تغليظ عقوبات سرقة التيار وإلغاء الدعم عن الفقراء .. وفساد بـ342.32 مليون جنيه بشركة كهرباء القناة لصالح صهر علاء مبارك!!!

- ‎فيتقارير

إذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد.. وإذا سرق الغني تغاضوا عنه!!!

 

هذا ما ينطبق على مصر بحذافيره، في عهد عساكر المنقلب السيسي، إذ أنه في الفترة الاخيرة، شهدت البلاد تصعيدًا كبيرًا من قبل السلطات ضد مخالفي القانون وسارقي التيار الكهربائي والمتعثرين عن سداد فواتير الكهرباء، سواء باحالتهم للقضاء أو قطع التيار عنهم، أو الغاء الدعم التمويني والدعم الزراعي، وهو الامر الذي اشتكى منه كثيرون بسبب ضعف قدراتهم المالية والارتفاع الجنوني بأسعار الكهرباء الذي أعجزهم عن توفير أموال الفواتير، وذلك في عموم محافظات مصر، ووصل الأمر لرفع العدادات المتعثر أصحابها عن سداد الفواتير المرتفعة.

 

ورغم مناشدات الكثيرين للسلطات بالتعامل برفق بعض الشيء مع الفقراء ومتابعة قراءة العدادات والابتعاد عن التقدير الجزافي، إلا أن الحكومة أكملت مسار التشدد ضد عامة المواطنين، في الوقت الذي رفعت فيه أسعار الكهرباء لأكثر من 11 مرة خلال عهد الانقلاب العسكري.

 

ولكن في نفس الوقت، تركت الباب مفتوحًا لسرقة الكهرباء والإثراء لكبار المستثمرين ورجال الأعمال في قطاع الكهرباء، وخاصة المقربين من دائرة الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذين يتمتعون بعلاقات واسعة مع القيادات العسكرية.

وفي هذا السياق، كشف الجهاز المركزي للمحاسبات في تقرير صدر أخيرًا عن فساد واسع النطاق في قطاع الكهرباء، مؤكدًا أن الأجهزة الرقابية المختلفة، وعلى رأسها وزارة الكهرباء والحكومة المصرية، كانت في حالة من التقاعس المتعمد تجاه الفساد المستشري في هذا القطاع الحيوي.

 

تواطؤ وفساد

 

كشف التقرير عن تواطؤ خطير من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك شركة القناة لتوزيع الكهرباء وشركة جلوبال للطاقة، المملوكة لمحمد مجدي حسين راسخ، صهر علاء مبارك، التي استفادت من تصرفات غير قانونية سمحت لها بتحقيق أرباح طائلة على حساب الدولة والشعب المصري.

 

تقرير المحاسبات

 

بدأ الجهاز المركزي للمحاسبات في فضح المخالفات القانونية والمالية التي تحيط بالعقود المبرمة بين شركة القناة لتوزيع الكهرباء وشركة جلوبال للطاقة، حيث تم التعاقد على توريد الكهرباء إلى منطقة نبق السياحية بشرم الشيخ بقدرة 10 ميجاوات، رغم أن العقد المبرم كان مليئًا بالثغرات والفساد الذي لم يكن ليخفى على أي جهاز رقابي جاد.

 

شركة القناة لتوزيع الكهرباء

 

نص العقد على بيع شركة القناة أربعة حلقات تغذية لمشروع جلوبال بمبلغ 4.1 مليون جنيه، تم دفعه بالتقسيط، لكن الأخطر كان السماح لشركة جلوبال بإعادة بيع التيار الكهربائي بأسعار تتجاوز ما حدده مجلس الوزراء لبيع الكهرباء للمستهلكين.

وهو ما مكّن جلوبال من تحقيق أرباح ضخمة وصلت إلى 238 مليون جنيه من بيع نحو 1624 مليون كيلووات من الكهرباء بأسعار تفوق الأسعار القانونية.

 

وأشار التقرير إلى موافقة رئيس مجلس إدارة شركة القناة لتوزيع الكهرباء، السيد “حسام الدين مصطفى”، على تمديد شبكات الجهد المتوسط بمنطقة نبق، ضمن استثمارات الشركة. وكان من المفترض أن تخدم هذه الشبكات مشاريع التنمية السياحية في المنطقة.

