مع فساد حكومة الانقلاب وغياب الرقابة ..خبراء يحذرون : تحرير سعر الأسمدة كارثة كبيرة على القطاع الزراعي

- ‎فيتقارير

 

مع الارتفاع الكبير في أسعار الأسمدة في السوق السوداء وغياب الرقابة من جانب حكومة الانقلاب، يواجه الفلاحون أزمة كبيرة في الحصول على الأسمدة اللازمة لأراضيهم، وهو ما يهدد بتراجع الإنتاج وزيادة التكلفة من ناحية، وارتفاع الأسعار بالنسبة لكل السلع والمنتجات من ناحية آخرى .

هذه الأزمة دفعت البعض إلى المطالبة بتحرير سعر الأسمدة، وهو ما حذر منه الخبراء خاصة أن سوق الأسمدة تشهد تباينا في حجم المعروض في الأسواق، ما أدى إلى وجود عدة أسعار بخلاف الأسعار الرسمية، بجانب المطالب المتواصلة بتحريك أسعار السماد بعد زيادة أسعار الوقود.

ويتوقع الخبراء أن تشهد أسعار الأسمدة ارتفاعا جديدا يوازي زيادة أسعار الوقود، وأن تطالب الشركات المنتجة للأسمدة، وزارة زراعة الانقلاب برفع سعر التوريد للجمعيات الزراعية .

وحذروا من أن ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل، بالتزامن مع رفع أسعار الأسمدة، سيتبعه ارتفاعات كبيرة في أسعار المنتجات الزراعية بالسوق المحلي.

 

 

فساد كبير

 

كان حسين عبدالرحمن أبوصدام، نقيب الفلاحين، قد طالب بتحرير سعر الأسمدة، مع إيقاف تزويد المصانع بالغاز المدعم من حكومة الانقلاب، وإعطاء الدعم نقديا للمزارعين .

وأكد أبوصدام في تصريحات صحفية أن هناك فسادا كبيرا، ومعظم الأسمدة لا تصل إلى المزارعين المستحقين، بالتالي لدينا سعران (المدعم – السوق الحر)، وفرق السعر يحرض على الفساد الإداري والمالي.

وتوقع وصول سعر طن الأسمدة إلى 12 ألف جنيه، وبالمقابل ينخفض في السوق الحر إلى 12 ألف جنيه أيضا، مشيرا إلى أن أصحاب الشركات دائما ما يطالبون برفع سعر التوريد، حتى وإن كانت الأسعار مستقرة، لكن دولة العسكر تشكل لجنة لتقدير التكلفة الفعلية، بموجب بروتوكول محدد.

 

السعر العالمي

 

في المقابل أكد زهير ساري صاحب مصنع أسمدة عضوية، أن الزيادة في أسعار الأسمدة ستكون 80 جنيها في الطن فقط، فرق أسعار الوقود، مشيرا إلى أن نقابة الفلاحين ليس لها أي علاقة بمنظومة توزيع الأسمدة، فهي تخص وزارة زراعة الانقلاب والقطاعات التعاونية الثلاثة.

وقال ساري في تصريحات صحفية: إن “من حق الشركات المنتجة للأسمدة عندما تسمع تلك التصريحات أن ترسل لوزارة زراعة الانقلاب تطالب بزيادة سعر التوريد، موضحا أنه إذا كانت شيكارة السماد بـ 1300 جنيه في السوق الحر، وتتسلمها زراعة الانقلاب بـ260 جنيها من الشركات، فمن الطبيعي أن تطلب الشركات زيادة السعر”.

وأشار إلى أن الارتفاع المتوقع لن يتجاوز أربعة جنيهات في شيكارة السماد، بإجمالي 80 جنيها في الطن بما يتوازى مع زيادة فرق سعر الوقود، مؤكدا أن التعاونيات لن نقبل بأكثر من الزيادة المناسبة، وفي حالة التحرير لن نقبل أزيد من السعر العالمي.

 

كارثة كبيرة

 

وحذر أستاذ الاقتصاد الزراعي الدكتور علي إبراهيم، من مقترح نقيب الفلاحين، بتحرير سعر الأسمدة، لمواجهة السوق الحر وجشع الشركات المنتجة .

وقال إبراهيم في تصريحات صحفية: إن “من أثار ذلك ارتفاع أسعار الأسمدة وتكلفة الإنتاج والنقل ومستلزمات الزراعة والعمالة ومنتجات الحاصلات الزراعية، مؤكدا أن تحرير سعر الأسمدة كارثة كبيرة على القطاع الزراعي في مصر”.

