في تطورٍ مقلق يضاف إلى سلسلة الانتهاكات التي تشهدها الحريات الصحفية في مصر، وبمناسبة يوم الكاتب السجين، الذي يوافق 15 نوفمبر من كل عام طالبت العديد من المنظمات الحقوقية بالإفراج الفوري عن جميع الصحفيين والإعلاميين الذين تم اعتقالهم ، مطالبين بوقف تتبعهم قانونيًا.
تأتي هذه المطالب في وقت يعيش فيه الصحفيون المعتقلون ظروفًا قاسية داخل السجن، حيث دخل العديد منهم في إضراب جوع مفتوح احتجاجًا على الإهمال الطبي والظروف القاسية والمعاملة السيئة التي يعيشونها.
هذا الوضع المذري المتدهور يعكس، للأسف، حقيقة الوضع الذي يعاني منه العديد من السجناء السياسيين في ظل النظام القمعي، إن ما يعيشه الصحفيين المعتقلين ليس مجرد حالة خاصة، بل هو جزء من مسلسل مستمر من القمع والتضييق على الصحافة والإعلام في مصر.
ففي الوقت الذي كان فيه يُفترض أن تعيش البلاد في مناخ من الحرية والعدالة بعد الثورة، نجد أن سلطة الانقلاب اليوم ماضية في تتبع نفس أساليب القمع التي أدت إلى سقوط نظام المخلوع محمد حسني مبارك.
والمعتقلون الصحفيون ليسوا وحدهم في هذا المعترك، بل هناك العديد من الفئات الأخرى الذين تم اعتقالهم أو استهدافهم بسبب مواقفهم المهنية أو السياسية، في ظل حملات تهدف إلى إسكات كل صوت ناقد أو معارض، تزايد الاعتقالات والمضايقات ضد الصحفيين يعكس بيئة معادية للصحافة الحرة في مصر، ويكشف عن تراجع حاد في حقوق الإنسان وحريات التعبير.
التقارير والبيانات التي تصدرها منظمات حقوق الإنسان، تُظهر بوضوح كيف أن مصر تعود إلى ما قبل الثورة، حيث كانت الصحافة تحت رقابة مشددة، وكان الصحفيون يواجهون السجون والتهديدات بسبب ممارسة مهامهم.
إضراب الجوع الذي يخوضه العديد من المعتقلين الصحفيين يمثل رسالة احتجاج قوية ضد الظلم والإهمال الطبي في السجون، وهو يُظهر بشكل جلي الوضع الذي يعيشه العديد من المعتقلين السياسيين في مصر.
عندما يتخذ الصحفي خطوة جادة مثل هذا الإضراب، فإن ذلك يعكس درجة اليأس والاحتجاج ضد المعاملة غير الإنسانية التي يتعرض لها من قبل الدولة، فالصحفيون من خلال إضرابهم، لا يدافعون فقط عن حقوقهم الشخصية، بل يمثلون صوتًا للمطالبة بحرية الصحافة وحماية حقوق الصحفيين في مصر.
إن ما يحدث مع المعتقين الصحفيين يُعتبر مظلمة كبرى و انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، ويجب على المجتمع المدني المصري والدولي أن يتحمل مسؤولياته في الضغط على منظومة قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي من أجل احترام الحقوق الأساسية للأفراد، وخاصة حقوق الصحفيين الذين يُفترض أن يلعبوا دورًا أساسيًا في تعزيز الديمقراطية والمساءلة. يجب أن يكون الإفراج الفوري عن كل الصحفيين والإعلاميين المعتقلين اليوم أولوية وطنية ودولية.
حرية الصحافة هي المخرج من الأزمة التي نعيشها
من جهته أكد نقيب الصحفيين المصريين، خالد البلشي، أن “الصحافة المصرية تعاني حتى الآن من أزمة على مستوى الحريات، ناهيك عن أزمة على مستوى القدرة على التعبير عن المواطنين بشكل عام”.
وقال: إن “العديد من القيود تحيط بالحريات، أكان على مستوى التشريع، أو حتى من خلال نمط الملكية أو من خلال الكثير من التفاصيل”.
