في ظل عجز كبير في مخزونات القم بمصر وتراجع الاحتياطي المصري، والأزمات الكبيرة التي تضرب النقد الأجنبي بمصر وسيطرة الجيش على هيئة السلع التموينية واضطلاعها بقرار مباشر من السيسي باستيراد القمح والسلع الغذائية لمصر، داء القرار الروسي الجديد، ليفاقم أزمة القمح بمصر، ويهدد رغيف خبز المصريين.
ورفعت روسيا الرسوم الجمركية على صادرات القمح بنحو 32%، أي أكثر من 11 دولارًا في الطن الواحد، ما اعتبره مستوردان تحدثا يعوق تعاقد مصر على شحنات جديدة، خصوصًا مع ارتفاع سعره عن المناشئ الأخرى.
وحددت وزارة الزراعة الروسية،الخميس الماضي، الرسوم بـ4871.5 روبلا للطن (46.84 دولارا) بعدما كان 3696.3 روبلا للطن (35.54 دولارا) في الأسبوع السابق، على أن تستمر الأسعار الجديدة حتى 17 ديسمبر الحالي.
وتعيد روسيا تسعير تصدير القمح ومختلف السلع الغذائية أسبوعيًا منذ يونيو 2021، وعادة ما تتراوح الزيادة والانخفاض بنسبة لا تزيد عن 10% حسب أسعار عقود التصدير المسجلة في بورصة موسكو، ولم تشهد زيادة كبيرة هذا العام سوى مرتين كانت الثانية الخميس الماضي، بينما الأولى في أكتوبر الماضي حينما شهدت زيادة بـ41% بقيمة 17.5 دولارا للطن.
ووفق مستوردين، فإن زيادة رسوم صادرات القمح الروسي تدفع مصر لرفض شراء أي كميات منه، وحدث ذلك في آخر مناقصتين، اذ رفضت مصر شراء قمح روسي في مناقصة خلال نوفمبر الماضي لارتفاع سعر الطن إلى 265 دولارًا.
يشار إلى أن أسعار القمح الروسي قبل تطبيق تلك الزيادة كانت تتراوح من 255 إلى 265 دولارًا للطن، وأنه بعد تطبيقها محتمل أن تتجاوز أسعار القمح حاجز الـ280 دولارًا للطن.
وتعاقدت الهيئة العامة للسلع التموينية على شراء 280 ألف طن قمح بلغاري وأوكراني، في مناقصة دولية منتصف أغسطس الماضي، رغبت خلالها السلع التموينية في شراء 3.8 مليون طن، لكنها عجزت عن تحقيق ذلك، كما اشترت 290 ألف طن قمح مستورد من 3 مناشئ، هي رومانيا وأوكرانيا وبلغاريا، في نوفمبر الماضي.
كما من المتوقع أن تقر روسيا زيادات أخرى على رسوم جماركها لمجابهة التضخم، والسيطرة على ارتفاع الأسعار بالسوق المحلية لديها، ما يعوق التعاقد على شحنات روسية أخرى خاصة إذا تحققت تنافسية الأسعار.
وباتت روسيا تعتمد خلال العامين الأخيرين على مجابهة التضخم من خلال بيع القمح بصفة خاصة بأسعار تحقق مكاسب كبيرة للموردين الروسيين لمكافحة ارتفاع الأسعار في السوق المحلية الروسية.
كما أن روسيا عادة ما تلجأ إلى وضع حد أدنى لسعر بيع القمح بالمناقصات الدولية، أو فرض ضريبة تصديرية على أسعار البيع من خلال وزارة الزراعة الروسية.
جهاز مستقبل مصر العسكري
وفي 10 ديسمبر الجاري، طلبت هيئة السلع التموينية التابعة لوزارة التموين من جهاز مستقبل مصر التابع للقوات المسلحة استيراد 1.7 مليون طن قمح، خلال الفترة من يناير وحتى يونيو المقبلين.
ويأتي طلب الهيئة ، كأول تجربة للعمل بالنظام الجديد، إذ يقتصر دورها على تحديد الكميات المطلوب استيرادها، ومواعيد وصول الشحنات، ومتابعة حجم الاحتياطي الاستراتيجي من الحبوب، فيما يتولى جهاز مستقبل مصر إجراء المناقصات.
وكانت وزارة التموين المصرية أبلغت وزارة الزراعة الروسية قبل أيام أن جهاز مستقبل مصر سيكون المشتري الحكومي الجديد للسلع والحبوب.
وجاء ذلك بعد إعلان لـ”مستقبل مصر” الشهر الماضي عن مناقصة لاستيراد 60 ألف طن قمح الشهر الماضي، ما أربك الأسواق العالمية التي اعتادت على التعامل مع الهيئة التابعة لوزارة التموين منذ أكثر من 40 عامًا.
ومن المقرر ، أن يعلن جهاز مستقبل مصر، خلال وقت قريب عن حاجته لاستيراد كميات كبيرة من القمح، خصوصًا بعد انخفاض الاحتياطي الاستراتيجي للبلاد إلى 3.5 أشهر، بعدما كان يتراوح بين 5 و6 أشهر سابقًا.
وستكشف المناقصة المقبلة مدى قدرة الجهاز على التفاوض والاستيراد بأقل الأسعار.
وأيضا، تقدمت الشركة القابضة للصناعات الغذائية بطلب إلى جهاز مستقبل مصر لاستيراد 50 ألف طن من الزيت،فيما يصل احتياطي الزيت الحالي إلى 6 شهور حاليًا.