أكدت دراسة بعنوان “اللجنة العليا للإصلاح التشريعي في مصر:من الإصلاح إلى التحكم التشريعي؟” أعدها موقع الشارع السياسي والباحث حسام النادي أن ما يسمى “اللجنة العليا للإصلاح التشريعي” والتي أطلقا زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي لا استقلالية لها أو شفافية في عملها فضلا عن غياب الرقابة عنها.
وعن شكوك المتابعين بشأن “استقلالية اللجنة: واقع أم افتراض؟” أكدت الدراسة أن “التعيينات وعلاقتها بالسلطة التنفيذية: يتم تعيين أعضاء اللجنة بقرارات من جمهورية ورئيس مجلس الوزراء، مما يعني أن معظم الأعضاء يتم اختيارهم بناءً على معايير حكومية، تُعد هذه التعيينات عاملاً مهماً يؤثر على استقلالية اللجنة، حيث يكون أعضاء اللجنة ملزمين بشكل غير رسمي بتوجهات السلطة التنفيذية.”.
وأضافت أن “التأثير على التشريع: يُظهر تحليل دور اللجنة أنها غالباً ما تتجه لصياغة قوانين تتماشى مع رؤية الحكومة، خاصة في قضايا حساسة كالإفلاس، والاستثمار، وحماية المستهلك، يشير هذا إلى أن اللجنة تعمل كذراع للسلطة التنفيذية في توجيه التشريعات بشكل يخدم الأولويات الحكومية.”.
شفافية اللجنة
وعن الشفافية وغياب وسائل التواصل مع الجمهور أكدت الدراسة أنه رغم مرور أكثر من خمس سنوات على تأسيس اللجنة، إلا أنها لا تمتلك حتى الآن منصة إلكترونية رسمية، وأن ذلك يُعتبر نقصاً جوهرياً في الشفافية، حيث لا يستطيع المواطنون متابعة أعمال اللجنة أو معرفة التشريعات المقترحة أو حتى إبداء آرائهم بشأنها.
ولفتت إلى أن التجارب الدولية بالمقارنة، تمتلك لجان الإصلاح التشريعي في دول أخرى مثل المملكة المتحدة وأستراليا منصات تتيح للجمهور متابعة أعمالها والتفاعل معها، غياب مثل هذه القنوات يثير الشكوك حول نية الحكومة في إبقاء عمل اللجنة مغلقاً وغير متاح للجمهور”.
وعن أثر غياب الشفافية قالت: إنه “من خلال حجب المعلومات وعدم توفير وسائل تواصل، يضعف إيمان المواطنين بعمل اللجنة ويزيد من الشعور بأن التشريعات تُعد وتُقر بعيداً عن رقابتهم.”.
توازن القوى
وعن تأثير اللجنة على توازن القوى بين السلطات قالت الدراسة: إن “تهميش دور البرلمان أدى تأسيس اللجنة إلى تقييد دور البرلمان في العملية التشريعية، من خلال تقديم مسودات جاهزة للبرلمان، تُقلص اللجنة من مساحة النقاش البرلماني وتحوله إلى جهة إقرار، مما يفقده القدرة على تعديل أو رفض التشريعات”.
وأشارت إلى أن تحويل التشريع إلى أداة حكومية يؤثر هذا التداخل على مبدأ التوازن بين السلطات، حيث تصبح السلطة التنفيذية متحكمةً بالعملية التشريعية، بدلاً من أن تكون القوانين انعكاساً لإرادة الشعب المعبر عنها من خلال البرلمان.
لا رقابة
وكشفت الدراسة أن غياب الرقابة البرلمانية والتفاعل مع المجتمع المدني يسبب نقص مشاركة المجتمع المدني، وأنه عادةً ما يتم إشراك منظمات المجتمع المدني في إعداد التشريعات المهمة، وذلك لضمان تمثيل مصالح جميع الفئات، في حالة اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، تفتقر عمليات إعداد القوانين إلى هذا النوع من المشاركة.”.
وشددت على أن ضعف الرقابة البرلمانية هو بسبب سيطرة اللجنة على إعداد التشريعات، لا يتاح للبرلمان مساحة كافية لمراجعة القوانين بشكل تفصيلي، مما يجعل من الصعب على الأعضاء البرلمانيين ممارسة الرقابة الكافية أو طلب تعديلات جذرية.
تشريعات أصدرتها اللجنة
- قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 : تم إصدار هذا القانون بهدف جذب الاستثمارات وتسهيل الإجراءات، لكن مع ذلك، تعرّض القانون لانتقادات واسعة، إذ يرى معارضوه أنه يضع مصالح المستثمرين الأجانب فوق حقوق العمال المصريين، مما قد يؤثر سلباً على الطبقة العاملة.
- قانون الإفلاس رقم 11 لسنة 2018: يهدف هذا القانون إلى تسهيل إجراءات الإفلاس وتمكين الشركات من إعادة هيكلة ديونها، بينما يصفه البعض بأنه خطوة جيدة لدعم الاستثمارات، يرى آخرون أن القانون يسهل على الشركات التهرب من مسؤولياتها تجاه العاملين والموردين.
- قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018: رغم أن هذا القانون وُضع لحماية حقوق المستهلكين، إلا أن تطبيقه يشهد تحديات كبرى، ويُتهم بأنه يخدم مصالح الشركات الكبيرة على حساب صغار المستهلكين، حيث تتضمن بنوده ثغرات تجعل من الصعب تطبيق العقوبات على المخالفين.
أيمن خدمة الشعب؟
وبعثت الدراسة بسؤال لمسؤولي الانقلاب وهو: هل اللجنة العليا للإصلاح التشريعي تخدم الشعب أم الحكومة؟ وقال إن تشكل اللجنة العليا للإصلاح التشريعي مثالاً على مدى تعقيد التوازن بين السلطات في مصر، فهي تؤدي دوراً مهماً في تطوير التشريعات، ولكنها تعاني من قلة الشفافية وتعمل تحت تأثير قوي من السلطة التنفيذية.
ورجحت أن يكون تأسيس اللجنة من الممكن أن يعد خطوة إيجابية نحو الإصلاح، لكن غياب الاستقلالية وشفافية العمل يثيران الشكوك حول أهدافها الحقيقية.
وخلصت إلى أن وجود لجنة إصلاح تشريعي لا يمكن أن يكون بديلاً عن الدور التشريعي للبرلمان، ويجب أن تكون اللجنة جهة استشارية فقط، تساهم في تقديم الخبرات الفنية، وليس اتخاذ القرارات التشريعية، إن تحقيق إصلاح تشريعي حقيقي يتطلب شفافية أكبر ومشاركة فعلية من الشعب ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى تعزيز دور البرلمان في الرقابة والمحاسبة.
https://politicalstreet.org/6946/