ضمن برنامج الطروحات الحكومية وبيع الأصول الذي يعتمده نظام الانقلاب العسكري، جاء طرح الهيئة القومية لسكك حديد مصر، التابعة لوزارة النقل، لإدارة واستغلال محطة بضائع السادات، التي تمتد على مساحة 7727 مترًا مربعًا، للاستثمار اللوجستي، لفترة 15 عامًا وبنظام حق الانتفاع.
وأعلنت الإدارة المركزية للإمداد والتموين، التابعة للهيئة القومية لسكك حديد مصر، عن مزايدة علنية عامة، طبقًا للائحة تنظيم التعاقدات التي تبرمها هيئة السكك الحديدية، بشأن مشروع طرح استغلال أرض الفضاء بمحطة قطارات بضائع السادات للاستثمار اللوجستي لنقل البضائع.
ويأتي قرار التفريط بالمحطة الاستراتيجية في وقت يتشدق فيه وزير النقل، كامل الوزير، بتحقيق إنجازات كبيرة في قطاع النقل. كما يأتي طرح المحطة اللوجستية بعد قرار السيسي بتمديد خط السكك الحديدية إلى مدينة السادات، وهو ما يعد خيانة أو فشلًا استراتيجيًا للوزير المقرب من السيسي، وفق خبراء.
وبحسب بيانات رسمية، فقد حددت الإدارة المركزية لسكك حديد مصر عدة ضوابط وشروط هامة للدخول في مزايدة طرح محطة قطارات بضائع السادات للاستثمار اللوجستي، حيث شملت الشروط الآتي:
ثمن كراسة الشروط: 5000 جنيه.
التأمين المؤقت المطلوب: 500 ألف جنيه.
التأمين النهائي: 5% من إجمالي قيمة العقد.
تاريخ المزايدة: 26 ديسمبر 2024.
يجب تقديم ما يفيد تسجيل الشركة على بوابة التعاقدات العامة عند شراء كراسة الشروط، وذلك طبقًا للشروط الموضحة بكراسة الشروط، والتي يمكن الحصول عليها من الإدارة المذكورة، كما يمكن الاطلاع على مستندات الطرح الخاص بها على بوابة التعاقدات العامة دون مقابل.
زيادة الأعباء والديون
ويأتي طرح المحطة الاستراتيجية بعد أيام من طلب وزير النقل، كامل الوزير، قرضين من بنوك محلية ومن البنك الدولي لتطوير خط المترو الأول، وذلك رغم زيادات أسعار المترو ورفع التذاكر بأكثر من 300%.
هذا الأمر يفاقم الديون على مصر، التي وصلت خدمة الديون فيها لأكثر من 33 مليار دولار خلال العام 2024، وهو الرقم القياسي الأكبر في مصر على مدى المائة عام الأخيرة.
وتعتمد مصر سياسة التخلي عن أصولها الاقتصادية من أجل تحصيل الأموال والدولارات، حيث تسيطر الإمارات على الكثير من الموانئ ومحطات الشحن، وأكبر شركات الشحن البحري والبري والجوي في مصر، هذا الأمر ينعكس سلبًا على الأمن القومي المصري بصورة كبيرة، ويفاقم أزمة الدولار، إذ يتعين على الحكومة توفير الدولارات للمستثمرين الأجانب لتحويل أرباحهم السنوية للخارج، مما يرفع أسعار العملات في مصر، ولا يحل أزمة الدولار، بل يؤجلها ويفاقمها فقط.
بيع الأصول لشراء الوقت
ووفق رئيس الوزراء الأسبق، بهاء الدين زياد، فإن مخطط بيع أصول مصر الاقتصادية يشوبه الكثير من المآخذ، ومنها توقيت البيع المتزامن مع والمدفوع بأزمة اقتصادية خانقة، مما يجبرنا على البيع بأسعار منخفضة غير عادلة. ثانيًا: غياب التنظيم الموحد والشفافية عن عمليات البيع، مما يجعلها أقل تنظيمًا من برامج الخصخصة السابقة في فترة مبارك. ثالثًا: عدم تشجيع مشاركة القطاع العائلي المصري في شراء هذه الأصول، مع التوجه الأساسي نحو المستثمرين الأجانب.
علاوة على ذلك، تهيمن بعض دول الخليج، تحديدًا السعودية والإمارات، الحليفين الأساسيين والداعمين للنظام منذ 30 يونيو 2013، على أغلب مشتريات الأصول المصرية. يتضح هذا من الدعم السياسي للنظام، كما ظهر بوضوح في حجم وتوقيت صفقة رأس الحكمة التي اشترتها الإمارات (فيما يشبه لحظة إنقاذ سينمائية)، وما يُشاع عن صفقة مماثلة مع السعودية تخص منطقة رأس جميلة.
من جهة أخرى، تستفيد هذه الدول اقتصاديًا وتجاريًا بالحصول على أفضل الأصول الرابحة بأسعار استثنائية بخسة في ظل الأزمة المالية وتدهور قيمة الجنيه. كما تسعى هذه الدول لتعزيز حصصها السوقية وفرصها الاحتكارية بمصر، كما قيل عن صفقات قطاع الأسمدة، وكما ظهر في تعديلات قانونية أجريت خصيصًا لتسهيل نقل الأصول التاريخية والأراضي الصحراوية وغيرها، وذلك وفق دراسة لمركز الجزيرة للدراسات في سبتمبر الماضي.