد الدعوات للاعتراف بالدولة الفلسطينية، تزامنا مع دعوة السعودية لقمة عربية إسلامية طارئة، وبعد أن انضمت دول أوروبية مثل إسبانيا وإيرلندا والنرويج إلى أربع دول من منطقة الكاريبي هي جامايكا وترينيداد وتوباغو وبربادوس وجزر الباهاما، في خطوة تاريخية تعكس التوجهات العالمية نحو دعم القضية الفلسطينية.
خلال اجتماع التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين الذي انعقد الأسبوع الماضي، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله آل سعود أن السعودية تتابع من كثب التطورات الخطرة التي تشهدها المنطقة، مشيراً إلى أن العدوان الإسرائيلي المستمر على الأراضي الفلسطينية المحتلة اتسع ليشمل الجمهورية اللبنانية، مما يهدد سيادتها وسلامة أراضيها.
وأوضح الأمير فيصل أن هذه الاعتداءات تشكل تهديداً للأمن والاستقرار الإقليمي، مشدداً على إدانة السعودية واستنكارها الجرائم والانتهاكات التي تعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق، وكذلك الاعتداءات التي يتعرض لها الأشقاء داخل لبنان.
وفي هذا الاجتماع أعلن الوزير السعودي عن الدعوة لعقد قمة متابعة عربية إسلامية مشتركة في السعودية بتاريخ الـ11 من نوفمبر 2024 لمناقشة استمرار العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية واللبنانية، وتطورات الأوضاع في المنطقة.