رحبت ثلاث منظمات حقوقية بالتوصية الصادرة عن اللجنة الفرعية للاعتماد التابعة للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI)، بخفض تصنيف المجلس القومي لحقوق الإنسان تحت سلطة الانقلاب في مصر ، إلى الفئة “ب”. وكان المجلس القومي قد حصل سابقًا على الفئة “أ” من اللجنة الفرعية في عامي 2006 و2018، وهو تصنيف لم يعكس عدم التزام المجلس بالمعايير الدولية، بحسب تقدير حقوقيين.
وقالت منظمات لجنة العدالة “كوميتي فور جستس”، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ومنّا لحقوق الإنسان، في بيان مشترك، إن قرار منح المجلس الفئة “ب” يعكس “تصاعد المخاوف الدولية بشأن التزامه بمبادئ باريس، ويمثل خطوة مهمة نحو ضمان التزام المؤسسات الوطنية بالمعايير الدولية في ما يتعلق بالاستقلالية والفعالية”.
وأوضحت المنظمات أن قرار اللجنة الفرعية يتماشى مع المخاوف التي أثارتها لجنة العدالة، ومنّا لحقوق الإنسان، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان. ففي يونيو 2023، قدمت المنظمات الثلاث تقريراً بديلاً للجنة الفرعية، أكدت فيه أن المجلس “لا يفي بالمعايير المحددة في مبادئ باريس”. وأبرز التقرير أن المجلس يفتقر إلى الاستقلالية لأن أعضاءه “يعينون مباشرة من قبل البرلمان الذي تسيطر عليه الغالبية الحاكمة، ما يجعله خاضعاً لتأثير غير مبرر من السلطة التنفيذية، وغير قادر على العمل بصفته هيئة مستقلة تحاسب الحكومة على انتهاكات حقوق الإنسان”.
وتبنت اللجنة الفرعية للاعتماد في 20 نوفمبر 2024 رسمياً توصياتها التي شملت خفض تصنيف المجلس القومي لحقوق الإنسان إلى الفئة “ب”. وأعربت اللجنة عن مخاوف جدية بشأن فشل المجلس في الالتزام بمبادئ باريس، وخصوصاً في ما يتعلق باستقلاليته وفعاليته وشفافيته. و
أوضحت أن المجلس يفتقر إلى الاستقلالية نظراً إلى تعيين أعضائه مباشرة من قبل السلطة التنفيذية عبر عملية لا تتمتع بالشفافية أو المشاركة، ما يضعف بشدة قدرة المجلس على العمل من دون تدخل حكومي.
كما أشارت إلى عدم فعالية المجلس في معالجة القضايا الحرجة المتعلقة بحقوق الإنسان، بما في ذلك فشله في الرد بشكل كافٍ على الشكاوى المتعلقة بحالات الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية، ما يقوّض بشكل كبير مهمته في حماية حقوق الإنسان.
علاوة على ذلك، انتقدت اللجنة افتقار المجلس للشفافية، مشيرة إلى أنه لم ينشر أي تقارير منذ عام 2020، ما يعوق قدرة المجتمع المدني والهيئات الدولية على تقييم عمله. وفي جزء من توصياتها، دعت اللجنة إلى إجراء إصلاحات جوهرية لجعل المجلس متوافقاً مع مبادئ باريس، مع التأكيد على ضرورة تنفيذ عملية تعيين شفافة وشاملة، وتعزيز استجابة المجلس لانتهاكات حقوق الإنسان، وضمان النشر المنتظم للتقارير العامة لتعزيز المساءلة.
وهذا التدخل من السلطة التنفيذية يقوّض مصداقية المجلس وقدرته على اتخاذ مواقف حاسمة ضد الانتهاكات التي ترتكبها الدولة. كما “يفشل المجلس في معالجة مئات الشكاوى المتعلقة بحالات الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية، ما يؤكد عدم رغبة المجلس في حماية حقوق الضحايا وعجزه عن الوفاء بمهمته. بالإضافة إلى ذلك، يظهر المجلس نقصاً في الشفافية، حيث لم ينشر أي تقارير منذ عام 2020، ما يعوق قدرة المجتمع المدني والهيئات الدولية على تقييم أدائه”، بحسب المنظمات.
ووثقت الجهات الفاعلة في المجتمع المدني العديد من الانتهاكات الخطيرة داخل السجون ومراكز الاحتجاز، بما في ذلك أعمال التعذيب وسوء المعاملة، ولكن نادراً ما يثير المجلس هذه القضايا. وأشارت المنظمات إلى أن المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، عندما يذكر مثل هذه الحالات، فإنه “يصورها حوادث فردية بدلاً من ممارسات ممنهجة. علاوة على ذلك، فإن زيارات المجلس لمنشآت الاحتجاز تتم دائماً بترتيب مسبق مع السلطات، ما يضعف قيمتها بما هي آليات للرقابة ويحولها إلى مجرد شكليات دون أي تأثير ملموس على تحسين ظروف الاحتجاز. كما يتجاهل المجلس بشكل منهجي الانتهاكات الواسعة لحق المحاكمة العادلة، ويركز بدلاً من ذلك على الترويج لإنجازات الحكومة، مثل التحول الرقمي وتعديلات قانون العقوبات، التي واجهت انتقادات واسعة”.