من 5 إلى 7 آلاف جنيه .. بيع الأطفال على الفيسبوك كارثة سببها الفقر وسياسات السيسي

- ‎فيتقارير

في ظل أوضاع اقتصادية قاتمة السواد، يعاني أكثر من 66 مليون مصري من الفقر، بينهم 80% يعانون الفقر المدقع، لم يعد أمام الآباء والأمهات من وسيلة لستر أسرهم إلا بالتنازل عن جزء من تلك الأسرة، سواء ببيع أعضاء أحد الأفراد أو حتى بيع الأطفال، حيث باتت صفحات التواصل الاجتماعي تعج بالإعلانات عن بيع الأطفال.

 

الظاهرة المتصاعدة دفعت سحر السنباطي، رئيس المجلس القومي للطفولة والأمومة في مصر، أمس الاثنين، إلى إحالة واقعة عرض أطفال للتبني مقابل الأموال إلى مكتب حماية الطفل التابع لمكتب النائب العام، من أجل محاسبة المتورطين.

وبحسب صبري عثمان، مدير الإدارة العامة لنجدة الطفل، فقد تم رصد مجموعات على فيسبوك تبيع الأطفال، وأوضح أن “بعض الأشخاص عرضوا أطفالهم للبيع أيضًا لأنهم ليس لديهم أموال”، مشيرًا إلى أن الأطفال أصبحوا سلعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تباينت الأسعار، إذ وصل سعر الطفل من 3 إلى 5 آلاف جنيه.

 

الواقعة تشكل جريمة اتجار بالبشر يعاقب عليها القانون رقم 64 لسنة 2010 بعقوبة قد تصل إلى السجن المؤبد، وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه.

وعلى مدى الأيام الماضية، تصاعدت تعليقات ومنشورات على عدة حسابات في فيسبوك تحت عنوان “تبني طفل يتيم”، نشرت صورًا لأطفال رضع من أجل تبنيهم مقابل بدل مادي، ما أثار قلق المصريين.

ومع تعدد الإعلانات، رصدت الكثير من المراصد الحقوقية تصاعد ذلك بالتزامن مع ظاهرة خطف الأطفال لبيعهم، سواء كأعضاء بشرية أو أطفال للتبني، وهو ما يعبر عن أزمة مجتمعية كبيرة.

 

ووفق العديد من المراقبين، تتزايد أيضًا خلال الأيام القليلة الماضية حوادث إلقاء الأطفال الرضع أمام المساجد وفي الشوارع، وهو ما يشير إلى تخلي الأسر عن أبنائها بعد ارتفاع أسعار السلع والأدوية والألبان وجميع مستلزمات الحياة في مصر، على خلفية سياسات الحكومة الحالية بتعويم الجنيه وإطلاق يد التجار بلا رقابة، وزيادة الضرائب والفواتير والرسوم.

 

ووفق وكالة أنباء آسيا، فقد انتشرت ظاهرة بيع الأهالي لأطفالهم في مصر على مواقع التواصل الاجتماعي، وقائع متعددة وقعت خلال السنوات الأخيرة، كان آخرها ما شهدته مدينة المنصورة، حيث قامت أم ببيع طفلتها البالغة 5 أشهر، مقابل مبلغ مالي قدره 7000 جنيه.

 

وبدأت القصة بتلقي مديرية أمن الدقهلية إخطارًا من مدير المباحث بالمحافظة، يفيد بورود بلاغ من سيدة متسولة مقيمة بمدينة المنصورة، حول قيام أحد الأشخاص، ويعمل في موقف للسيارات وله سوابق جنائية، بخطف نجلتها ماسة حين كانت تحملها للتسول بها في أحد شوارع المدينة.

 

وبعد ضبط سلطات الأمن المشتبه به ويدعى محمد، نفى خطف الطفلة، وأقر بأنه له سابق معرفة بوالدتها حال تسولها بأحد الشوارع، وأشار إلى أنه اتفق معها على بيع الطفلة لسيدة سودانية الجنسية مقابل مبلغ مالي ووافقت، ولم يقم بخطفها كما ادعت.

 

كذلك كشف أنه كان وسيطًا بين السيدة المصرية وسيدة أخرى على علاقة بالسيدة السودانية التي اشترت الطفلة، ولفت إلى أنه استلم الطفلة من والدتها نظير 7000 جنيه، وسلمها للوسيطة الرئيسة، وهي ربة منزل تدعى أسماء، تبلغ 56 عامًا ومقيمة بنفس المدينة، التي قامت بدورها بتسليم الطفلة للسيدة السودانية.

 

وبمواجهة الأم، اعترفت بجريمتها وأيدت أقوال الوسيط الأول “السايس”، وعللت قيامها بالإبلاغ على غير الحقيقة لتضليل زوجها خشية من غضبه بسبب بيعها طفلتها.

كما كانت هناك واقعة مأساوية ارتكبها عامل يُدعى “هـ.م” 27 سنة، عام 2020، حيث عرض ابنته البالغة من العمر 4 أشهر للبيع عبر إحدى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” مقابل 60 ألف جنيه.

وهو ما دفع أجهزة الأمن للتحري حول الواقعة، والتواصل معه على أنهم مشترون، من أجل ضبطه، وجرى ضبطه متلبسًا، وبمواجهة المتهم اعترف بعرض طفلته للبيع على موقع التواصل الاجتماعي حتى يستطيع أن يصرف على طفليه الآخرين.

 

وفي أغسطس 2018، قامت إحدى السيدات تُدعى “سعيدة. ط. ع”، ربة منزل، وزوجها “محمد. ن. ع”، عاطل، بعرض جنينها للبيع على الإنترنت مقابل 20 ألف جنيه.

وترى الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع، أن الأسباب الحقيقية لانتهاك حقوق الأطفال تأتي من خلال الكثافة السكانية العالية وزيادة الإنجاب، ما يخلق أزمة داخل الأسر المصرية وأدى إلى ظهور مواقع تروج لبيع الأطفال.

وأشارت إلى أن الفترة الحالية من عمر البلاد هي الأصعب في التاريخ نظرًا لظهور ظواهر تقضي على تماسك المجتمع وتهدد أمنه واستقراره.

 

فيما أكد الدكتور فؤاد عبدالنبي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية، أن ظاهرة بيع الأطفال التي يتم الترويج لها عبر مواقع الإنترنت جريمة دستورية، وانتهاك لنص المادة 89 من الدستور التي تحظر كافة أشكال العبودية وتجارة الجنس وغيرها من الجرائم. وأكد أن بيع الأطفال أشد من الخيانة العظمى وفقًا للدستور المصري وتصل عقوبته للإعدام.

 

ولفت أستاذ القانون الدستوري إلى أن بيع الأطفال عبر الإنترنت كارثة تواجه المجتمع المصري وتعيد البلاد إلى الوراء إلى زمن العصور الجاهلية التي كانت تعمل بنظام العبودية واستغلال البشر. وأوضح أن الفقرة 2 من القانون 94 لسنة 2014 تضع هذا الفعل ضمن الكيانات الإرهابية لانتهاكه نصوص الدستور المصري.

 

من جانبه، يقول المحامي محمود البدوي، خبير حقوق وتشريعات الطفل وعضو الفريق الوطني لمكافحة العنف ضد الأطفال، إن مسألة بيع الآباء والأمهات للأبناء هي إحدى الجرائم التي نص عليها قانون الاتجار بالبشر، وأفرد لها عقوبة مشددة قد تصل للسجن المؤبد، والتي تكررت بشكل ملحوظ خلال الأزمة الأخيرة، حيث استغل البعض مواقع التواصل الاجتماعي للإعلان عن بيع أطفال صغار، غالبًا من آباء وأمهات يعرضون أبناءهم. ووفقًا لنص المادة 6 لسنة 2010 من قانون الاتجار بالبشر، فإن عرض الأطفال للبيع جريمة يعاقب عليها القانون بعقوبة تصل للسجن المؤبد وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 500 ألف جنيه.

 

ويبقى مرارة الحياة الاقتصادية في مصر دافعة لمزيد من الجرائم الأخلاقية والإنسانية، حتى لو جرى تغليظ العقوبة لأكثر من الإعدام، وذلك لأن كرب المعيشة بات دافعًا لكل الموبقات، فيما السلطة الحاكمة تتباهى بالقصور الفخمة والمنتجعات الفارهة والمباني الشاهقة والكنائس والمساجد، وتترك ملايين المصريين يعانون الجوع والعوز والبطالة والفقر ونقص الأدوية وغلاء الأسعار.