قالت 11 منظمة حقوقية مصرية، إنه لأكثر من عقد، وثقت منظمات التطورات المتلاحقة لأزمة حقوق الإنسان في مصر بزمن السفاح المنقلب السيسى، وصولاً إلى التقرير الحقوقي المشترك المقدم من مجموعة من المنظمات، في إطار الإعداد لجلسة الاستعراض الدوري الشامل للملف الحقوقي المصري أمام الأمم المتحدة، والمرتقبة في 28 يناير الجاري، معتقدة أن “الحكومة المصرية تبعث برسالة واضحة إلى الأمم المتحدة أن الإصلاح الحقوقي غير مطروح”.
وقالت المنظمات، في بيان مشترك، اليوم الاثنين، “إنه منذ جلسة الاستعراض السابقة عام 2019، وعلى مدى أكثر من 5 أعوام، أكدت المنظمات مرارًا أن المبادرات الحكومية مثل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والحوار الوطني ما هي إلا محاولات لتبييض السجل الحقوقي المخزي لحكومة الانقلاب أمام المجتمع الدولي. وحذرت من أن مسرحية الانتخابات الرئاسية 2024 لا يمكن أن تكون حرة ولا نزيهة، وقد شابتها بالفعل انتهاكات صارخة”.
وعددت المنظمات “تم سجن من تجرؤوا على تحدي “المنقلب ” السيسي بشكل حقيقي في الانتخابات. وفي 2020، تم حبس عدد من المعارضين حاولوا تنظيم أنفسهم للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، بتهم إرهابية ملفقة”.
وتابعت المنظمات “بينما تدعي الحكومة اتخاذ خطوات واسعة في ملف إطلاق سراح السجناء السياسيين، تم اعتقال قرابة ثلاثة أضعاف المفرج عنهم، خلال السنوات القليلة الماضية، حتى أضحت مصر أكثر دول المنطقة احتجازًا للسياسيين والمعارضين بعد انهيار نظام الأسد في سورية. وعطفًا على هذه الممارسات المتبعة والتي لم تتغير، بعثت السلطات المصرية في الأشهر القليلة الماضية بكل الإشارات الممكنة، مؤكدةً لأولئك الذين ما زالوا يحتفظون بأوهام حول مساعي إصلاح أو حل لأزمة حقوق الإنسان في مصر، أن هذا الأمر غير مطروح بتاتًا على الطاولة”.
وأشارت المنظمات إلى أنه “رغم الاعتراضات والمآخذ الدستورية والقانونية؛ يواصل البرلمان المصري من ديسمبر/كانون الأول 2024 مناقشة مسودة قانون جديد للإجراءات الجنائية والموافقة على مواده التي تشرعن للعديد من التدابير الاستثنائية، وبعضها غير قانونية، المتبعة منذ 2013. هذا القانون سيضاف إلى ترسانة من التشريعات القمعية القائمة، التي غلظت الحكومة عقوباتها، ووظفتها على مدى السنوات الماضية، رغم انتقادات المجتمع المدني وخبراء الأمم المتحدة، لتحتفظ بعشرات الآلاف من المعارضين السلميين والمواطنين خلف القضبان، ربما بسبب منشور على مواقع التواصل الاجتماعي”.
وتابعت “قبل أقل من أسبوعين على جلسة الاستعراض، تم القبض على الدكتورة ندى مغيث، لمجرد أنها طالبت بإطلاق سراح زوجها، الصحافي ورسام الكاريكاتير أشرف عمر، المعتقل منذ يوليو/تموز 2024. ولاحقًا تم الإفراج عنها بكفالة مالية. بينما لا يزال الصحافي أحمد سراج، الذي أجرى مقابلة معها بشأن اعتقال زوجها، محتجزًا، بل إن بعض أولئك المحتجزين خلف القضبان، مثل الحقوقي إبراهيم متولي المحتجز منذ عام 2017، لم تتم إدانتهم من قِبل أي محكمة”.
وأضافت المنظمات “بينما لا يزال آخرون محتجزين رغم انقضاء مدة عقوباتهم، مثل الناشط علاء عبد الفتاح؛ الذي أمضى معظم العقد الماضي في السجن، وانتهت مدة عقوبته الأخيرة بالحبس خمس سنوات في سبتمبر/ 2024.
واحتجاجًا على تمديد حبسه، تواصل والدته ليلى سويف (68 عامًا) إضرابها عن الطعام لأكثر من 115 يومًا، من دون جدوى. أما الحقوقية هدى عبد المنعم والتي أنهت بدورها مدة العقوبة المقررة بحقها، فقد فوجئت للمرة الرابعة، بضمها إلى قضية جديدة تضمن تمديد حبسها. وفيما يتواصل الحبس الانفرادي للسياسي عبد المنعم أبو الفتوح (73 عامًا) رئيس حزب مصر القوية للسنة السابعة، ضمن عقوبة بالسجن 15 عامًا تنتهي عام 2033، تم ضمه متهماً لقضية جديدة ديسمبر/كانون الأول 2024، في رسالة من السلطات مفادها أنه لن يغادر السجن حيًّا”.
وتابعت المنظمات “وبالمثل، علم مؤخرًا الناشر المعارض هشام قاسم، أنه مطلوب للمحاكمة مرة أخرى في الواقعة الملفقة نفسها التي سبق أن تمت محاكمته على خلفيتها وحبسه 6 أشهر انقضت في فبراير 2024”.
وعلقت المنظمات “هذه الحالات التي طالما أثارها خبراء الأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الإنسان هي نماذج لعشرات الآلاف من السجناء، الذين يواجهون ظروف احتجاز غير إنسانية، دفعت ببعضهم إلى محاولات الانتحار، وسبّبت إضرابات متكررة داخل السجون على مدى السنوات الماضي. وفي مطلع يناير/كانون الثاني الجاري، أعلن بعض المعتقلين في سجن العاشر من رمضان إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على أوضاعهم، وبدلًا من التحقيق في أسباب الإضراب، قررت السلطات إنكار الواقعة، واستدعاء الحقوقي حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية التي نشرت عن الإضراب، للتحقيق معه في 19 يناير/كانون الثاني، واتهامه بمشاركة جماعة إرهابية وتمويلها، وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وأخلت النيابة سبيله بكفالة 20000 جنيه”.
واعتبرت المنظمات، أن سلطات الانقلاب في مصر “لا تزال غير مكترثة بمعالجة أزمة حقوق الإنسان أو حتى بمجرد الاعتراف بها، لكنها في الوقت نفسه غير مثقلة باحتمالات الانتقادات الدولية، بما في ذلك خلال جلسة الاستعراض المقبلة، إذ تواصل العديد من الدول والجهات الدولية الفاعلة دعم الحكومة المصرية، بغض النظر عن سجلها الحقوقي. هذا الدعم غير المشروط قد يبدو تواطؤاً على طمس جرائم الحكومة المصرية في ملف حقوق الإنسان”.
وأشارت المنظمات إلى أن الاستعراض الدوري الشامل القادم، يمثل لمصر فرصة حاسمة لإبلاغ حكومة الانقلاب بأهمية سجلها في مجال حقوق الإنسان، وأن عصفها بالحقوق والحريات له ثمن، وإلا فستتحول جلسة الاستعراض القادمة لمنصة تستغلها الحكومة المصرية لتحسين صورتها وطمس جرائمها. المنظمات الموقعة هي مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وجمعية عنخ، ولجنة العدالة، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، والمنبر المصري لحقوق الإنسان، وإيجيبت وايد، ومؤسسة دعم القانون والديمقراطية، ومركز النديم، ومنصة اللاجئين في مصر، ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان.