إذا كان رب البيت فاسدا، فشيمة أهله الفساد، وهو ما ينطبق عن الفساد الكبير الذي يضرب أطنابه في المصرية للاتصالات، والتي استهدفتها الأجهزة الرقابية مؤخرا، وهو ما كشف عن فساد كبير.
فيما يتخوف راقبون من أن الكشف عن هذا الفساد، هدفه إرسال رسلة، بأن الخصخصة أو التخارج الحكومي منها هو الحل الأمثل لوقفه، إلا أن الأيام المقبلة، ستظل تحمل الكثيربشأن الشركة ومالاتها ومستقبل أوضاعها.
تفاصيل الفساد
كشف تقرير رقابي عن إهدار أكثر من 14 مليار جنيه داخل الشركة المصرية للاتصالات قيمة أراضي وأصول غير مستغلة إلى جانب تجاهل تضمين حساب الأصول الثابتة لقيمة أصول مهيئة للتشغيل بأكثر من 800 مليون جنيه، وذلك بالمخالفة لمعايير المحاسبة المصرية.
وأظهر تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، إهدار مبلغ 820.2 مليون جنيه داخل الشركة المصرية للاتصالات، بالتقاعس عن تضمين حساب الأصول الثابتة في 31 ديسمبر 2023، لقيمة أصول مهيئة للتشغيل وذلك بالمخالفة للمعايير المحاسبة المصرية.
وأوضح التقرير الموجه للشركة المصرية للاتصالات أن المبلغ يتمثل في 736 مليون جنيه قيمة المشروعات التي تم تنفيذها ودخولها الخدمة وتشغيلها منها نحو 310 مليون جنيه قيمة تراخيص وخدمات ودعم فني تخص الفترة من سبتمبر 2022 حتى سبتمبر 2023 عن العقد رقم (8/2016/211) .
كما يتضمن المبلغ نحو 58 مليون جنيه قيمة توريد أجهزة الشبكة الفقرية لمشروع IP core وتم سداد مستحقات شركة الجيزة بالكامل عن العقد (9/2020/211) الأعمال Post & Pas ومن أمثلتها مبني سنترال رمسيس الذي تم تهيئته للتشغيل في 27 يوليو 2023، ورغم ذلك مازال مدرجا بالأرصدة المدينة داخل الشركة المصرية للاتصالات .
وكذلك نحو 23 مليون جنيه قيمة الدعم الفني لأجهزة شبكات المحمول والمسددة بالكامل لشركة نوكيا عن العقد (12/2016/2) ومازالت بالأرصدة المدينة.
كما أشار تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات إلى وجود نحو 19 مليون جنيه قيمة عدد 400 ماكينة تصوير منذ عام 2019 ومازالت بالأرصدة المدينة الأخرى.
ولفت التقرير إلى وجود 22 مليون جنيه قيمة أرض ومبنى سوفي سات بمدينة العبور والتي مازالت مدرجة بحساب مشروعات تحت التنفيذ على الرغم من رد الشركة على تقرير سابق للجهاز المركزي للمحاسبات في 30 سبتمبر 2023 بأن الأرض والمبني تم تأجيره واستغلاله على غير الحقيقة.
أراضي غير مستغلة
وانتقد تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات الموجه للشركة المصرية للاتصالات عدم استغلال الشركة لبعض أصولها في الأغراض المخصصة لها، مما أضاع عوائد استثمار تلك الأصول، حيث مازال حساب مشروعات تحت التنفيذ متضمن نحو 260.6 مليون جنيه قيمة بعض أراضي ومبان مقامه عليها ولم يتم إبرام عقود بشأنها.
ومنها أرض المعراج التي صدر قرار من محافظة القاهرة في 16 مارس 2019 بإلغاء قرار التخصيص وتم رفع دعوى قضائية بشأنها ورفض الدعوى بالقضاء الإداري لمجلس الدولة وفقاً لرد الشركة المصرية للاتصالات الوارد للجهاز في 28 فبراير 2024، و مازال رد الشركة متكرر بأنه جاري الفحص مع الجهات المختصة وعمل التسويات اللازمة.
وأكد التقرير أن الشركة المصرية للاتصالات تقاعست عن تقديم الشهادات السلبية للأراضي والمباني المملوكة للشركة للتحقق من عدم وجود أي قيود قانونية على تلك الأراضي والمباني لما لذلك من أهمية للحفاظ على ممتلكات الشركة.
