رغم بنائه بالتبرعات… بيع مستشفى الأورام الجديد بالشيخ زايد “500 500” لمجموعة  إماراتية ألمانية!!

- ‎فيتقارير

 

كما حدث مع مستشفى العجوزة الخيري، بإسناد إدارته لمستثمرين، سيرفعون بلا شك أسعار الخدمات الطبية فيه، وتحويله من خيري إلى استثماري، بدأت حكومة الانقلاب الإعلان عن بيع مستشفى الأورام الجديد بالشيخ زايد “500 500″، لمستثمرين ألمان على علاقة وثيقة مع الإمارات، وهو ما أثار غضب الكثير من المصريين، والمتبرعين.

ونشرت صفحة وزارة التعليم العالي عبر “فيسبوك”، الجمعة الماضي، خبر اجتماع الوزير أيمن عاشور، ورئيس هيئة الشراء الموحد اللواء طبيب بهاء الدين زيدان، والمهندس ورئيس جامعة القاهرة محمد سامي، مع رئيس شركة “سيمنز هيلثنيرز” للشرق الأوسط وأفريقيا فيفك كاندي، لمناقشة سبل التعاون المشترك، لتشغيل معهد الأورام الجديد مستشفى “500 500″، بالشيخ زايد.

 

مخطط حكومي

 

وأعربت الحكومة المصرية ممثلة في رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في أبريل الماضي، عن رغبتها في إسناد مستشفى “500 500” إلى إدارة محترفة، يكون لها صلاحيات ومرونة.

وخلال اجتماع مدبولي، بوزيري الصحة والتعليم العالي، لمتابعة استعدادات تشغيل المستشفى، أكد حينها الوزير أيمن عاشور، أنه يتم التفاوض مع عدة جهات للوصول إلى أفضل عرض للتشغيل، دون أن يذكر أو يشير إلى أي من تلك العروض.

 وفي 4 مايو الماضي، كشف موقع “القاهرة 24″، المقرب حينها من جهات سيادية عن وجود عرض قطري مقدم لإدارة وتشغيل المعهد القومي الجديد للأورام بالشيخ زايد مستشفى “500 500″، فيما لم يشر إلى عروض أخرى.

 

وبعد نحو 6 شهور، وفي 17 نوفمبر الجاري، زار وزير التعليم العالي وقيادات المعهد القومي للأورام، مجموعة من الشركات الطبية في ألمانيا، وبينها “سيمنز هيلثنيرز”، وذلك في إطار الاستعداد لبدء تشغيل المعهد القومي للأورام الجديد (500 500)، وفق تصريح رئيس جامعة القاهرة محمد سامي عبدالصادق.

 

والغريب في الأمر، امتداد مسلسل بيع الأصول الذي يطبقه السيسي من أجل ديونه ومشاريعه الفنكوشية، أن مستشفى “500 500″، للأورام وعلى مدار نحو 15 عاما يجري بناؤها بأموال تبرعات المصريين، وأن حملاتها الإعلانية خاصة في شهر رمضان من كل عام جمعت الكثير من الأموال.

وهو ما يشىر مع الاتفاق الجديد، أن تذهب تبرعات المصريين للشركة الألمانية ولمجموعة ألاميدا الإماراتية المسيطرة على جزء كبير من القطاع الصحي والدوائي في مصر.

غضب المتخصصين

وفي السياق، استنكر مدير مركز الحق في الدواء الدكتور محمود فؤاد، قائلا : “كيف تذهب أموال المتبرعين طوال سنوات للشركة الإماراتية كحق تشغيل؟”، مضيفا عبر صفحته بـ”فيسبوك”: “هل الشركة ستشغل المستشفى بلا مقابل مالي، أم سيكون بها قسم للعلاج الاقتصادي؟”.

وتابع تساؤلاته: “لماذا نتعاقد مع شركة لتشغيل مستشفى بُني بأموال المتبرعين، مع ما لدينا من أطباء الأورام والمستشفيات الخيرية التي أصبحت صروحا كبيرة، وتعالج المصريين بالمجان؟”، مبينا أن “هناك 9 مستشفيات خيرية ضخمة تعمل بشكل مجاني بأيادي كوادر علمية مصرية حققت نتائج عالمية، بينها “المعهد القومي للأورام”، ومستشفى الأطفال “57357””.

وطالب فؤاد، وزارة التعليم العالي التي تتبع له “500 500″، المصنف كمستشفى تعليمي تابع لجامعة القاهرة، ببيان توضيحي للأمر، حرصا على المال العام، وحرصا على أموال المتبرعين وتنفيذا لوعود الحكومة للمرضى بالعلاج المجاني.

وتشهد الفترة الأخيرة، توغلا أجنبيا متصاعدا  في قطاع الصحة المصري، وخاصة من شركات الإمارات، ما يمثل خطرا على الامن القومي المصري.

حيث باتت أعرق المستشفيات الخاصة والاستثمارية الفاخرة ككليوباترا والسلام الدولي وبدراوي ومعامل الفا والبرج والمختبر وسلاسل مراكو للأشعة الشهيرة بيد الإمارات وغيرها.

 وسبق لجهاز الرقابة الإدارية خلال رئاسة اللواء محمد عرفان للجهاز (2015- 2018)، التحذير  من استحواذ شركة (أبراج كابيتال) الإماراتية على المستشفيات الحكومية بقرار رسمي.

