الاستيراد من الخارج قرار خاطئ..أسعار البيض والكتاكيت تواصل الارتفاع وحكومة الانقلاب تخرج صغار المنتجين من السوق
تشهد أسعار الكتاكيت والبيض ارتفاعًا غير مسبوق فى الأسواق المصرية حيث سجل سعر البيضة الواحدة أكثر من 6 جنيهات وسجل طبق البيض من 190 إلى 200 جنيه فيما سجل سعر الكتكوت أكثر من 50 جنيهًا.
هذه الأسعار آثارت حالة من الغضب والاحتجاج بين المصريين ما دفع حكومة الانقلاب إلى استيراد بيض المائدة والكتاكيت أملاً فى خفض الأسعار إلا أن الخبراء قللوا من أهمية هذه الخطوة مؤكدين أنها مجرد حل مؤقت ولن تؤدى إلى خفض كبير فى الأسعار.
وطالب الخبراء حكومة الانقلاب بالعمل على زيادة الانتاج من البيض والكتاكيت والدواجن وتحقيق الاكتفاء الذاتى وتوفير الأعلاف حتى تنخفض الأسعار.
واتهموا حكومة الانقلاب بالعجز عن ضبط السوق ووقف قطار ارتفاع الأسعار الجنونى الذى تصرخ منه كل فئات المجتمع لاسيما متوسطى ومحدودى الدخل، الذين أصبحوا فى عداد الفقراء.
وقال الخبراء إن قرار الاستيراد لن يفيد المستهلكين وسيؤثر سلبًا على صناعة الدواجن التى كانت من أهم الصناعات الوطنية والتى تأثرت عقب أزمة الدولار عام 2022 وخروج نسبة كبيرة من صغار المُنتجين، وتوقف الاعتمادات اللازمة لاستيراد الأعلاف ومستلزمات الإنتاج وتكدس البضائع فى الموانى لفترات طويلة، والتى لم يتم الإفراج عنها بشكل كامل مما أدى لتفاقم الأزمة.
كبار المُنتجين
حول هذه الأزمة أكد الدكتور عبدالعزيز السيد رئيس شعبة الدواجن، أن ارتفاع أسعار الكتاكيت الذى شهدته الأسواق فى الآونة الأخيرة كان بسبب احتكار كبار المُنتجين، معتبرًا أن قرار الاستيراد يعد ضربة قوية لهم، ونتج عنه خفض سعر الكتكوت لـ30 جنيهًا.
وأوضح السيد فى تصريحات صحفية أن إستيراد ٣٠ مليون بيضة، من تركيا لن يكون له تأثير فى السوق، ولن يكفى لسد العجز نظرًا لقلة الكمية بالنسبة للاستهلاك، مشيرًا إلى أننا نستهلك حوالى ٩ مليارات بيضة، ولكن إذا تم ضخ كميات كبيرة من الإنتاج المحلى ومواجهة كبار محتكرى البيض سبب تلك الازمة سيتحسن السعر بالأسواق.
وأشار إلى أن حل الأزمة ليس فى الإستيراد وإنما فى تخفيض تكاليف الإنتاج المحلى وزيادته وضبط الأسواق والسيطرة على جشع كبار المُنتجين وإجبارهم على خفض الأسعار موضحًا أن إنتاج مصر اليومى حوالى 26 مليون بيضة، والاستهلاك اليومى 30 مليون بيضة، أى أن هناك فجوة بين الإنتاج والاستهلاك، تبلغ 4 ملايين بيضة، مما يعنى أن الكمية المستوردة 30 مليون بيضة تغطى عجز 7 أيام فقط.
وأكد السيد أن مشكلة الإنتاج الداجنى تزايدت مع توقف كثير من صغار المنتجين عن الإنتاج بسبب عجزهم عن شراء كتاكيت لفترة تتراوح بين ٦ إلى ٨ أشهر بسبب احتكار مجموعة من كبار المُنتجين للسوق، مشيرًا إلى أن صغار المُنتجين يلتزمون الصمت خشية أن يحرمهم الكبار من شراء الكتاكيت، ولابد من مواجهة هؤلاء المحتكرين لأنهم السبب الأساسى فى الأزمة، بالإضافة إلى مساعدة صغار المنتجين وتوفير الكتاكيت لهم.
وشدد على ضرورة الاهتمام ببورصة الدواجن لأنها خطوة مهمة جدا للسيطرة على الأسعار، خاصةً فى ظل وجود مبالغة كبيرة فى الأسعار من قبل محتكرى السوق مطالبًا صغار المُنتجين بأن يقدموا شكاوى ضد كبار المنتجين حتى نستطيع السيطرة على السوق.
