تشهد الأسواق زيادات كبيرة في أسعار السلع الغذائية، رغم عدم وجود مبررات لهذه الارتفاعات، وأرجع البعض أسباب هذه الزيادات، خاصة الزيادة التي حدثت في سلعة الأرز، لاقتراب شهر رمضان المبارك، بحجة أن هذا الشهر يشهد زيادة في الطلب على كل السلع.
التجار قاموا برفع الأسعار من تلقاء أنفسهم، اعتماداً على التوقع بزيادة الطلب على السلع في شهر رمضان، وفي ظل عدم وجود رقابة حكومية على الأسواق.
ورغم أن هذا المنطق يتنافى مع مبادئ اقتصاد السوق الحر، التي تسمح بزيادة الأسعار لكن بشرط وجود طلب حقيقي مقابل انخفاض المعروض، إلا أن ما يحدث في مصر في زمن الانقلاب منافٍ لكل النظريات الاقتصادية والمبادئ العالمية. فالطلب لم يشهد أي زيادة حقيقية حتى الآن، وشهر رمضان ما زال أمامه نحو شهرين على الأقل، وبالتالي لا يوجد مبرر لرفع الأسعار.
كانت أسعار الأرز قد شهدت مؤخرًا ارتفاعاً بنحو 2000 جنيه للطن، رغم توافر المعروض ووجود اكتفاء ذاتي، كما رفعت شركات زيت الطعام أسعار منتجاتها بشكلٍ متكرر، حتى وصل سعر اللتر للمستهلك إلى نحو 75 و77 جنيهًا، مقابل 55 و60 جنيهًا قبل أيام.
شهر رمضان
من جانبه، قال رجب شحاتة، رئيس شعبة الأرز باتحاد الصناعات، إن ارتفاع أسعار الأرز 2000 جنيه للطن مؤخرًا جاء نتيجة استعداد التجار لشهر رمضان وزيادة الاحتياجات فيه، وبالتالي زيادة الطلب على الأرز كسلعة يعتمد عليها ملايين المواطنين في طعامهم بشكل أساسي، كما أن من يقوم بتوزيع وجبات أو كراتين في هذا الشهر يبدأ بشراء احتياجاته خلال شهري رجب وشعبان.
وأشار شحاتة في تصريحات صحفية إلى أن الأرز أثناء الموسم كان بنفس الأسعار الحالية، إلا أنها انخفضت نتيجة قلة الطلب وكثرة المعروض، ثم عاد حاليًا إلى أسعاره الطبيعية مرة أخرى.
وكشف أن طن الأرز الرفيع انخفض إلى 14 ألفاً و14.500 جنيه، وطن الأرز العريض انخفض إلى 15.500 و16 ألف جنيه خلال الفترة الماضية، إلا أنه عاد الآن إلى مستواه الطبيعي بسبب اقترابنا من شهر رمضان، الذي يعتبر موسماً للسلع الغذائية المختلفة، وحاليًا الأرز الرفيع يُباع في المضارب بنحو 25 أو 26 ألف جنيه، والأرز العريض يُباع بـ27 و28 ألف جنيه.
وتوقع شحاتة أن يشهد شهر رمضان استقرارًا في الأسعار وعدم وجود زيادات جديدة نتيجة كثرة المعروض واستقرار الطلب.
العرض والطلب
وقال الدكتور صلاح فهمي، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر، إن حجم العرض والطلب هو ما يحدد سعر السلعة في السوق، لكن استباق الأحداث من بعض التجار والتوقع بأن الطلب سيزداد بسبب شهر رمضان، الذي يتبقى عليه نحو شهرين، وبالتالي يقومون برفع الأسعار، أمر مخالف لقانون العرض والطلب وخاطئ.
وشدد فهمي في تصريحات صحفية على أنه لا يوجد داعٍ لزيادة الأسعار بناء على التوقعات، لأن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع كلها دون مبرر، مشيرًا إلى أنه إذا كان هناك سبب حقيقي، وليكن ارتفاع الأسعار العالمية، فإنه في هذه اللحظة سيكون لدى التجار الحق في رفع الأسعار، لأن التضخم في هذه الحالة تضخم مستورد من الخارج.
