وقف استيراد “التوكتوك”..قرار حكومي يستهدف تحصيل الاتاوات المالية وليس الأمن والصناعة المحلية

- ‎فيتقارير

منذ الانقلاب  العسكري وسيطرة العسكر على مفاصل الدولة المصرية، انصب جل اهتمامهم على تحصيل الاموال وفقط، دون نظر لاي اعتبارات اخرى، كما استخدموا القرارات الحكومية المواربة والتي لا تنفذ بشكل كامل، وسيلة لابتلاع الاموال بعيدا عن الخزانة العامة للدولة، ولتحصيل البزنس للكبار ولمقربي السيسي واصهاره، كما حصل مع الهواتف التي يريد التوسع فيها صافي وهبة ، صهر احمد السيسي، والسيارات التي يريد احتكارها ابراهينم لعرجاني، فقامت سلطا الجمارك باحتجازها في الجمارك بلا وجه حق، ووضغت قواعد غريبة وغير مسبوقة لصرفها لاصخابها، في محاولة لمصادرتها، وجاء الدور على التوكتوك، الذي يعول اكثر من 25 مليون مصر، حيث يعمل عليه نحو 5 ملايين شاب مصري، ويعولون اسرهم..

وجاء القرار الذي أصدرته وزارة المالية ، ممثلة في مصلحة الجمارك، حظر دخول التوك توك إلى البلاد للأغراض التجارية وحصره فقط على الاستخدام الشخصي، ليثير الكثير من المخاوف والارتباك، بالسوق المصري، إذ إن القرار يعد الثالث الذي تتخذه الحكومة المصرية في غضون عشر سنوات تقريباً، منذ أن أصدرت وزارة التجارة والصناعة قراراً بوقف الاستيراد للسيارات ذات الثلاث عجلات “التوك توك” والدراجات النارية. وتبع ذلك قرار آخر قبل ثلاث سنوات، دون أن ينعكس ذلك على تقييد حركة تلك المركبات في الشارع المصري.

 

وبحسب بيان صادر عن مصلحة الجمارك قبل أيام، فإن الإدارة العامة للسياسات والنظم الجمركية بمصلحة الجمارك المصرية أوقفت استيراد التوك توك والسيارات ذات الثلاث عجلات والدراجات النارية “الموتوسيكل” المستوردة بغرض الاتجار، في حين سيكون من المسموح الاستعمال الشخصي، وفق القواعد الاستيرادية المنظمة والخاضعة لقانون الاستيراد والتصدير.

 

ارتباك حكومي

ويرى متابعون أن لحكومة ليست جادة في تقييد حركة التوك توك، إذ إن لديها نوايا بشأن استبداله بمركبات “ميني فان” التي قامت وزارة الإنتاج الحربي باستيرادها.

كما أن القرار الأخير يخدم مصانع بعينها تقوم بعملية تجميع محتويات التوك توك في الداخل وتقوم بتصنيعها داخل 14 مصنعاً يمكن وصفها بأنها “مصانع بير سلم”، أي لا تحصل على التراخيص المطلوبة لعملها، إلى جانب شركة غبور، وهي التي تستحوذ على الجزء الأكبر من تصنيع التوك توك في مصر.

وتسببت سياسات وقرارات الحكومات المتتالية حالة الفوضى التي يسببها التوك توك في الشوارع الرئيسية والجانبية والحارات الصغيرة، لأن وزارة الصناعة والتجارة كانت أول من سمح باستيراده عام 2004، وكان من المفترض أن يجري ذلك بالتنسيق مع وزارة الداخلية، باعتبارها المسؤولة عن معايير الأمان الخاصة بالمركبات. لكن كانت هناك مصالح شخصية قادت إلى فتح باب استيراده، وهو ما كان سبباً لتزايد أعداده بصورة سريعة لتصل إلى أكثر من 5 ملايين توك توك، في حين تبلغ أعداد باقي المركبات 11 مليون مركبة متنوعة.

 

قرارات الحظر

وتسبب القرار الأول الذي صدر بحظر استيراد التوك توك في عام 2014 في تدشين مصانع صغيرة في عدد من المناطق الشعبية، بينها إمبابة والوراق في محافظتي القاهرة والجيزة، عملت على تجميع أجزائه، إذ جرى السماح باستيراد الشاسيهات الخاصة به، وكان هناك تضييق على دخول قطع الغيار. وتغلبت المصانع على ذلك بإدخالها إلى مصر على أنها قطع غيار للسيارات.

 

ترتب على ذلك ارتفاع أسعار التوك توك؛ فبعد أن كان لا يتجاوز سعره 10 آلاف جنيه، ارتفع إلى أكثر من 200 ألف جنيه حالياً، ومن المتوقع أن يصل إلى 250 ألف جنيه خلال العام الحالي.