ولكن التعاقد مع شركة جلوبال أدى إلى تهميش هذه المشاريع وبيع الأراضي والشبكات التي كانت من المفترض أن تُستخدم في مشاريع ذات نفع عام. فقد تم تخصيص أربع قطع أراضٍ بمساحة إجمالية 55593 مترًا مربعًا لصالح مشروع توزيع الكهرباء، وكان من المفترض أن تُستخدم لبناء منشآت توزيع الكهرباء لصالح مشروعات التنمية السياحية.

 

تم بناء سور على إحدى هذه القطع بتكلفة 794 ألف جنيه، في حين تم تنفيذ أربع حلقات تغذية بقدرة 300/81 كيلو فولت، وبطول 26 كم لتوصيل الكهرباء للمشتركين.

 

ولكن بدلًا من أن تساهم هذه الاستثمارات في دعم مشروعات التنمية السياحية كما كان من المفترض، أصبحت مجرد استثمارات ضائعة. حيث قامت شركة القناة ببيع ما تم تنفيذه من شبكات وأراضٍ لشركة جلوبال، لتظل هذه الأراضي والشبكات بلا استخدام أو استفادة فعلية.

 

وأدت هذه المخالفات إلى تدهور المشروع بأكمله، حيث تم إنهاء محطة محولات نبق جهد 22/66 كيلو فولت، التي تم إنشاؤها بتكلفة 34 مليون جنيه، في 24 مايو 2003. ولكن تغذية شركة جلوبال تم من خلال أربع خلايا خروج من هذه المحطة، وهو ما يعد مخالفة صريحة لبنود العقد المبرم.

 

مشاريع نبق السياحية

 

نص العقد على أن يتم تزويد شركة جلوبال بالكهرباء من خلال خلية واحدة فقط من شركة القناة، في حين كان من المفترض أن توفر خلايا أخرى من محطات توليد الكهرباء الخاصة بشركة جلوبال، التي لم تقم بإنشائها.

واستمرارًا في كشف الفساد، أشار تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات إلى موافقة شركة القناة لتوزيع الكهرباء على تخفيض مبلغ التأمين الذي يجب تحصيله من شركة جلوبال، حيث تم تحصيل مبلغ 250 ألف جنيه فقط، رغم أن التأمين المستحق بلغ 21.4 مليون جنيه. وهذا يعد إهدارًا لأموال الدولة.

 

كما تطرق التقرير إلى تفاصيل عن الفساد في حساب الضريبة، حيث كانت شركة جلوبال تدفع ضريبة قيمتها 3 قروش لكل كيلووات ساعة فقط على 10% من الاستهلاك، بينما كان من المفترض أن يُحاسب الاستهلاك بأكمله وفقًا للضريبة المحددة في قانون ضريبة الدمغة رقم 111. مما أضاع على خزينة الدولة نحو 42.72 مليون جنيه، بالإضافة إلى إهدار مبلغ 1.46 مليون جنيه في رسم الإذاعة.

 

امتدت المخالفات إلى تأكيد التقرير على دور جهاز حماية المستهلك في حماية هذه المخالفات، حيث سمح الجهاز بممارسة نشاط إنتاج الكهرباء وتوريدها لشركة جلوبال، رغم أنها لم تقم بإنتاج أي طاقة كهربائية، بل اعتمدت بشكل كامل على شراء الكهرباء من شركة القناة لتوزيع الكهرباء.

 

تهاون مع الكبار وتشدد مع الفقراء

 

ويأتي هذا الفساد الكبير، الذي يُعد، وفق خبراء، جزءًا يسيرًا من تلال الفساد داخل الأجهزة الحكومية، في الوقت الذي تتشدد فيه الحكومة على صغار المستهلكين. فتقوم بقطع التيار عنهم، أو حذفهم من البطاقات التموينية، ومطاردتهم وسجنهم، بينما الكبار يتنعمون بالفساد وإهدار ملايين الجنيهات من ميزانية الدولة.

ويكشف الفساد المالي بشركة القناة لتوزيع الكهرباء إلى أي مدى ما زالت الدولة العميقة تتوغل فسادًا وسيطرة داخل مفاصل الدولة المصرية. فما زال صهر مبارك يبتلع الكثير من الاقتصاد المصري والمشاريع وأموال المصريين.