برر رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، الأسباب التي تدعو إلى الموافقة الآن على اتفاق مع لبنان لوقف إطلاق النار، خلال كلمة مصورة مسجلة يبدو موجهة للداخل الإسرائيلي، وخاصة للأصوات اليمنية المتطرفة بحكومته، ورؤساء المستوطنات والمدن في الشمال الرافضون للاتفاق، حيث يعتبرونه خنوعا لحزب الله.
دلالات موافقة نتنياهو
وعن أسباب قبول نتنياهو لاتفاق وقف إطلاق النار قال الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، إن هناك ثلاثة أسباب لنتنياهو للموافقة على اتفاق لبنان؛ بحسب خطابه.
وأضاف في تغريدة له على صفحته بموقع “x”، “هناك ثلاثة أسباب رئيسة: الأول: التركيز على التهديد الإيراني، ولن أتوسَّع في ذلك، السبب الثاني: تجديد القوات وتجهيزها بالكامل.
وتابع أقول لكم بصراحة، إن هذا ليس سرّا: كانت هناك تأخيرات كبيرة في تزويد الأسلحة والذخائر، هذه التأخيرات ستنتهي قريبا.
ولفت سنتزوَّد بأسلحة متطوّرة ستحافظ على حياة جنودنا، وتمنحنا قوة إضافية لاستكمال مهامنا.
وأكمل السبب الثالث: فصل الجبهات وعزل حماس، منذ اليوم الثاني للحرب، كانت حماس تعتمد على حزب الله ليقاتل إلى جانبها.
ولفت أنه عندما أصبح حزب الله خارج الصورة، بقيت حماس وحيدة في المعركة، ضغطنا عليها سيتزايد، وهذا سيساعد في المهمَّة المقدَّسة لتحرير أسرانا.
تابع تلك هي الأسباب بالفعل من وجهة نظره، وفيما تحدثنا في التغريدة السابقة عن قضية إيران واستهدافها المتوقّع، سواء أكان اقتصاديا عبر ترامب على أمل تخلّيها عن “النووي”، أم عسكريا بمهاجمة منشآتها النووية، فإن السبب الثاني صحيح أيضا، ويمثل وجهة نظر القيادة العسكرية والأمنية، وإن تضمّن بعض الكذب في تأخير التزويد الأمريكي، وطبعا كي يحصل على المزيد من ترامب، وربما من بايدن قبل رحيله.
ونوه أما الثالث فهو صحيح، لكنه خاطئ من حيث التوصيف والتقييم، فحماس لم تعتمد على أن الحزب يقاتل إلى جانبها، وهو قبل الشهرين الأخيرين، كان يساند فقط، والحركة لم تأخذ مواقفها من الصفقة بناء على ذلك، والاتفاق الجديد لن يغيّر موقفها كما ذهب.
واختتم المقاومة في غزة وكل فلسطين باقية، بصرف النظر عن أي معطيات في المحيط، ونكرّر هنا ما قلناه مرارا وسنظل نقوله: “أوهام نتنياهو بتصفية القضية والهيمنة على المنطقة، لن تتحول إلى واقع أبدا، بإذن الله، والأيام بيننا”.
https://x.com/YZaatreh/status/1861484673454743571
أبرز بنود الاتفاق
بموجب الاتفاق، ينسحب الجنود الإسرائيليون من لبنان ويسحب حزب الله مقاتليه وأسلحته شمال نهر الليطاني – الذي يقع على بعد حوالي 30 كيلومتراً من حدود لبنان مع إسرائيل.
سيتم استبدال مقاتلي حزب الله في تلك المنطقة بقوات من الجيش اللبناني.
ومن بين تفاصيل الاتفاق وقف إطلاق النار المتبادل وعدم وجود منطقة عازلة تحتلها إسرائيل في جنوب لبنان، وفقًا لتقارير القناة 12 الإسرائيلية.
وتقول القناة 12 أيضاً: إن “القوات الإسرائيلية ستحافظ على وجودها في لبنان لمدة تصل إلى 60 يوماً، وستشرف الحكومة اللبنانية على شراء وإنتاج الأسلحة في البلاد، حيث يحل جيشها محل الجيش الإسرائيلي أثناء انسحابه، بالإضافة إلى قوات من اليونيفيل، قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان”.
وستتولى الولايات المتحدة رئاسة لجنة من خمس دول لمراقبة وقف إطلاق النار، وتقول التقارير إنها ستصدر خطاباً يعترف بحق إسرائيل في مهاجمة لبنان إذا اعتُبر حزب الله منتهكًا للاتفاق.
