على الرغم من أحاديث المنقلب السفيه السسيسي المطولة عن خطط وبرامج حكومته ومساعيه لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وتعسير حركة الاستيراد، على خلفية أزمة الدولار، وانهيار قيمة الجنيه المصري، إلا أن فاتورة استيراد السلع التموينية ارتفعت إلى 11.5 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.
علاوة على اختلال مصر المرتبة الأولى عالميا في استيراد الغذاء من الخارج، وهو ما يثقل كاهل الموازنة العامة، وذلك على الرغم من توسعات المؤسسة العسكرية في الاقتصاد والزراعة والصناعة، تحت شعارات وطنية، إلا أنها لم تسفر عن شيء وتتحول لمجرد أوهام قاتلة لمستقبل البلد الأكبر من حيث عدد السكان بالمنطقة العربية وأفريقيا.
ووفق خبراء، يعكس هذا المعدل الكبير من الاستيراد للسلع التموينية، واقعًا اقتصاديًا معقدًا واحتياجات متزايدة ، في ظل الأزمات الجيوسياسية والحروب التي تشهدها المنطقة.
كما يطرح العديد من الاسئلة والاستنكار أيضا حول السياسات الغذائية والزراعية، وسبل تحقيق الاكتفاء الذاتي.
ويمثل الأمن الغذائي أحد الأعمدة الرئيسية لاستقرار أي دولة، خاصةً في ظل الأزمات العالمية التي تؤثر على الإمدادات والتكاليف.
وتكشف بيانات رسمية أن مصر استوردت سلعًا تموينية بقيمة 11.5 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.
ووفقًا للتقارير الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ووزارة التموين، بلغت واردات السلع التموينية خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2024 حوالي 11.5 مليار دولار، وحلت مصر كأكبر مستورد للقمح عالميًا، خلال هذه الفترة، بلغت قيمة وارداته حوالي 4.2 مليار دولار، جاءت الكميات من مصادر متعددة أبرزها روسيا وأوكرانيا.
ورغم استمرار الحرب بينهما، تظل مصر تعتمد عليهما لتأمين حوالي 50% من وارداتها.
وأيضا فرنسا وألمانيا والهن، اللذان يمثلان لمصر مصادر بديلة لتخفيف الاعتماد على الموردين التقليديين.
ويُستخدم القمح بشكل أساسي لإنتاج الخبز المدعوم، الذي يُعد عنصرًا رئيسيًا في النظام الغذائي المصري.
كما استوردت مصر ذرة بقيمة 1.1 مليار دولار، لاستخدامها في الصناعات الغذائية والأعلاف الحيوانية، بلغت قيمة الواردات المستورد بنحو 2.3 مليار دولارا.
كما تستورد مصر زيت الصويا وزيت عباد الشمس، معتمدين بشكل رئيسي على الأرجنتين وإندونيسيا كمصدرين رئيسيين، وقد شهدت أسعار الزيوت مؤخرًا ارتفاعًا عالميًا بنسبة 25% مقارنة بالعام الماضي بسبب الأزمات المناخية.
وفيما يخص السكر، فاستوردت مصر كميات من السكر الخام والمكرر بلغت نحو 1.7 مليار دولار، نتيجة زيادة الطلب المحلي في ظل محدودية الإنتاج المحلي، حيث يُستخدم السكر في الصناعات الغذائية والاحتياجات الاستهلاكية، وتتركز الواردات من البرازيل والهند.
الأرز
وبلغت واردات مصر من الأرز بقيمة 600 مليون دولارًا لتعويض نقص الإنتاج المحلي، لم يكفِ لتغطية الطلب المتزايد، وذلك على الرغم من تاريخ مصر الطويل في تحقيق فائض في إنتاج الأرز، كانت تصدر مصر منه سنويا أكثر من 1 مليون طن.
كما بلغت واردات مصر من الشاي 400 مليون دولارًا، حيث تستورد من كينيا وسيريلانكا.
كذلك استوردت مصر لحوما مجمدة بقيمة 1.2 مليار دولارًا، معظمها من البرازيل والهند.
محدودية الإنتاج المحلي
ورغم الأحاديث الفنكوشية الحكومية عن لزيادة الرقعة الزراعية، لا تزال مصر تعتمد على الاستيراد لتغطية 60%-70% من احتياجاتها التموينية، وذلك على خلفية تصاعد أزمة نقص المياه نتيجة التحديات المرتبطة بسد النهضة الإثيوبي، وتفريط السيسي في حقوق مصر التاريحية، بتوقيع اتفاق المبادئ مع أثيوبيا.
كذلط تهاني الزراعة الصرية والإنتاج سياسات عشوائية تعتمد على الأساليب التقليدية والآلات بالية، بجانب التوسع في سياسة بيع الأصول الاقتصادية ، ضمن سياسات التخارج الحكومية.
ولعل انعكاسات الاعتماد على الاستيراد في سد الحاجات الغذائية للشعب المصري، ارتباط تلك المواد المستوردة، بالأسعار العالمية، إذ زادت أسعار القمح عالميًا بنسبة 30% خلال عام 2024 مقارنة بعام 2023.
كما ارتفعت تكاليف النقل البحري نتيجة لزيادة أسعار الوقود، مما أثر بشكل مباشر على الفاتورة الإجمالية للواردات.
وممما لاشك سيؤدي ذلك، إلى تفاقم العجز التجاري وزيادة الضغوط على العملة.
إذ يبلغ العجز في الميزان التجاري المصري حوالي 28.7 مليار دولار خلال الفترة نفسها، مما أدى إلى زيادة الضغط على الاحتياطي النقدي الأجنبي، الذي تراجع إلى 34.5 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2024.
ووفق الخبراء، فإن زيادة أرقام الاستيراد للسلع الغذائية يعكس خللًا هيكليًا في سياسات الإنتاج الزراعي والاكتفاء الذاتي، كما أن ارتفاع الواردات التموينية يُضعف الميزان التجاري ويزيد الضغوط على الاحتياطي النقدي.
ومع استمرار العجز في الإنتاج، ستظل الأسعار بالسوق المحلية، فوق حد احتمال المواطن، ودون قدرة من الحكومة على ضبطها، وهو ما يمكن ملاحظتها بسهولة، حيث سجلت أسعار الزيوت النباتية والأرز زيادات بنسبة 25-30% مقارنة بالعام الماضي.
وزادت أسعار اللحوم والأجبان والمعجنات والدقيق وغيرها من السلع الأساسية.
ويبقى تحقيق الاكتفاء الذاتي تحديًا استراتيجيًا لمصر، يتطلب تضافر الجهود الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني لضمان استقرار غذائي واقتصادي طويل الأجل، ولكن التوغل العسكري يظل العائق الأكبر أمام تحقيق الاكتفاء الذاتي، حيث يعتمد الاستحواذ والاحتكار ما يطرد كل المستثمرين ويصيب المنافسة الاقتصادية بمقتل، وهو ما يدفع ثمنه المواطن المصري.