“مستقبل مصر”مجرد سمسار يحصل العمولات فقط: اعتمد على القطاع الخاص في توفير القمح منذ ديسمبر وحتى الآن!

- ‎فيتقارير

على الرغم من تكليف السيسي لجهاز “مستقبل مصر” بمسؤولية حل أزمة القمح وتوفيره عبر الاستيراد، بجانب التوسع في زراعته محليًا، وترحيب إعلام الانقلاب بالقرار، زاعمين أنه يوقف الفساد وأنه القوي الأمين على غذاء المصريين، فإن القرار قوبل برفض سياسي واقتصادي، وحتى الموردين في روسيا أبدوا استياءهم من استبدال الجهاز بهيئة السلع التموينية التي كانت تستورد القمح من الخارج لصالح الحكومة المصرية.

 

لكن كشفت التداولات والمناقصات الأخيرة للقمح أن جهاز “مستقبل مصر”، التابع للقوات الجوية، مجرد وسيط، مهمته تحصيل العمولات فقط، سواء على مستوى الاستيراد أو الزراعة. كما اتُّهم الجهاز بالاستيلاء على الأراضي المستصلحة من الأفراد والشركات الخاصة، ونسبتها لنفسه باعتبارها إنجازات!

 

وسلَّم جهاز “مستقبل مصر” التابع للقوات المسلحة هيئة السلع التموينية أكثر من مليون طن قمح خلال الفترة من منتصف ديسمبر الماضي وحتى اليوم، اشترى الجزء الأكبر منها من شحنات استوردها القطاع الخاص في مصر، حسب مصدر مطلع على ملف استيراد القمح بوزارة التموين.

 

ويستهدف الجهاز تأمين احتياجات مصر من القمح حتى نهاية العام المالي الحالي، بشراء نحو 700 ألف طن إضافية، ليصل الاحتياطي الاستراتيجي من القمح إلى 4 أشهر حاليًا.

في نوفمبر الماضي، تولى جهاز “مستقبل مصر” التابع للقوات المسلحة عمليات استيراد الحبوب والسلع عبر آليات الشراء المباشر والمناقصات من الجهات والمناشئ المعتمدة للاستيراد في مصر، بدلًا من هيئة السلع التموينية، بقرار رئاسي.

 

وظهر اسم جهاز “مستقبل مصر للتنمية المستدامة” لأول مرة في مايو 2022، عندما افتتح عبد الفتاح السيسي مشروع “مستقبل مصر للزراعة المستدامة” على امتداد طريق محور روض الفرج – الضبعة، كنواة لمشروع استصلاح 800 ألف فدان في الدلتا الجديدة.

 

يسعى جهاز “مستقبل مصر” من وراء شراء كميات القمح الكبيرة من القطاع الخاص، وليس الاستيراد المباشر، إلى توفير النفقات الدولارية، إذ اشترى تلك الكميات بالعملة المحلية. ويستحوذ الجهاز على الكميات الزائدة لدى المستورد الأصلي من القطاع الخاص، باعتبار أن هذه الآلية سريعة ولا تحتاج إلى وقت للوصول أو الشحن والتفريغ، وفق خبراء اقتصاديين.

 

سجلت واردات مصر من القمح خلال الفترة من يناير الماضي وحتى منتصف نوفمبر الماضي 13.5 مليون طن، لتحقق أعلى رقم منذ 10 سنوات، بنسبة نمو بلغت 35% مقارنة بالفترة نفسها من 2023.

من جهته، دعا اتحاد مصدري الحبوب الروسي جهاز “مستقبل مصر” لحضور منتدى الحبوب العالمي المزمع إقامته في دبي مطلع فبراير المقبل، لكنه لم يتلق ردًا من الجهاز حتى الآن حول الحضور.

 

يسعى الاتحاد الروسي إلى توثيق العلاقة مع الجهاز، لبحث التعاون المستقبلي بين الطرفين، بعدما بات الجهاز المتحكم الأول في سوق الحبوب بمصر. كما يسعى المنتدى العالمي للحبوب والبقوليات في دبي إلى تحديد طبيعة التعاون المستقبلي بشأن استيراد القمح في المنطقة، بما في ذلك مصر ودول أخرى.

 

في وقت سابق من الشهر الجاري، خطط اتحاد منتجي ومصدري الحبوب في روسيا للاجتماع مع جهاز “مستقبل مصر”، المشتري الحكومي الجديد للحبوب، لتطوير التعاون المستقبلي بين الجانبين، بحسب رئيس الاتحاد إدوارد زيرنين في تصريحات لـ”الشرق بلومبرج”، مضيفًا أن شركات القمح الروسية تنتظر دعوة الجهاز لتقديم عطاءاتها.

 

طلبت هيئة السلع التموينية التابعة لوزارة التموين الشهر الماضي من جهاز “مستقبل مصر” استيراد 1.7 مليون طن قمح خلال الفترة من يناير وحتى يونيو المقبل.

 

في 7 ديسمبر الماضي، طمأن وزير التموين شريف فاروق وزيرة الزراعة الروسية أوكسانا لوت بشأن التعامل مع جهاز “مستقبل مصر” في مناقصات القمح، مؤكدًا أنه المشتري الحكومي الجديد للسلع والحبوب.

ومع استمرار إسناد استيراد القمح وتوفيره محليًا لجهاز “مستقبل مصر” العسكري، يظل السوق المصري في حالة ارتباك، وسط عجز الجهاز عن إيجاد آليات تطمئن الداخل والخارج. يركز الجهاز على تحصيل العمولات والوساطة فقط، دون تقديم حلول جذرية لأزمة القمح والحبوب في مصر، مما لا يحقق الاكتفاء الذاتي، بعد الاستيلاء على ملكيات الأراضي المستصلحة من أصحابها في مناطق الفيوم وأكتوبر والجيزة والبحيرة والمحمودية والإسكندرية ومطروح بقوة السلاح، وإضافتها إلى “إنجازات” السيسي وأجهزته العسكرية.