في تباين واضح، ييكشف ماذا تفعل الديكتاتوريات بأبناء ووطنها واقتصاده ومقدراته البشرية والاقتصادية، وفي الوقت الذي ينهار فيه الجنيه المصري، ليبلغ في البنوك الرسمية 50,99 جنيها للدولار، على إثر أزمة اقتصادية بالغة السوء تضرب مصر في ظل حكم السيسي والعساكر، الذين لا يفهمون في السياسة ولا في الاقتصاد، بينما ارتفعت الليرة السورية بمعدل 3% أمام الدولار، بعد أيام من سقوط الطاغية بشار الأسد.
وهو ما يذكر المصريين بمقولات إعلام السامسونح لتفزيعهم من الثورة أو رفض الأوضاع السيئة القائمة بمصر ولا عاوزين بقى زي سوريا والعراق.
سوريا الثورة
وفي ساعات معدودة من نجاح الثورة السورية والإطاحة بنظام بشار الأسد، وعلى الرغم من الشلل الاقتصادي وسرقة بشار الأسد لطنين من الدولارات، قدرت بنحو 250 مليون دولار، في حقائب إلى روسيا، وهو ما يؤكد نجاح الثورة السورية، وتحسن التوقعات والمؤشرات المستقبلية للثورة السورية.
ووفق تقارير اقتصادية، واصل سعر صرف الليرة السورية ارتفاعه مقابل الدولار بعد أسبوع من الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، على وقع دخول العملة الأجنبية إلى البلاد وبدء التعامل بها علانية في الأسواق.
وتراوح سعر الصرف ليل الأحد – الإثنين الماضي في دمشق بين 10 و12 ألفًا، وفقًا لصراف وتاجر مجوهرات وموظف استقبال في فندق بارز تحدثوا لوكالة فرانس برس، فيما كان سعره يتراوحح بين 30 إلى 40 ألف ليرة للدولار.
فيما قال سائق سيارة أجرة لبناني: إنه “باع الدولار بسعر 9 آلاف ليرة سورية قبل عبوره الحدود من لبنان إلى سوريا”.
وأرجع الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، قصي إبراهيم، تحسن الليرة إلى أسباب سياسية واقتصادية في آن معًا، مشيرًا إلى أن الأسباب الاقتصادية مرتبطة بدخول كميات كبيرة من الدولار من إدلب ومناطق المعارضة سابقًا من ناحية، ومن فرق الإعلام والعاملين في المنظمات الأجنبية من ناحية أخرى.
من جانبه، قال مالك متجر مجوهرات في سوق الحريقة في دمشق، يدعى رغيد منصور: “في كل بلدان العالم تنهار العملة عندما يسقط النظام، لكن المشهد بدا مغايرًا في سوريا” وتابع “ما من سعر ثابت، لكن الليرة تتحسن تدريجيًا”.
وعلى واجهة متجر “بكداش”، أحد أشهر محلات المثلجات العربية في دمشق، وُضعت ورقة بيضاء كتب عليها بخط اليد الأسعار بالعملات السورية والتركية والدولار، بينما كان العشرات يتوافدون للشراء.
وحتى الأمس القريب، كان القانون السوري يجرم التعامل بغير الليرة ويفرض غرامات وعقوبات قاسية تصل إلى السجن 7 سنوات لمن يتعامل بالدولار أو العملات الأجنبية.
وطالت اعتقالات عشرات التجار ورجال الأعمال بحجة التعامل بغير الليرة، ومن بينهم أسماء معروفة وتجار مخضرمون، وكان السوريون يتحاشون لفظ كلمة الدولار في جلساتهم أو عبر الهواتف ويستخدمون كلمات أخرى خشية من توقيفهم.
جدير بالذكر أن الدولار كان يساوي 50 ليرة قبل اندلاع النزاع عام 2011، حيث تهاوت العملة السورية بعدها بشكل تدريجي وفقدت أكثر من 90% من قيمتها.
فيما يذهب خبراء إلى أن سبب ارتفاع الليرة أمام الدولار، يرجع الى وقف الفساد الذي كان مستشريا في ظل نظام الأسد، الذي أخرج من سوريا نحو طنينن من الدولارات، وفق تقارير صحفية.
معركة صعبة
ومنذ عام 2011، خاضت اللّيرة السورية معركة صعبة في ظل الأزمة التي اجتاحت البلاد، فقد تأثرت قيمة العملة الوطنية بسرعة بسبب الظروف السياسية والأمنية.
ومع سقوط حكم الأسد، شهدت اللّيرة السورية ارتفاعاً ملحوظاً مقابل الدولار الأمريكي بنسبة لا تقل عن 20% خلال الأيام القليلة الماضية، وفقًا لما ذكرته رويترز.