 

 

والغريب في الأمر هو ذرائع الحكومة التي تسوقها بأن الأمر يتعلق بالإدارة للمستشفى، في وقت يوجد فيه مستشفيات خيرية ضخمة تستطيع تشغيل (500 500)، لكن يبدو أن هناك أمرا غريبا، خاصة وأن مجلس إدارة المستشفى وهم من أكبر رجال الأعمال مثل منصور عامر استقالوا منذ فترة.

 

أهمية  المستشفى

 

 

ومستشفى (500 500) جرى الإعلان عن فكرته لأول مرة عام 2009، خلال زيارة سوزان مبارك لمستشفى أورام الأطفال (57357)، حيث يقام المستشفى على مساحة 34.5 فدان، بمدينة الشيخ زايد، الحي الراقي في مدينة 6 أكتوبر .

ووفقا للتصريحات الرسمية من وزارة التعليم العالي، فإن المرحلة الأولى من المستشفى ستشهد تشغيل 8 عيادات لطب الأورام للبالغين، و20 غرفة عمليات كبرى مجهزة للعمليات، وستعمل بطاقة استيعابية 565 مريضا يوميا بوحدة علاج اليوم الواحد.

ومن المقرر أن يصبح أكبر مستشفى تعليمي متخصص ومتكامل في الشرق الأوسط لعلاج كافة أنواع الأورام لكافة الأعمار، ويشتمل على 60 غرفة عمليات كبرى، و15 جهازا للعلاج الإشعاعي، ومركزا لأبحاث السرطان، ومعامل الأبحاث المعملية.

 

الشراكة الألمانية الإماراتية على صحة المصريين

 

يشار إلى أن الشركة الألمانية “سيمنز هيلثنيرز” لها ارتباطات واسعة مع مجموعة “ألاميدا للرعاية الصحية” الإماراتية الرائدة في قطاع الرعاية الصحية الخاص في مصر، حيث تعاقدا في سبتمبر 2023، بعقد شراكة مدته 7 سنوات.

 

و”سيمنز هيلثنيرز” للشرق الأوسط، إحدى الشركات التي تعمل في مجال تكنولوجيا الخدمات الطبية والرعاية الصحية في مصر، وفي يناير الماضي اقترحت على وزارة الصحة المصرية إنشاء أول “مستشفى افتراضي” للتشخيص عن بعد بمصر والشرق الأوسط.

وهي مدرجة في فرانكفورت، ومقرها في إرلانجن بألمانيا، كرائدة بمجال الرعاية الصحية والتكنولوجيا الطبية بألمانيا، ويعمل بها نحو 69500 موظف حول العالم، بحسب نشرة “إيجي إيكونومي”.

 

وفي سبتمبر 2023، وقعت مجموعة “ألاميدا للرعاية الصحية” الإماراتية و”سيمنز هيلثنيرز”، اتفاقية شراكة استراتيجية رائدة لمدة 7 سنوات، تقوم الشركة الألمانية بتركيب واستبدال وصيانة معدات وأجهزة المنظومة التكنولوجية بالمرافق الطبية التابعة للمجموعة الإماراتية، وهو ما تم بداية بمستشفى السلام الدولي بالمعادي.

حينها قال العضو المنتدب لشركة “سيمنز هيلثنيرز” في مصر عمرو قنديل: إن “تلك الشراكة الاستراتيجية تجمع بين الخبرة التكنولوجية لشركة “سيمنز” والرؤية الاستراتيجية لمجموعة “ألاميدا”، لتطوير منظومة الرعاية الصحية في مصر”.

 

وتشغل مجموعة “ألاميدا”، في مصر 1.023 سريرا و128 عيادة في 4 مستشفيات بنطاق القاهرة الكبرى، وهي “السلام الدولي بالمعادي” و”السلام الدولي بالقاهرة الجديدة”، ومستشفى “دار الفؤاد بمدينة نصر” و”دار الفؤاد بالسادس من أكتوبر”.

كما تضم المجموعة الإماراتية مركز “الإكسير” المتخصص في مناظير الجهاز الهضمي، بأحياء المعادي والمهندسين بالقاهرة والجيزة، بجانب شبكة عيادات “طبيبي” لتقديم الرعاية الصحية على مدار الساعة بمناطق راقية مثل “الداون تاون”، و”التجمع الخامس”، و”المعادي”، و”السادس من أكتوبر”.

 

ولعل أخطر ما في الأمر، بجانب بيع الأصول المصرية، تمرير أموال المتبرعين المصريين للإمارات، كي تستثمرها وتحصل منها الأرباح المليارية، عبر زيادة أسعار العلاج وتسليع خدمات علاج الأورام والسرطان من جيوب المصريين الذين ينتظرون انفراجة في أي مجال من مجالات الحياة.

 

ووفق تقديرات صحية، فإن معدل الإصابة بالسرطان في مصر  كارثي، وباتت مصر من أعلى الدول في معدلات الإصابة.

وتبقى المخاطر الصحية متفاقمة في مصر مع تطبيق القانون (رقم 87 لسنة 2024)، بشأن تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية والمعروف إعلاميا باسم (قانون تأجير المستشفيات)”.