عادت ال إضرابات في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في سجون المنقلب السفاح السيسى ، حيث جدّد سجناء داخل مركز بدر 3 إضرابهم عن الطعام، في إطار سلسلة إضرابات شبه مستمرة بشكل أساسي داخل مركزي بدر 1 وبدر 3، بخلاف إضرابات متفرقة ما بين وادي النطرون وغيرها من مراكز الإصلاح. وطبقاً للمفوضية المصرية لحقوق الإنسان، فإن إضراب السجناء في سجن بدر 3 يرجع إلى الأوضاع الصعبة التي يعيشها سجناء مركز الإصلاح والتأهيل في السجن نفسه، والانتهاكات التي تشمل سوء المعاملة والتعنت مع الأهالي ورفض إدخال الأكل، ما دفعهم للإضراب عن الطعام مجدداً بعد سلسلة احتجاجات مستمرة خلال العامين الماضيين، أي منذ افتتاح السجن.
ونشرت خريطة التعذيب التابعة للمفوضية خطاً زمنياً للاضرابات في سجن بدر، بدأت في أكتوبر/ 2022، حيث توفي السجين علاء السلمي نتيجة الإضراب ومنع الرعاية الطبية عنه.
وكان الإضراب احتجاجاً على سوء المعاملة والوضع الصعب في السجن الذي وصفه السجناء في رسالة مسربة بأنه “أسوأ من سجن العقرب”.
وتشمل الانتهاكات منع التريض والكانتين (متجر السجن)، ووضع كاميرات مراقبة وإضاءة مستمرة مدة 24 ساعة، مع أبواب زنازين بلا أي فتحات للتهوئة أو التواصل مع من في الخارج، وإيقاظهم في الصباح الباكر يومياً ثم إدخالهم ثانية”.
وبسبب حدة تصعيد إدارة السجن ضد السجناء التي وصلت إلى حد منع الزيارات ومنع أي رعاية طبية ومنع التريض، حاول عشرات السجناء في سجن بدر الانتحار الجماعي خلال شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار من العام نفسه. ومع ذلك، لم تهتم إدارة السجن بحياة المواطنين المصريين، بل نكلت ببعضهم ونقلتهم إلى التأديب، وعمدت إلى ترحيل وتغريب العشرات مع عزل السجناء عن العالم الخارجي.
وطبقاً لخريطة التعذيب، انتقلت الانتهاكات من بدر 3 إلى بدر 1، فدخل السجناء في إضراب جديد في يونيو 2024 بسبب الأوضاع القاسية في السجن، ما بين التفتيش الذاتي المهين وخفض أوقات التريض وقلة كميات الطعام والتعنت مع الأهالي في الزيارات والتنصت عليهم. إضراب تواجهه إدارة السجن بالتصعيد ما بين تغريب العشرات منهم لسجون بعيدة، وقطع الكهرباء والمياه والتعيين (أكل السجن) عن الباقين”.
وإلى جانب الانتهاكات في مركز الإصلاح والتأهيل بدر، رصدت خريطة التعذيب انتهاكات مماثلة في مركز إصلاح وتأهيل وادي النطرون، الذي دخل سجناء سجن 2 فيه، في فبراير/ شباط الماضي، في إضراب عن الطعام، بسبب انتهاكات مطابقة لانتهاكات بدر، وسط تجاهل تام لمطالبات حقوقية وانتقادات محلية ودولية ومناشدات لوقف كل هذا الظلم.
لكن، طبقاً للمفوضية، لاقى هذا الاقتراح رفضاً مطلقاً من قبل ممثل الأمن، مع التوضيح للمضربين أن عمل لجنة الحوار الوطني لا يشمل أمثالهم من السياسيين، وعدم انطباق النص القانوني الخاص بالحبس الاحتياطي ومدته القصوى عليهم لكونهم سياسيين وليس جنائيين. وصاحب الرفضَ تأكيد أن إخلاء سبيل أي شخص لن يمنع إعادة تدويره في قضايا أخرى. ورد المضربون على ذلك بتأكيد استمرارهم في الإضراب بالرغم من التهديدات لهم بالعقاب والوضع في التأديب والتغريب من السجن.
وأشارت المفوضية إلى أنه “مع بداية عام 2022، راودت السجناء أحلام عديدة للحياة في مكان آخر وأفضل، سواء مع تفعيل لجنة العفو الرئاسي خلال إفطار الأسرة المصرية، وبالتبعية انتظار الخروج خارج أسوار السجن، أو باحتمالات تحسن الأوضاع مع نقلهم إلى مراكز الإصلاح والتأهيل الجديدة. لكن كل تلك الأحلام ذهبت مع الريح، إذ لم تتحسن الأوضاع مع نقل السجناء إلى المراكز الجديدة، بل نستطيع القول إنها ازدادت سوءاً، كما أن لجنة العفو الرئاسي استطاعت إخراج عدد ضئيل من السجناء، فيما دخل أكثر منهم عدداً”.
وطبقاً لخريطة السجون، “يصل إجمالي عدد السجون التي جرى إنشاؤها منذ عام 2013 حوالي 57 سجنا، من بينها أربعة سجون عمومية، وثلاثة سجون مشددة الحراسة، وخمسة مجمعات مراكز إصلاح وتأهيل تضم 27 مركزاً، و24 سجناً مركزياً ومركز إصلاح جغرافي”.
الخريطة نفسها أكدت أن عشرات السجناء أقدموا كذلك على الانتحار، كما أعلن العشرات إضرابهم المفتوح عن الطعام، وذلك على خلفية الظروف المعيشية المتدنية التي يعانونها، بدءاً من الإضاءة المستمرة، وكاميرات المراقبة التي تعمل طوال اليوم، هذا بالإضافة إلى التوسع في منع العديد من الأطعمة التي يجلبها الأهالي خلال الزيارات. ومنعت إدارة السجن العديد من السجناء من استقبال زيارات عائلية. وطالب السجناء بتمكينهم من حقوقهم القانونية الأساسية، كالسماح لهم بالزيارات العائلية، والتواصل مع محاميهم، والخروج إلى التريض، فضلًا عن تلقي رعاية طبية ملائمة.
وبشأن تطورات إضراب سجناء سجن بدر 1، أشارت المفوضية المصرية للحقوق والحريات إلى لقاء بين عدد من السجناء السياسيين المضربين مع مسؤولي الأمن الوطني بسجن بدر، في إطار طلب الأمن إنهاء الإضراب منهم. وعلى أثر الاجتماع، بحثوا كيفية إنهاء الإضراب، وتقدم السجناء السياسيون بمقترح لتكوين لجنة من عدة شخصيات؛ الأول ضابط ممثل عن جهاز الأمن الوطني، الثاني نائب من مجلس الشعب من المسؤولين عن ملف حقوق الإنسان داخل المجلس، والثالث من ممثلي منظمات حقوق الإنسان، والرابع عضو من لجنة الحوار الوطني، والخامس محامي حر من المهتمين بملف قضايا المعتقلين السياسيين، على أن تقوم هذه اللجنة بفحص ومناقشة ملفات قضايا السجناء السياسيين، وتدابير أي آلية لإخلاء سبيلهم، خصوصا أن كثيرا منهم قد تجاوز المدد المنصوص عليها قانوناً.