ففي بداية الحرب كان سعر الدولار يعادل 47 ليرة سورية، لكن مع تصاعد الأزمة السياسية والأمنية في البلاد، بدأت الليرة تشهد تدهوراً كبيراً.
وتراوح سعر صرف الّليرة خلال اليومين الماضيين، بين 11.500 و12.500 ليرة مقابل الدولار، بعد أن تجاوز سعر الدولار قبل عشرة أيام عتبة 30.000 ليرة في دمشق وأكثر من 40.000 ليرة في حلب، وفقاً لموقع “الليرة اليوم”.
ويخشى مراقبون من أن تلعب بعض اذرع النزام المخلوع في الاقتصاد السوري ، عبر شركات الحوالات، لخفض سعر الدولار، لكي يخرج من يمتلكه من جيبه لينفقه خشية انهيار سعره، ثم يجري التلاعب مجددا ورفع أسعاره.
إلا أن الثابت أن انخفاض سعر الدولار وارتفاع الليرة، مرجعه توقعات ايجابية من قبل الدوائر الاقتصادية بالداخل والخارج، حول مستقبل الشفافية وعدم الفساد والرقابة والمحاسبة لكل أعمال منافية للقانون.
2 طن من الدولارات
وتناقلت وسائل إعلام عالمية، تقارير عن تهريب الرئيس السوري السابق بشار الأسد، لأكثر من 250 مليون يورو، ومئات من ملايين الدولارات، من سوريا إلى روسيا.
وكشفت صحيفة فاينانشال تايمز، تهريب الرئيس السوري السابق بشار الأسد، أموال له من سوريا إلى روسيا، تجاوزت ال250 مليون بين يورو ودولار، من فئات ورق ب100 دولار وآخر ب500 يورو.
وأوضحت الصحيفة، أن نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، نقل أوراقا نقدية تزن حوالي 2 طن من فئة 100 دولار و500 يورو إلى مطار فنوكوفو في موسكو، لإيداعها في البنوك الروسية.
وتؤكد التحويلات غير العادية من دمشق كيف أصبحت روسيا، الحليف الأساسي للأسد الذي قدمت له الدعم العسكري لإطالة أمد نظامه، واحدة من أهم الوجهات للأموال السورية بعدما دفعتها العقوبات الغربية إلى الخروج من النظام المالي، واتهمت شخصيات معارضة وحكومات غربية نظام الأسد بنهب ثروات سوريا والتحول إلى أنشطة إجرامية لتمويل الحرب وتحصين نفسه، وتزامنت شحنات الأموال النقدية إلى روسيا مع اعتماد سوريا على الدعم العسكري من هناك، وشروع عائلة الأسد في شراء عقارات فاخرة في موسكو.
وأوضحت الصحيفة أن البنك المركزي السوري نقل جوًا نحو 250 مليون دولار نقدًا إلى موسكو خلال عامين، عندما كان الأسد آنذاك مدينًا للكرملين مقابل الدعم العسكري، وكان أقاربه يشترون أصولًا في روسيا سرًا.
وتظهر السجلات التجارية الروسية من شركة إمبورت جينيوس، وهي خدمة بيانات التصدير، أنه في 13 مايو 2019، هبطت طائرة تحمل 10 ملايين دولار من فئة 100 دولار، مرسلة نيابة عن البنك المركزي للأسد، في مطار فنوكوفو في موسكو.
وفي فبراير 2019، نقل البنك المركزي نحو 20 مليون يورو في أوراق نقدية بقيمة 500 يورو، وفي المجمل، كانت هناك 21 رحلة جوية من مارس 2018 إلى سبتمبر 2019 تحمل قيمة معلنة تزيد على 250 مليون دولار.
ولعل نفس الأمر، قد حجث في نصر مع خسني مبارك، الذي نقل اكثر من 70 مليار دولار خارج مصر، في بنوك سويسرية، والغريب أن المحاكم المصرية سمحت لأبنائه بالتمتع بثرواتهم بالخارج، بعد سنوات من المحاكمات الصورية بعد أن دمر العسكر الأدلة الثبوتية.
وهوما يحدث مع السيسي ونظامه حاليا، إذ كشف صحفيون ومراقبون كثر، لصحفيين وسياسيين مصريين، كالصحفي جمال سلطان، أن مراقبين غربيين يتحسسون الأمر، كلما باعت مصر أصلا من أصولها الاقتصادية، إذا ترتفع نسب التحويلات المالية الكبيرة من مصر إلى بنوك غربية في حسابات سرية، يشتبه أنها لمقربين من السيسي، وهو ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.