ردود الفعل الدولية
وتعليقًا على وقف إطلاق النار في لبنان، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في بيان: إن “الجمهورية الإسلامية ترحب بنبأ انتهاء عدوان الكيان الصهيوني على لبنان، وتؤكد دعمها الراسخ للبنان حكومة وشعبا ومقاومة”.
من جهتها، رحبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك باتفاق وقف إطلاق النار، واصفة إياه بشعاع من الأمل للمنطقة بأكملها.
وقالت في بيان: إن “الناس على جانبي الحدود يريدون العيش في أمان فعلي ومستدام”، معتبرة أن الاتفاق هو نجاح للدبلوماسية.
كما رحبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بالاتفاق، ووصفته بأنه نبأ مشجع للغاية، وسيعزّز الأمن الداخلي والاستقرار في لبنان.
واعتبرت فون دير لايين في منشور على منصة إكس أن الاتفاق محل ترحيب في المقام الأول بالنسبة للشعبين اللبناني والإسرائيلي المتضررين من جراء القتال، وأضافت ستكون الفرصة متاحة للبنان لتعزيز الأمن الداخلي والاستقرار .
من ناحيتها، قالت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جانين بلاسخارت: إن “هذا الاتفاق المفصلي يمثّل نقطة انطلاق لعملية حاسمة، لضمان سلامة المدنيين على جانبي الخط الأزرق، وهو خط رسمته الأمم المتحدة بين لبنان وإسرائيل، وإن هناك الكثير من العمل يلوح في الأفق لضمان استدامة الاتفاق”.
انتقادات إسرائيلية للاتفاق
وفي الداخل الإسرائيلي، انتقدت أصوات يمينية داخل حكومة نتنياهو وخارجها الاتفاق المطروح بشدة، فوصف وزير الأمن القومي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، الاتفاق بأنه خطأ تاريخي.
وقال بن غفير، الذي يشغل أيضًا عضوية “الكابينت”، في تدوينة عبر حسابه على منصة إكس: “أعارض الاتفاق مع لبنان لأنه ليس وقفًا لإطلاق النار بل عودة إلى مفهوم الهدوء مقابل الهدوء، الذي رأينا سابقًا إلى أين قادنا، هذا الاتفاق لا يحقق هدف الحرب الأساسي المتمثل في إعادة سكان الشمال إلى ديارهم بأمان، وأضاف “للانسحاب من لبنان، يجب أن يكون لدينا حزام أمني خاص بنا”.
بدوره، اعتبر رئيس الأركان الإسرائيلي الأسبق وعضو الكنيست عن حزب “معسكر الدولة”، غادي آيزنكوت، الحديث عن قيام الجيش اللبناني بتفكيك قدرات حزب الله مجرد “مزحة”.
وفي تصريحات لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، قال آيزنكوت: إن “التفاصيل المحدودة المتاحة حول الاتفاق تثير العديد من التساؤلات الصعبة”.
وأشار إلى “إشكالية غياب اتفاق مماثل في الساحة مع حماس، التي لا تزال تحتجز مختطفين إسرائيليين”.
وتابع: “هناك العديد من الثغرات في الاتفاق، من هي الأطراف التي ستوقعه؟ ومن المفترض أن تنفذه؟ هل الجيش اللبناني فعلا سيفكك قدرات حزب الله؟ يبدو لي أن هذا مجرد بداية نكتة”.
من جانبه، علق زعيم المعارضة يائير لابيد على كلمة نتنياهو بالقول: “أعظم كارثة في تاريخنا وقعت خلال عهد نتنياهو (في أي إلى عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023)، وأي اتفاق مع حزب الله لن يمحو حالة الفوضى الحالية”.
وأضاف: “هناك حاجة ملحة للتعامل بجدية مع قضية المختطفين من غزة”.
وتابع: “الحكومة الإسرائيلية لم تقدم أي مبادرة سياسية، بل انساقت نحو الاتفاق مع حزب الله”.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية في غزة، خلفت نحو 149 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وبعد اشتباكات مع فصائل في لبنان بينها “حزب الله” بدأت عقب حرب الإبادة على غزة، وسعت إسرائيل منذ 23 سبتمبرالماضي نطاق الإبادة لتشمل جل مناطق لبنان بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية غير مسبوقة عنفا وكثافة، كما بدأت غزوا بريا في جنوبه ضاربة عرض الحائط بالتحذيرات الدولية والقرارات الأممية.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان إجمالا عن 3 آلاف و823 قتيلا و15 ألفا و859 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلا عن نحو مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر الماضي، وفق رصد الأناضول لبيانات لبنانية رسمية معلنة حتى مساء الثلاثاء.