إيطاليا تصعد  بورقة ريجيني ضد نظام المنقلب السيسي قبل أيام من المراجعة الدورية لحقوق الإنسان…تفاصيل وتداعيات مستقبلية

- ‎فيتقارير

 

في تصعيد جديد في قضية الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، كشف تلفزيون “لا سيتّى” LA7 الإيطالي عن اختفاء مواطن مصري يُدعى زكريا، بعد القبض عليه من قبل شرطة الانقلاب في مصر ، إثر محاولته تقديم معلومات قد تكون حاسمة في القضية التي لا تزال تُثير اهتماماً دولياً منذ عام 2016، أثار هذا التطور موجة من التساؤلات والقلق حول مصير الشاهد وأمانه الشخصي، مما أعاد تسليط الضوء على أجواء القمع والانتهاكات التي تُتهم بها السلطات السيسي.

 

ووفقاً للتقرير، زار زكريا، وهو مدرس حكومي مصاب بالسرطان وملاحَق من قبل السلطات  المصرية، مقر السفارة الإيطالية في القاهرة صباح يوم 3 ديسمبر 2024، وأكد زكريا خلال زيارته امتلاكه معلومات هامة تتعلق بمقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، الذي عُثر عليه مقتولاً في القاهرة في ظروف غامضة أوائل عام 2016، وُصف اللقاء بالقصير، حيث طلب منه أفراد الحراسة الإيطاليون تقديم إثبات هويته قبل أن يُبلغوه بأنهم سيعاودون الاتصال به لتحديد موعد الإدلاء بشهادته، ولكن بعد ساعات قليلة من الزيارة، اقتحم رجال أمن مصريون منزله في الساعة الثالثة فجراً يوم 4 ديسمبر، حيث قاموا باعتقاله واقتياده إلى جهة غير معلومة.

أما المعلومة الوحيدة التي أفاد بها التقرير هي أن والدته المسنّة أبلغت الشرطة عن اختفائه، ثم توجهت إلى السفارة الإيطالية يوم 9 ديسمبر بعد أن تذكرت توصيته لها بالتواصل مع السفارة حال حدوث أي مكروه.

 

وأثار التقرير الذي أذاعه التلفزيون الإيطالي العديد من التساؤلات الغامضة، من أبلغ السلطات المصرية عن زيارة زكريا للسفارة ؟ ما المعلومات التي بحوزته؟ وهل كانت زيارته للسفارة محاولة أخيرة لإيصال الحقيقة، أم أنه دخل في لعبة أكبر تتعلق بصراع أجهزة أو قوى داخلية وخارجية؟ وهل السلطات المصرية متورطة في اختفائه؟ وأشار التقرير إلى أن زكريا سبق أن أدلى بشهادته عبر تقنية الفيديو كونفرانس للنائب العام المساعد سيرجو كولايوكو، وربما أيضاً للنائب العام الإيطالي فرانشيسكو لوفوي، بحضور أحد أفراد حراسة السفارة والقنصل الإيطالي بالقاهرة.

 

الواقعة أثارت غضبا سياسيا بايطاليا، اذ أعربت نائبة رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الإيطالي، ليا كوارتابيللي، عن صدمتها قائلة: إننا “بصدد خبر صادم يُظهر أن مصر السيسي ما زالت نظاماً متوحشاً يخشى من الحقيقة”، وأكدت كوارتابيللي أنها ستتقدم بطلب إحاطة للحكومة الإيطالية لحثها على التدخل لدى النظام المصري لضمان حماية الشاهد ومعرفة مصيره، في المقابل، لم تصدر وزارة الخارجية الإيطالية أو نيابة روما أي تصريحات رسمية حول الواقعة حتى الآن، واعتبرت كوارتابيللي أن الصمت الدولي قد يُفاقم الوضع.

 

 

 

 

ووفق الصحيفة الإيطالية، فإنه خلال المحاكمة التي تجري ضد أربعة من عناصر المخابرات المصرية بتهمة قتل جوليو ريجيني، نقل الشاهد “غاما” ما سمعه من أحد المتهمين أثناء حديث دار في مطعم في نيروبي سنة 2017: “سمعت الرائد مجدي إبراهيم عبد الشريف يقول ‘في بلدنا كان لدينا حالة طالب أكاديمي إيطالي كنا نظن أنه من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وربما من الموساد، وكان مشكلة لأنه كان محبوبًا بين الناس العاديين، عندما قبضنا عليه، قمنا بتمزيقه إربًا، دمرناه، أنا الذي ضربته”.

 

 

وأدلى الشاهد المعروف باسم “غاما” بشهادته يوم الخميس في قاعة محكمة بيازال كلوديو في روما، خلال المحاكمة التي تجري ضد أربعة من عناصر المخابرات المصرية وهم اللواء طارق صابر، والعقيدان آسر كمال وحسام حلمي، والرائد مجدي إبراهيم عبد الشريف، بتهمة قتل جوليو ريجيني.

 

وأكد الشاهد أن هذا هو ما سمعه من أحد المتهمين في مطعم في نيروبي في  سبتمبر 2017، وأن المحادثة دارت بين أحد عناصر المخابرات المصرية وأحد أفراد جهاز الأمن في كينيا حول ما حدث للباحث الشاب جوليو ريجيني، الذي تم العثور على جثته في مصر في  يناير 2016.

