من المصريين لحكومة الانقلاب: المساس برغيف الخبز والدعم التمويني «قنبلة موقوتة»

- ‎فيتقارير

 

تواصل حكومة الانقلاب التخلي عن دورها إزاء المواطنين من خلال إلغاء الدعم خضوعا لإملاءات صندوق النقد الدولي، وبعد الغاء دعم الكهرباء والوقود والمياه والعلاج تحاول إلغاء الدعم التمويني ودعم الخبز عبر حيلة خبيثة، تسميها التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي، وتزعم أن هذا التحول سيجعل الدعم يصل إلى مستحقيه، في حين أن الحقيقة أنها تعمل على تقليص إعداد المستفيدين من نحو 63 مليونا إلى أقل من 20 مليونا .

ورغم أن حكومة الانقلاب تدرك جيدا أن المساس برغيف الخبز والدعم التمويني يمثل «قنبلة موقوتة»، حيث تتابع جموع المصريين هذه القضية باهتمام شديد، ويسود الأجواء قلق شعبي ومخاوف من فقدان «الدعم» الذي يعتبر نقطة «أمان» لملايين الأسر، لذلك تواجه دعوات تحويل الدعم العينى إلى نقدي ردود فعل غاضبة بين المصريين، لأنهم يدركون أهداف حكومة الانقلاب من هذا التحول الخبيث.

 

ديون مصر

 

حول هذه التطورات قال «س. ح»: “حكومة الانقلاب دورت في دفاترها لم تجد شيئاً تعبث به سوى كيلو الزيت والسكر”.

وأكد أن إلغاء الدعم لن يسدد ديون مصر ارحموا الناس.

وقالت م .ن سيدة في الخمسين من العمر: “والله لم نعد نشعر بأنها بلدنا، استكثروا العيشة علينا، لم يبق سوى أن نمد أيدينا من الجوع، ولا عرفين نتعالج ولا نأكل، اتحرمنا وفاضل علينا الجوع”.

 

عمالة غير منتظمة

 

وقال س.م : “بدلاً من إلغاء التموين وتخريب البيوت التي لا يدخلها سكر وزيت إلا على بطاقة التموين وعايشة على رغيف العيش الذي نذهب بعد صلاة الفجر للأفران للحصول عليه، عليهم البحث عن السياسات التي أوصلتنا لتلك الحالة”.

وأضاف، نحن عمالة غير منتظمة، والبناء متوقف منذ أكثر من عام، وربنا يعلم بيوتنا ماشية أزاى؟ عيالنا جاعوا، ولا عارفين نصرف على تعليم ولا غيره، كفاية.

وتساءل «ف. ى»: ماذا بعد الجوع سوى الفوضى، بدل التفكير في مساندة الناس في الظروف الراهنة، مؤكدا أن لدولة العسكر هي المسئول الأول عما آلت إليه الأمور، لسه حتحملوا الناس فوق طاقتها، نروح فين؟.

وطالب الانقلاب بأن يفكروا في مخرج، متجوش علينا أكثر من كدا.

 

القدرة الشرائية

 

وكشف خبير علم الاجتماع السياسي الدكتور عمار على حسن عن البعد الاجتماعي السياسي لتحويل الدعم العيني إلى نقدي، مؤكدا أن التحول من الدعم العيني إلى نقدي يأتي في إطار تخفف دولة العسكر من أعباء تقديم الدعم للمواطنين.

وأكد «حسن» في تصريحات صحفية أن هذا التحول أمامه عدة تحديات، أهمها: الحاجة إلى الدقة الشديدة لضمان وصول الدعم لمستحقيه، لاسيما في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المصريون، مع افتقاد أسر كثيرة للقدرة على توفير الحد الكافي من الغذاء والدواء والكساء والإيواء.