وأكد أن المشكلة ليست في توافر الأسمدة ولا في تكاليف الإنتاج، موضحا أن 80% من المحاصيل الزراعية تأخذ مقرارات الأسمدة بالسعر المدعم الرسمي، ومع تحرير سعر الأسمدة تصبح 80% سعر حر، وبالتالي ارتفاع الأسعار إلى 120% على الأقل، إضافة إلى الاستغلال وإن السعر حر، حتى مع إعطاء الدعم للفلاح.

وشدد إبراهيم على أن المشكلة تكمن في الرقابة على الحصص الموزعة على الجمعيات الزراعية وسوء التوزيع، والحل ليس في تحرير سعرها، مطالبا دولة العسكر بأن تتبنى مشروعا قوميا لإنتاج طاقة شمسية مجمعة من طاقة الرياح والغاز الطبيعي والكهرباء بنسبة 5% فقط، وذلك يساعد في تحويل صناعة السماد من طاقة معتمدة على الغاز الطبيعي إلى طاقة شمسية، فهي أرخص وأنظف وأسهل.

 

الغاز الطبيعي

 

وحذر الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب من أن ارتفاع أسعار الأسمدة باعتبارها من أهم مقومات الزراعة على مستوى دول العالم ومنها مصر، سوف يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، مما ينعكس بدوره على زيادة أسعار كافة السلع الزراعية، وفي مقدمتها الخضروات والفاكهة.

وقال عبد المطلب في تصريحات صحفية: إن “استمرار وتيرة الحرب الروسية الأوكرانية وحرب الإبادة الصهيونية في قطاع غزة ولبنان، وارتفاع أسعار الغاز الطبيعي أدت إلى ارتفاعات ملحوظة في أسعار الأسمدة، وهو ما ينعكس على أسعار المحاصيل الزراعية، إضافة إلى التغيرات المناخية التي تؤثر على الإنتاجية الزراعية، وارتفاع أسعار الخضروات وبعض المحاصيل الزراعية”.

وأشار إلى إن هناك عوامل قد تقلل من أثر زيادة أسعار الأسمدة على أسعار المنتجات الزراعية، وفي مقدمتها زيادة إنتاجية الفدان، مما يقلل التكلفة، و يؤدي إلى استقرار الأسعار بالأسواق، موضحا أن هذا يتطلب جهودا كبيرة ودعما من حكومة الانقلاب للبحث العلمي.

 

الجودة والإنتاجية

 

واعتبر حسن بيومي، عضو مجلس إدارة الاتحاد التعاوني الزراعى المركزي، وعضو الجمعية العامة للبطاطس، أن تحرير أسعار الأسمدة بمثابة عبء جديد على الفلاحين، في ظل الارتفاع الكبير لأسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي، محذرا من أن تحرير الأسعار سوف يؤثر سلبًا على قدرة المزارعين على تلبية احتياجات أراضيهم من الأسمدة، وبالتالي ضعف الجودة والإنتاجية المحصولية لمختلف الزراعات.

وقال بيومي في تصريحات صحفية: إن “اللجنة التنسيقية للأسمدة بوزارة زراعة الانقلاب، والتي تضم في عضويتها مسئولين بالوزارة والشركات المُصنعة والقطاعات التعاونية الزراعية، قررت منذ شهر زيادة أسعار الأسمدة الآزوتية من 3200 إلى 4800 جنيه للطن رغم اعتراض الفلاحين وشريحة كبيرة من القيادات التعاونية الزراعية، متسائلاً: لماذا الآن الحديث عن تحرير سعر الأسمدة الذي يضيف أعباء جديدة لا يقدر المزارعون على تحملها ؟”.

وشدد على ضرورة إعادة النظر في طبيعة القطاع الزراعي، كقطاع إنتاجي خدمي في المقام الأول، موضحا أنه إذا كان الحديث لا يتوقف على السوق الحُر وتحكمات العرض والطلب، فلابد أن يسبق ذلك منظومة تسويق محكمة لجميع الحاصلات الزراعية، تضمن للمزارعين تسويق محاصيلهم بأسعار عادلة تحقق لهم هامش ربح مناسب وتعوضهم عن ما يتحملونه من خسائر بفعل الأحوال الجوية الناتجة عن التغيرات المناخية، وكذلك انخفاض أسعار المحاصيل بفعل زيادة العرض عن الطلب.