الأعلاف
وقال خبير الثروة الحيوانية الدكتور حمدي الحبشي إننا نعانى من ارتفاع كبير فى أسعار اللحوم سواء الحمراء أو البيضاء وكل أنواع البروتين بشكلٍ عام سواء بيض المائدة أو البقوليات، دون أى سيطرة من دولة العسكر.
وكشف الحبشى فى تصريحات صحفية أن من أسباب الأزمة الاعتماد على استيراد الأعلاف بشكل متزايد سنويًا وعدم اتجاه حكومة الانقلاب لتعظيم الإنتاج مما أدى إلى ارتفاع أسعارها باستمرار، وبالتالى ارتفاع تكاليف إنتاج اللحوم الحمراء والبيضاء مؤكدا أن الأعلاف تمثل ٨٠٪ من تكاليف إنتاج المواشى و٦٥٪ من تكاليف إنتاج الدواجن.
وأشار إلى أن البلاد تحتاج سنويًا حوالى ٢٤ مليون طن أعلاف مركزة، ننتج منها حوالى ٧ ملايين طن ذرة و85 ألف طن فول صويا، وتستورد حوالى ٥ ملايين طن ذرة لتغطية الاحتياجات التى تصل إلى ١٢ مليون طن سنويًا، كما تستورد ٣ ملايين طن فول صويا، بالإضافة إلى الجلوتين الذى نستورده والقمح الذى نستخدم منه النخالة فى تراكيب الأعلاف، أى أننا نستورد حوالى ٦٠٪ من احتياجاتنا من الأعلاف المركزة.
وأوضح الحبشي أنه لمواجهة الأزمة يجب إنشاء مزارع متخصصة للانتاج الحيوانى والداجنى، تسند مسئولية متابعتها إلى كليات الزراعة والطب البيطرى وتكليف خريجى تلك الكليات بأداء الخدمة العسكرية كضباط بيطريين أو مهندسين زراعيين للعمل فى المزارع، مع الاستعانة بالعمالة من خريجى دبلومات الزراعة فى تلك المزارع لأنهم أكثر الناس فهمًا لتربية وإنتاج المواشى والدواجن والأكثر كفاءة فى إيجاد حلول لمشاكل الإنتاج.
وطالب حكومة الانقلاب بالتوسع فى إنتاج محاصيل الأعلاف فى الأراضى الجديدة مؤكدًا أن منطقة الصحراء الغربية وحدها بها أكبر مخزون مياه جوفية يكفى لاستصلاح وزراعة الـ٣٥ مليون فدان البور التى تركتها الحكومات المتعاقبة دون استغلال أو تعمير.
الاحتكار
وأكد خبير الثروة الحيوانية الدكتور مصطفى خليل، أنه لا يوجد مبرر نهائيًا لارتفاع أسعار البيض بهذا الشكل المبالغ فيه حتى وصل سعر الكرتونة فى بعض الأماكن إلى 190 و200 جنيه لافتًا الى أن مدخلات إنتاج البيض والدواجن لم يطرأ عليها أى تغيرات فى الفترة الأخيرة، ولا يوجد نقص فى المعروض بل هناك كميات وفيرة تكفى احتياجات السوق المحلى.
وكشف خليل فى تصريحات صحفية أن سبب ارتفاع أسعار البيض يرجع إلى وجود عدة حلقات وسيطة وسلاسل تجارية بين المُنتج والمستهلك، وهو ما يتسبب فى رفع الأسعار بهذا الشكل.
واتهم الشركات الكبرى بالاحتكار مشيرًا إلى أنها تتواصل فيما بينها وتتفق على رفع السعر وينساق خلفها صغار المربين مع العلم أن تكلفة البيضة الواحدة مع هامش الربح حاليًا 4 جنيهات فقط، لكنها تباع بـ 6 فى المتوسط بزيادة جنيهين فى البيضة الواحدة و60 جنيهًا فى الطبق، وهو ما ينطبق أيضًا على سعر بيض التفريخ لذلك ارتفعت أسعار الكتاكيت عمر يوم خلال هذه الفترة أيضًا.
وطالب خليل شركات إنتاج الدواجن بمراعاة الوضع الاجتماعى والاقتصادى للشعب مشيرًا إلى أن حكومة الانقلاب زعمت أنها لجأت لاستيراد بيض المائدة وبيض التفريخ من الخارج لضبط السوق المحلى ووضع ضوابط للممارسات الاحتكارية، وتشكيل لجنة لتحديد السعر وتلقى الشكاوى لكل سلعة وخدمة.