وأضاف: بخصوص سلعة مثل الأرز، وهي سلعة محلية لا نستوردها من الخارج، لا يوجد مبرر لرفع أسعارها، ولابد على حكومة الانقلاب أن توقف هؤلاء التجار عند حدودهم، متسائلاً:
أين الرقابة على الأسواق؟ لأن تجار المكرونة والخضراوات وباقي السلع الأخرى سيقومون أيضًا برفع الأسعار كما فعل تجار الأرز، وبالتالي ستزداد مُعاناة المواطنين في شهر رمضان بسبب الغلاء.
وطالب فهمي حكومة الانقلاب بأن توجه جهودها في اتجاه حماية المواطن من جشع التجار وارتفاع الأسعار وإحكام الرقابة على الأسواق، بدلاً من فرض رسوم وضرائب على واردات المحمول التي أثارت الجدل في المجتمع مؤخرًا، متسائلاً: أيهما أهم؟ حماية المواطن من ارتفاع الأسعار ورقابة الأسواق أم فرض ضرائب على أجهزة المحمول؟
وأشار إلى ضرورة زيادة الرقابة على الأسواق ومعاقبة التجار الذين يرفعون الأسعار بناء على توقعات وتنبؤات وليس على أساس العرض والطلب الحقيقي في السوق، موضحًا أن السوق الحر قائم على العرض والطلب وليس التنبؤات.
ودعا فهمي إلى ضرورة اتخاذ إجراء قضائي رادع ضد هؤلاء التجار، وإذاعة أخبار القبض على المخالفين منهم في وسائل الإعلام لردع غيرهم من المتاجرين بأقوات الشعب المصري.
الدولار
في المقابل، قال أحمد المنوفي، مستشار بالغرف التجارية، إن أسعار الأرز زادت بنحو 1000 و2000 جنيه للطن، وهذا أمر طبيعي عند نهاية موسم الحصاد.
وأوضح المنوفي في تصريحات صحفية أن الغرف التجارية تستعد حاليًا لموسم رمضان وهناك معروض كبير في السوق الآن، مشيرًا إلى أن ارتفاع أسعار الزيت من 50 و55 ألف جنيه للطن إلى 60 و62 ألف جنيه جاء نتيجة زيادة الأسعار العالمية، خاصة أننا نستورد معظم احتياجاتنا من الزيت، كما أن أسعار الزيت ترتبط بالدولار بشكلٍ كبير، وإذا شهد الأخير استقراراً فإن أسعار الزيت تستقر هي الأخرى، وحاليًا هناك معروض كبير في السوق.
وتوقع استقرار الأسعار خلال الفترة المقبلة مع كثرة المعروض والهدوء النسبي في الأسواق، إلا أنها قد تزيد بشكل طفيف في موسم رمضان نتيجة زيادة الطلب على شنط رمضان وغيرها.
وأضاف المنوفي: تجار الزيت منذ شهرين قرروا من تلقاء أنفسهم رفع الأسعار إلى 69 ألف جنيه لزيت الأولين و66 ألف جنيه للصويا دون وجود أسباب، لكن السوق رفض هذا السعر ولم يشترِ أحد منهم، واضطروا إلى تخفيضه مرة أخرى إلى أسعاره الطبيعية.
ولفت إلى أن بعض الشركات رفعت سعر لتر الزيت حالياً إلى 75 و77 جنيهاً، والبعض الآخر يبيعه بسعر 65 جنيهاً، ناصحاً المستهلك بالشراء من الشركات الأرخص لأنه في النهاية زيت صويا واحد في كل الشركات، وعدم الانخداع بالماركات المشهورة.
وأكد المنوفي أنه عقب شهر رمضان ستعود الأسعار إلى طبيعتها، متوقعاً انطلاق مبادرات عديدة لضخ كميات كبيرة من السلع قريباً، بالإضافة إلى معارض “أهلاً رمضان” التي ستنطلق مبكراً هذا العام، لإحداث توازن في الأسواق ومنع استغلال التجار للشهر الكريم في رفع الأسعار.