وأعاد الشاهد – الذي أدلى بشهادته وهو محمي خلف حاجز للحفاظ على سرية هويته – سرد ما حدث في ذلك اليوم. في وقت وقوع الحادثة، كان يعمل بائع كتب وكان في المطعم لمقابلة أستاذ من جامعة نيروبي مهتم بشراء بعض الكتب، وقال أمام قضاة محكمة الجنايات في العاصمة: “سمعت رجلين بجانبي يتحدثان عند الطاولة المجاورة ، مسؤولا أمنيا كينيا ورجلا مصريا نزل قبل قليل من مركبة دبلوماسية، كانا على بعد حوالي مترين مني، لم تكن هناك طاولات بيننا، بدآ الحديث عن الانتخابات الرئاسية في كينيا وكانا يتحدثان بالإنجليزية، تحدثا عن التوترات والمواجهات مع الشرطة بعد التصويت ضد شرعية عمليات الاقتراع وعن الضحايا الذين سقطوا، كانا ينتقدان الاتحاد الأوروبي الذي أظهر تضامنًا مع الاحتجاجات، وقال المسؤول الكيني إنه يجب التمسك بالموقف وأنه بدون تدخلات أجنبية كان بإمكان قوات الشرطة قمع الاحتجاجات “بشكل أفضل”.

ونقل الشاهد ما قاله مجدي إبراهيم عبد الشريف لمرافقيه في المطعم: “الاتحاد الأوروبي يمثل مشكلة كبيرة لنا في مصر، في بلدنا، كان لدينا حالة طالب أكاديمي إيطالي كنا نعتقد أنه من وكالة الاستخبارات المركزية أو الموساد، كان هذا الشخص يمثل مشكلة لأنه كان محبوبًا بين الناس العاديين، كان يتفاعل مع السكان في الأسواق، أدركت لاحقًا من كان يقصدون، كانوا يتحدثون عن إيطالي كان يمثل مشكلة، وكانوا قد سئموا منه، قمنا بضربه، وأنا الذي ضربته، مزقناه إربًا ودمرناه”.

 

وفقًا للشاهد، استمر الحوار حوالي 45 دقيقة، وقال: “سمعت اسم شريف، حيث كان الكيني يخاطب المصري باسم شريف، وحيّاه باسمه، فوضع المصري يده على صدره، وهي طريقة يستخدمها كثير من المسلمين للرد على التحية، تبادلوا بطاقات العمل فيما بينهم”.

عقب ذلك، أصدر قضاة محكمة الجنايات الأولى في روما أمرًا يسمح بضم سلسلة من محاضر شهادات شهود مصريين تم الاستماع إليهم في قضية ريجيني، والذين لن يتمكنوا من الإدلاء بشهاداتهم في المحكمة خوفًا من الانتقام. وقد ركز القضاة على أوضاع الحقوق المدنية في مصر.

 

كما استشهد القضاة بـ “ورقة 2024″ الصادرة عن وزارة الخارجية الإيطالية التي خلصت إلى أن مصر بلد آمن، لكن هناك استثناءات ضرورية تشمل المعارضين السياسيين، والمنشقين، والنشطاء، والمدافعين عن حقوق الإنسان، أو أي شخص قد يقع ضمن أسباب الاضطهاد، بما في ذلك لأسباب الرأي السياسي، بغض النظر عما إذا كان مقدم الطلب قد ترجم هذا الرأي أو الفكرة أو المعتقد إلى أفعال ملموسة”.

 

وأشارت الصحيفة إلى القرار الذي اتخذته المحكمة بأن جميع المصادر المذكورة، رغم اختلاف وجهات النظر ومصادر المعلومات، تتفق على أن مصر تتسم بانتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان بناءً على تقارير موثوقة. وتشمل هذه الانتهاكات عمليات إعدام تعسفية أو غير قانونية، بما في ذلك الإعدامات خارج نطاق القضاء، والاختفاء القسري، والتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من قبل الحكومة، وظروف السجن القاسية التي تهدد الحياة، والاعتقالات والاحتجاز التعسفي بدوافع سياسية. وفيما يتعلق بالحق في الحياة، تشير التقارير إلى أن مصر من بين الدول التي تُمارس فيها عقوبة الإعدام، حيث تعد معدلات تنفيذ العقوبات فيها من بين الأعلى عالميًا.

 

وأضاف القضاة أن “هذه المحاكمة نفسها – بعيدًا عن القضية قيد التحقيق ومصير ريجيني – قدمت بالفعل دلائل مهمة على ممارسات مصرية تتعلق بالاختفاء القسري المفاجئ وظروف الاحتجاز، حتى في حالات تعتبر في نظامنا القانوني تعبيرًا طبيعيًا عن الرأي، وهي بعيدة جدًا عن المبادئ الراسخة لضمان الحريات واحترام الحق في الدفاع، فضلًا عن إخضاع قوات الشرطة لرقابة خارجية مستقلة” ومن المقرر عقد الجلسة القادمة في 21 يناير في قاعة السجن المحصنة في روما بمنطقة ريبيبيا.

وتمثل تلك التغطية ،  صورة من صور الانتهاكات الحقوقية المتفاقمة بمصر، والتي ستكون ضمن ملف الاستعراض الدوري لحقوق الإنسان في يناير المقبل ، بمجلس حقوق الإنسان، والذي سيناقش الملف المصري، المفعم بالانتهاكات.