موجات الغلاء في زمن الانقلاب لا تتوقف ولا تترك سلعة ولا منتجا إلا أتت عليه بارتفاعات كبيرة، ما يجعل ملايين المصريين عاجزين عن الحصول على احتياجاتهم الأساسية والضرورية .
في هذا السياق أعلنت وزارة صحة الانقلاب عن زيادة في أسعار الأمصال واللقاحات، مما يهدد بتحويل حياة أصحاب الأمراض المزمنة إلى جحيم حقيقي.
يأتي هذا القرار في ظل الارتفاعات الكبيرة في تكاليف الرعاية الصحية، مما يزيد من معاناة المواطنين ويضاعف من أعبائهم المالية.
وحذر الأطباء من أن الزيادة في أسعار التطعيمات الوقائية قد تؤدي إلى تحويل العلاج الوقائي إلى رفاهية يصعب على الفقراء وأسر الطبقة المتوسطة تحمّل تكاليفها، مؤكدين أن هذا القرار يزيد من الأعباء المالية على الأسر المصرية، ليضاف إلى قائمة الضغوط الاقتصادية المتزايدة التي يعاني منها المواطنون.
وقالوا: إن “هذه الزيادة في الأسعار تثير القلق وتتسبب في حالة من الغضب بين المواطنين، الذين يعتبرون أن هذه الزيادات قد تجعل الحصول على الرعاية الصحية الوقائية أمرًا صعبًا”.
وأشار الأطباء إلى أن هذه الزيادات تأتي في وقت يعاني فيه الملايين من ظروف اقتصادية قاسية، وأصبح الحصول على أبسط أشكال العلاج أمرًا مستحيلًا، مؤكدين أن القرار يضرب بعرض الحائط حقوق المواطنين في الرعاية الصحية، ويضعهم أمام خيارين: إما تحمل التكاليف أو المخاطرة بصحتهم.
أسعار الأمصال
كان خالد عبدالغفار وزيرصحة الانقلاب قد أصدر قرارًا بزيادة أسعار الأمصال في الوحدات والمراكز الصحية، وبعد الزيادة أصبحت أسعار التطعيمات الوقائية على النحو التالي :
الحمى الصفراء: 450 جنيهًا.
الالتهاب السحائي: 300 جنيه.
الإنفلونزا الموسمية: 170 جنيهًا.
الكوليرا: 80 جنيهًا.
شلل الأطفال: 80 جنيهًا.
التطعيم ضد الالتهاب الكبدي الفيروسي بي: يتراوح بين 100 إلى 1000 جنيه بحسب الفئة والمكان.
وشمل القرار تطعيمات خاصة للفئات المعرضة لخطر الوخز، مثل العاملين بالمستشفيات، حيث وصلت تكلفة المصل ضد الالتهاب الكبدي الفيروسي بي في المستشفيات الخاصة إلى 1000 جنيه، كما تم تحديد أسعار التطعيمات للأشخاص الراغبين في السفر، حيث تتراوح الأسعار بين 150 إلى 300 جنيه للمصريين وغير المصريين.
الدولار
من جانبها أرجعت الدكتورة هالة عدلي حسين، رئيسة الشركة المصرية لخدمات الدم «فاكسيرا» سابقًا، السبب الرئيسي لزيادة أسعارالأمصال واللقاحات إلى ارتفاع سعر الدولار.
وقالت د. هالة في تصريحات صحفية: إن “التطعيمات تعد وسيلة فعّالة وآمنة لحماية الإنسان، خصوصًا الأطفال، من العديد من الأمراض وليس لها بدائل أخرى ولا تقل أهمية عن الطعام والشراب من حيث الأولوية”.
وأكدت أن قائمة التطعيمات الإجبارية تختلف من دولة لأخرى بناءً على عدة عوامل، منها مدى انتشار المرض وفرص التعرض له، توافر العلاج، والمضاعفات المحتملة، بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية المتعلقة بقدرة الدولة على تحمل تكلفة التطعيمات لجميع الأطفال.
وأوضحت د. هالة أنه من الطبيعي وضع استراتيجيات لتوزيع التطعيمات بناءً على الأولويات الصحية، ويعتمد ذلك على مدى خطورة الأمراض ومدى انتشارها، فمثلًا، التطعيم ضد شلل الأطفال يُعتبر أولوية في الدول التي تواجه خطر انتشار هذا المرض، وكذلك التطعيم ضد الالتهاب السحائي في مناطق يتزايد فيها خطر الإصابة بهذا المرض، لافتة إلى أن الهدف من هذه الأولويات هو توفير حماية أكبر للشرائح الأكثر عرضة للخطر، مثل الأطفال وكبار السن أو الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة، وبالتالي تقليل انتشار الأمراض المهددة للحياة.
وطالبت وزارة صحة الانقلاب بإضافة بعض التطعيمات غير الإجبارية التي تعتبر ضرورية لحماية الأطفال من بعض الأمراض، كما هو الحال في العديد من الدول، حيث يُطلب من الأطفال تلقي مجموعة من التطعيمات في مواعيد محددة من الولادة حتى عمر السنتين، وتوفر هذه التطعيمات مجانًا.
وأشارت د. هالة إلى أن من هذه التطعيمات تطعيم الروتا والذي يعد من أهم التطعيمات الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية، حيث يساهم في الوقاية من الفيروس المسؤول عن الإسهال الحاد بين الأطفال، مؤكدة أن تطعيم الروتا ليس إلزاميًا في مصر، إلا أنه متاح في العديد من المراكز الطبية ولدى أطباء الأطفال.
وحذرت د. هالة من أن فيروس الروتا يتسبب سنويًا في ملايين حالات الإسهال، ويحتاج أكثر من مليوني طفل إلى العلاج في المستشفيات، مما يؤدي إلى وفاة نحو 453 ألف طفل دون سن الخامسة على مستوى العالم، مؤكدة أن معظم أطباء الأطفال يوصون بتطعيم الأطفال ضد فيروس الروتا للحد من مخاطره الصحية الكبيرة.
حق الطفل
وحذر الدكتور وجدي جرجس استشاري الاطفال وحديث الولادة من حرمان الأطفال وكبار السن من التطعيمات، بسبب ارتفاع الأسعار، مشيرا إلى أن التطعيمات هي الوسيلة المثلى للوقاية من الأمراض، حيث يعمل اللقاح على تحفيز الجهاز المناعي لإنتاج أجسام مضادة ضد الجراثيم، مما يعزز قدرة الجسم على مقاومة الأمراض في المستقبل.
وقال جرجس في تصريحات صحفية: إن “الحرمان من التطعيم يمثل تجاهلًا لحق الطفل في الاستفادة من التقدم العلمي والطبي الذي ساهم فى حماية الأجيال من الأمراض الخطيرة، مؤكدًا أن التطعيمات هي الوسيلة الأكثر أمانًا وفاعلية لحماية الأطفال من المخاطر الصحية”.
وشدد على أهمية التطعيمات الإضافية مثل تطعيم فيروس الروتا، الذي يحمي الأطفال من النزلات المعوية الخطيرة، وتطعيم المكورات الرئوية، الذي يقي من أمراض مثل الالتهاب الرئوي والتسمم الدموي.