وأشار التقرير إلى نحو 13 مليار جنيه قيمة بعض أراضي تخصيص بثمن وبدون ثمن ونزع ملكية، صدر بشأنها العديد من الفتاوى من مجلس الدولة ومفادها عدم ملكية الشركة لتلك الأراضي وأنها ستظل مملوكة للدولة ولا تدخل ضمن أصول الشركة ولا يجوز لها التصرف فيها.
وقد أفادت الشركة المصرية للاتصالات بردها على تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات السابقة بأنها بدأت في إتخاذ إجراءات قانونية لمزيد من التأكيد على ملكيتها للأراضي المشار إليها، إلا أنه وحتى تاريخه لم نقف على ما أنتهت اليه هذه الإجراءات ونتائجها أو الإفصاح عنها والمستندات المؤيدة لها.
إهدار 513 مليون جنيه
ولفت التقرير إلى وجود نحو 513.6 مليون جنيه قيمة ما أمكن حصره من المطالبات الواردة من الجهات الحكومية بقيمة الأراضي وحق الانتفاع ضمن أصول الشركة ببعض القطاعات إسكندرية ووجه بحري أسيوط – قطاعي وسط وشرق الدلتا، ولم نقف على أسباب توقف الشركة عن سداد العديد من تلك المطالبات مما حدا ببعض الجهات إلى رفع دعاوى طرد ضد الشركة ومازالت متداولة بالقضاء.
وأشار إلى نحو 208 مليون جنيه قيمة ما أمكن حصره من تعديات على بعض الأراضي مرفوع بشأن بعضها دعاوى قضائية ما زالت متداولة بالقضاء حتى 31 ديسمبر 2023 تتمثل في 15.8مليون جنيه القيمة المقدرة من عام 1998 للأرض التي تعدى عليها حي شرق مدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية.
و5 مليون جنيه تكلفة شراء أرض الطوابق المشتراه منذ عام 2007 بشارع فيصل بمحافظة الجيزة والتي صدر بشأنها حكم المحكمة الصادر في الاستئناف رقم 6192 لسنة 133 ق بمحو وشطب العقد المشهر وتسليم الأرض وما عليها من مبان للمدعين وقامت الشركة باستئناف الحكم بدعوى رقم 16434 لسنة 88 ق بشقيه المستعجل والموضوعي إلا أن محكمة النقض رفضت الشق المستعجل بوقف تنفيذ الحكم ولم بيت حتى تاريخه في الشق الموضوعي، مما ترتب عليه خسارة الشركة للأرض ويرجع ذلك في الأساس إلى عدم استخدام الشركة حقها القانوني، بإبداء طلب اكتساب ملكية الأرض بالتقادم في محكمة أول درجة.
وعندما أبدت الشركة طلبها في محكمة الإستئناف لم تنظر اليه المحكمة وذلك استناداً للمادة 235 من قانون المرافعات والتي تفيد عدم قبول المحكمة بطلبات جديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها مما بعد مخالفة مهنية جسيمة وفقا لحيثيات حكم محكمة الاستئناف.
وبحسب تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، لم تقم الشركة المصرية للاتصالات بالإفصاح ضمن الإيضاحات المتممة للقوائم المالية عن وجود أية قيود على ملكيةالأراضي وقيمة هذه القيود بالمخالفة للمعايير المحاسبية.
وذلك بالرغم من وجود العديد من القيود على الأراضي منها على سبيل المثال إلغاء التخصيص الصادر للشركة لبعض الأراضي، نتيجة عدم التزامها ببناء السنترالات في المواعيد المحددة، فضلا عن عدم صحة ما ورد بإقرارات الإدارة الصادرة عن الشركة.
يشار إلى أن رئيس المركز المصري للشفافية ومكافحة الفساد، عاصم عبد المعطي كشف ، أن الفساد خلال سنة واحدة من حكم قائد الانقلاب السيسي، ترتب عنه إهدار ما بين 170 إلى 200 مليار جنيه، وهو ما يقترب من ربع الموازنة العامة للدولة.
وقال عبد المعطي في حوار مع صحيفة “أخبار اليوم” المصرية 12 سبتمبر 2015: إننا “في حاجة إلي ثورة قانونية لإلغاء القوانين المقننة للفساد، علاوة على إصدار بعض القوانين الخاصة بمحاربة الفساد المؤجل صدورها منذ ما يزيد على 40 عاما، إلى جانب ضرورة استقلال الأجهزة الرقابية”.