 

وكانت الحكومة بعد أن اتخذت أولى قراراتها بمنع استيراد التوك توك تراجعت عنه في عام 2018، حينما وجدت تصنيعه يجري على قدم وساق في الداخل، ويتم بيعه بأسعار مرتفعة مقارنة بما لو تم استيراده وبيعه داخل مصر. وكان عليها أن تضمن أولاً عدم تصنيعه في الداخل إذا كانت تهدف بالفعل إلى تقييد تواجده، لكنها تترك ثغرات يستفيد منها أصحاب المصانع المحلية. كما أن اتخاذ قرار بترخيصه يتنافى مع اتجاهها لوقف الاستيراد!!!

 

وفي عام 2021، أصدرت الحكومة قراراً آخر بحظر استيراد “المكونات الأساسية” له لمنع تجميعه في الداخل. ورغم ذلك، لا يزال “التوك توك” في تزايد، ويُعرض للبيع والشراء عبر الأسواق الإلكترونية بموديلات عامي 2018 و2022، وبأسعار تتراوح بين 90 إلى 130 ألف جنيه للمستعمل على موقع “دوبيزل”.

 

وبحسب دراسة نشرها مركز “رع للدراسات الإستراتيجية” في مصر قبل أربع سنوات، فإنه لا توجد في مصر صناعة متكاملة لمركبات “التوك توك”، بل تقوم هذه الصناعة على استيراد مكوناته الأساسية من الخارج وتجميعها في الداخل، إضافة إلى الصناعات المغذية. ويتصدر مشهد صناعتها أربعة مصانع على رأسها شركة “جي بي غبور أوتو”، التي تعتبر أولى الشركات التي قامت بتوريد مركبات “التوك توك” إلى السوق المصري عام 1999.

 

تشير الدراسة ذاتها إلى أن المصانع التي لها خطوط إنتاج مغذية يبلغ عددها 15 مصنعاً. وبحسب تصريحات لغرفة الصناعات الهندسية، فإن مكونات مركبات “التوك توك” يتم إنتاجها محلياً وتصل إلى 65%، أما المكونات المستوردة فتشكل 35%، مثل المحرك والشاسيه.

 

المال الحرام

وووفق مصادر حكومية، فإن التوجهات الحكومية ليست ضد انتشار التوك توك كما يروج البعض، لكنها تسير في صالح ترخيص سيره والحصول على المزيد من الأموال، بما أنه لا سبيل لمنع انتشاره في ظل وجود أكثر من 4000 قرية لا يوجد بها طرق ممهدة، إلى جانب مئات المراكز وآلاف المناطق العشوائية التي يصعب فيها دخول السيارات أو المركبات الأخرى. وقد باءت محاولات منع سيره في مناطق عديدة بالفشل لأن هناك حاجة اجتماعية ملحة لتواجده في هذه المناطق لخدمة المواطنين.

 

أما بالنسبة لسيارات “الميني فان”، التي تقوم مصانع الإنتاج الحربي بتصنيعها، فأوضح المصدر أنها لا يمكن أن تحل محل التوك توك لأن ذلك يعني القضاء على أكثر من خمسة ملايين مركبة، وليس هناك خطة واضحة بشأن التعامل مع هذه المركبات..موضحا  أن الجانب السلبي في القرارات الأخيرة يتمثل في ارتفاع سعر التوك توك بصورة كبيرة، لأن الطلب على شرائه يتزايد بالرغم من ضخامة عدد المركبات في الشوارع المصرية. وبالتالي، فإن الأمر سوف ينعكس مباشرة على المواطن البسيط الذي سيفاجأ بأن أقل تنقل له بالتوك توك سيكون بـ20 جنيهاً، بعدما كان قبل سنوات قليلة بثلاثة جنيهات فقط.

الضرائب السهلة

وبحسب دراسة لمرصد العمران، فإن العدد الكبير للتوكتوك يمثل بالنسبة إلى الحكومة فرصة مهدرة كمورد ضريبي خارج المنظومة الرسمية، بالإضافة إلى كونه خارج سلطتها الرقابية أو قدرتها على ضبطه في حالة وقوع حادث أو جريمة، حيث إن النسبة الأكبر منه مجهلة، بدون لوحة أرقام أو أوراق ثبوتية يمكن الوصول من خلالها إلى مرتكب الحادثة.

 

ولهذه الأسباب، قامت الحكومة بإصدار عدة قرارات، منها ما كان بغرض منع استيراده لتقليص المعروض منه في السوق، أو إحلاله واستبداله بسيارات “ميني فان”، أو تصنيع سيارات مشابهة له من حيث الحجم من جهة أخرى.

وهكذا تدار مصر من اجل الجباية وتحصيل الاموال فقط وليس من اجل الامن المجتمعي، بغض النظر عن اعداد الضحيا الذين سيجدون انفسهم بلا عمل ويعولون عشرات الملايين، الذين سيتحولون الة قنابل موقوتة تنفجر في وجه كل المجتمع المصري..