وقال: “التحدي الثاني هو تراجع القيمة النقدية أو القدرة الشرائية للنقود، ففي الدعم العيني دولة العسكر تحدد عدداً من السلع، ومهما تغيرت أسعارها فالمواطن يحصل عليها، أما في الدعم النقدي فأسعار السلع تتغير، ومع ارتفاع التضخم وافتقاد الجنيه قدرته الشرائية بمرور الوقت يصبح مبلغ الدعم لا يساوي شيئاً ولن يوفر الحد الأدنى من السلع، ولن يستطيع المواطن شراء ما كان يحصل عليه من سلع تموينية”.

وشدد «حسن» على ضرورة أن تتجاوز دولة العسكر هذه التحديات وأن تكون ضامنة لوصول هذه المبالغ لمستحقيها، حتى لا تذهب هذه النقود إلى فئات أخرى، مع توفير زيادة مطردة على القيمة النقدية المدفوعة للمواطنين حتى تواجه التضخم المتزايد.

وأكد أن هذا التفكير ينم عن افتقاد السلطة السياسية القدرة على توفير حد الكفاية بالنسبة للطبقة العريضة من المصريين، مع سقوط أغلب الشرائح الاجتماعية تحت خط الفقر، وارتفاع أسعار السلع، وتعذر القدرة الشرائية للمواطنين نتيجة جمود الدخول أو تضاؤلها أو زيادتها بشكل محدود لا تكافئ ما هو مطلوب من أجل عيش مناسب.

 

بطاقات التموين

 

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة: إن “دولة العسكر تتجه لتحويل الدعم العيني إلى نقدي، وهو أمر جيد حال تمت مراعاة الضوابط”.

وأضاف «بدرة»: في تصريحات صحفية، تحويل الدعم له إيجابيات وسلبيات، فالدعم النقدي يمنح المواطن حرية شراء ما يرغب فيه، والعيني يرتكز حول أن بعض المواطنين لا يستخدمون الدعم إلا في صرف سلع تموينية، مثل أصحاب المعاشات والمسنين والمواطنين الأكثر احتياجاً، فعلى سبيل المثال المواطنون في الأرياف يحرصون على صرف السلع ولا يرغبون في الأموال، وهنا يأتي دور دولة العسكر في البحث عن تلك الشرائح وتوجيه مخصصات مالية أكثر لهم مثل تكافل وكرامة وحياة كريمة لمساندتهم إلى جانب الدعم السلعي.

واقترح التوسع في الدعم النقدي، والسماح للمواطن باستخدام هذه الأموال في دفع فواتير الكهرباء والمياه والغاز عبر بطاقات الكترونية أو بطاقات تكافل وكرامة أو شراء سلع، مع ضرورة قياس مبلغ الدعم على مؤشرات ارتفاع وانخفاض التضخم.

وأشار «بدرة» إلى أن هناك شرائح في حاجة لمزيد من الدعم، وهم الأولى بالرعاية، ولهم الحق في بطاقات التموين والمعاشات، فمن الأفضل معالجة شرائح مستفيدي الدعم السلعي حتى نصل إلى الشريحة الدنيا من الأسر الأكثر احتياجاً.

وطالب بعمل منظومة لمعرفة مستحقي الدعم النقدي، ومن يمكنه تحمل شراء السلع مع الحفاظ على حق الشريحة الدنيا في الدعم العيني إلى جانب المساندة المالية وإدراجهم تحت مظلة الحماية الاجتماعية مثل برامج تكافل وكرامة وحياة كريمة وغيرها من برامج الحماية.

وشدد «بدرة» على أن تحويل الدعم العيني إلى نقدي يلزمه قانون يربط زيادة الدعم بمعدلات التضخم بشكل «إجباري» على دولة العسكر، مع ضرورة زيادة المعروض من السلع التموينية في سوق اليوم الواحد، بالإضافة إلى أحكام الرقابة وتلك مهمة «شبه مستحيلة»

وأكد أن نجاح تحويل الدعم العيني إلى نقدي متوقف على جهود دولة العسكر وآليات التنفيذ الصحيحة والعادلة، موضحا أن إرضاء المواطن يكون من خلال توفير السلع أو توفير المقابل المادي العادل له .