وتحدث البلشي، الذي يعتبره البعض معارضا، عن وجود عدد من الزملاء الصحفيين المحبوسين، وحجب العديد من المواقع.
وأشار إلى أننا أمام صحافة مصرية تحتاج لحرية، وخطوات واسعة لكي تتمكن من ممارسة دورها الحقيقي بلا قيود سواء على مستوى الأداء المهني، أو على مستوى حتى حرية الحركة وحرية التعبير عن المواطنين بشكل عام.
طلب رسمي للإفراج عن المعتقلين الصحفيين
ومنذ أكثر من عام كان نقيب الصحفيين خالد البلشي تقدّم بصورة رسمية بطلب إلى لجنة العفو الرئاسية والجهات المعنية، للإفراج عن أعضاء النقابة المحبوسين بالسجون، في إطار جهوده لحلحلة الأزمة وتفعيل سياسة طرق الأبواب لغلق ملف المحبوسين بالنقابة، إلا أن مساعيه لم تكلل بالنجاح.
وأعلن عضو لجنة العفو الرئاسية طارق العوضي، في وقت سابق، عن تسلم اللجنة طلبا رسميا من نقابة الصحفيين المصريين؛ للإفراج عن جميع أعضائها المحبوسين،
وفي سياق متصل، أكد مصدر نقابي للجزيرة نت أن نقيب الصحفيين خالد البلشي تقدّم بصورة رسمية بطلب إلى لجنة العفو الرئاسية والجهات المعنية، للإفراج عن أعضاء النقابة المحبوسين بالسجون المصرية، في إطار جهوده لحلحلة الأزمة وتفعيل سياسة طرق الأبواب لغلق ملف المحبوسين بالنقابة.
وأعلن عضو لجنة العفو الرئاسية طارق العوضي، في وقت سابق، عن تسلم اللجنة طلبا رسميا من نقابة الصحفيين المصريين؛ للإفراج عن جميع أعضائها المحبوسين، مشددا على أهمية سرعة الاستجابة لهذا الطلب وإنهاء ملف الحبس الاحتياطي بشكل نهائي، وكذا العفو عن جميع المحكوم عليهم في قضايا رأي، إلا أن ذلك لم يرقى سوى أن يكون حبر على ورق دون تنفيذ.
تدوير الصحفيين
وتزامنا مع يوم الكاتب السجين قال المرصد العربي لحرية الإعلام: إن “أغلب الصحفيين المعتقلين في مصر، يقضون عقوبة الحبس الاحتياطي على ذمة اتهامات، ولم يتم إحالتهم للمحاكم، وقد قضى غالبية هؤلاء الفترات القصوى للحبس الاحتياطي التي ينص عليها القانون، بينما لم يتم إخلاء سبيلهم، بل تم إعادة حبسهم باتهامات جديدة”.
وأكد أن الحبس الاحتياطي أصبح عقوبة سالبة للحرية طويلة المدى بدون حكم قضائي، رغم أنه كان ينبغي أن يكون مجرد إجراء احترازي، منوها إلى أن هؤلاء الصحفيين والمصورين المعتقلين، لم ينفذوا أي جرائم إرهابية، وكل جريمتهم هي العمل الصحفي أو ممارسة حقهم في التعبير السلمي عن آرائهم.
وأدان المرصد ما وصفها بظاهرة إعادة تدوير الصحفيين على ذمة قضايا جديدة، منوها إلى أن عددا كبيرا من الصحفيين والمصورين تعرضوا لذلك، رغم أنهم مرضى أيضا ويحتاجون لرعاية طبية.
وجدّد المرصد مطالبته للسلطات الانقلابية بالإفراج عن باقي الصحفيين المحبوسين، مطالبا باحترام نصوص الدستور التي كفلت حرية الصحافة واستقلالها وتنوعها، ومنددا في الوقت ذاته باتساع الهيمنة الأمنية على وسائل الإعلام وصناعة الدراما، والاستمرار في حجب المواقع الإلكترونية.
وتقول سلطات الانقلاب: إن “هناك صحفيين محبوسين على ذمة اتهامات مرتبطة أغلبها بنشر “أخبار كاذبة”، بينما تتوالى مطالبات حقوقية محلية ودولية لإطلاق سراحهم باعتبارها اتهامات سياسية”.