مع قرب وصول حرب السودان لعامها الثالث.. الجيش يحقق انتصارات والدعم السريع يرد بتدمير البنى التحتية

- ‎فيعربي ودولي

مع اقترابها من إكمال عامها الثاني، ودخولها في العام الثالث، تشهد الحرب في السودان بين الجيش وقوات «الدعم السريع» تصعيداً غير مسبوق، ولا سيما من جانب الأول الذي كثّف هجماته على الثانية، في عدد من المحاور في ولايات الخرطوم والجزيرة ودارفور، فيما سجّلت «الدعم» انسحابات من معظم المناطق التي كانت تحت سيطرتها، مكتفية بالقصف المدفعي على المدن والقرى الواقعة بيد الجيش، والذي يخلّف ضحايا في صفوف المواطنين.

 

ومن جهته قال مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور السوداني، اليوم السبت، إن 70 شخصاً على الأقل قتلوا في هجوم لـ«الدعم السريع» على مستشفى في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

 

وأضاف على منصة «إكس» أن طائرة مسيرة تابعة لـ«الدعم السريع» استهدفت قسم الحوادث في المستشفى السعودي، ما أدى إلى «إبادة جميع المرضى الذين كانوا بداخله، ويفوق عددهم 70 مريضاً من النساء والأطفال والآخرين».

 

فيما أعلنت القوات المسلحة السودانية صباح اليوم السبت سيطرتها على مصفاة الخرطوم بالجيلي.

 

أكد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، العميد الركن نبيل عبدالله، أن القوات المسلحة بسطت كامل سيطرتها السبت على مصفاة الخرطوم بالجيلي.

 

وقالت حكومة ولاية شمال دارفور إن القوات المسلحة السودانية والقوة المشتركة والشرطة والمخابرات العامة وقوة الدفاع عن النفس (قشن) والمستنفرين: «سطروا بصدهم ودحرهم للهجوم الذي شنته ميليشيا الدعم السريع على مدينة الفاشر الجمعة، فصلا جديدا من فصول التضحية، والبسالة، والإقدام، والشجاعة. معتبرة المعركة من أعنف المعارك التي دارت بالفاشر، حيث كبدت القوات الميليشيا خسائر فادحة في الأرواح والآليات، والمعدات العسكرية».

 

وأضاف: «إن محاولة إسقاط الفاشر تأتي في سياق التآمر الدولي على السودان خاصة من بعض دول الجوار التي مازالت تقدم كافة أشكال الدعم للميليشيا المتمردة، فضلًا عن الدعم الإماراتي المفتوح بغرض النيل من وحدة البلاد وثرواتها».

 

 حرق مصفاة الجيلي بالخرطوم

 

وتسبب القتال في السودان إلى احتراق أكبر مصفاة للنفط، حسب ما أظهرت بيانات أقمار اصطناعية حللتها وكالة أسوشييتد برس اليوم السبت، ما أدى إلى انبعاث دخان أسود كثيف ملوث فوق العاصمة الخرطوم. وتمثل الهجمات التي وقعت حول المصفاة، المملوكة للحكومة السودانية ومؤسسة البترول الوطنية الصينية التي تديرها الدولة، أحدث كوارث الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، اللذين تبادلا الاتهامات بالمسؤولية عن الحريق.

 

وتقع مصفاة الجيلي على بعد نحو 60 كيلومتراً (40 ميلاً) شمال الخرطوم. وكانت المصفاة قد تعرضت لهجمات سابقة حيث أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها عليها منذ إبريل 2023، وكانت قواتها تحرسها. وذكرت وسائل إعلام سودانية محلية أن قوات الدعم السريع أقامت حقول ألغام أرضية حول المصفاة لإبطاء أي تقدم.

 

لكن المنشأة، القادرة على تكرير 100 ألف برميل من النفط يومياً، ظلت سليمة إلى حد كبير حتى أول من أمس الخميس. وأظهرت بيانات من أقمار اصطناعية تابعة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) تتعقب حرائق الغابات في جميع أنحاء العالم أن هجوماً وقع يوم الخميس في حقل النفط أدى إلى إشتعال حرائق في كل أنحاء المجمع.

 

انتصارات الجيش السوداني

 

واعتبر اللواء دكتور أمين إسماعيل مجذوب، الخبير الاستراتيجي السوداني، أن القوات المسلحة السودانية بدأت في تطبيق المرحلة الأخيرة من معركة الكرامة من حرب المدن المغلقة إلى حرب الفضاءات المفتوحة، مشيرا إلى الانتصارات التاريخية التي حققتها القوات المسلحة السودانية الجمعة بالتقاء كل الجيوش من منطقة الخرطوم بحري وأم درمان وسلاح الإشارة عند القيادة العامة.

 

وقال «مجذوب»: «بهذه الخطوة يكون الهدف الرئيسي للقوات المسلحة السودانية هو تفتيت ميليشيا الدعم السريع وتحويلها إلى مجموعات صغيرة»، مضيفا: «أصبحت الخيارات المتاحة أمام الدعم السريع إما الانسحاب أو التفاوض على تسليم أسلحتها وقواتها للجيش السوداني».

 

واعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني أن هناك مرحلة قادمة وهي مرحلة الارتدادات الأمنية، مشيرا إلى أنها مرحلة خطيرة لوجود متعاونين ومرتزقة ويحتاج الأمر إلى ضبط من الأجهزة الأمنية حتي يحدث استقرار أمني في الخرطوم.

الدعم السريع

 

ويعزو مراقبون استهداف «الدعم» البنى التحتية، إلى محاولتها تعويض خسارتها المناطق التي كانت تحت سيطرتها. كما لا يستبعدون أن يكون الهدف من التهديدات التي أطلقتها «الدعم»، «التغطية على خسارة عسكرية مُنيت بها»، مرجّحين أن «أثقل خسارة تكبّدتها تلك القوات، وقعت في محور الصحراء الغربي»، على الحدود مع ليبيا، حيث أفشل الجيش وقواته الرديفة، الأحد الماضي، تحركاً ضخماً بقيادة نائب قائد «الدعم السريع»، عبد الرحيم دقلو، – وهو أخو قائد «الدعم» محمد حمدان دقلو (حميدتي) – استهدف خوض المعركة الأهم، وهي السيطرة على مدينة الفاشر، بهدف إخضاع دارفور بأكملها. وعلى الرغم من أن التحرك المشار إليه تم الإعداد له منذ شهور، من خلال تدريب مقاتلي «الدعم» وتسليحهم، إلا أن سلاح الجو التابع للجيش تمكّن من تدمير عدد من العربات القتالية، وإيقاع قتلى وجرحى في صفوف القوة المهاجمة، بينهم نائب قائد «الدعم» نفسه، والذي لم يُعرف بعد مصيره، علماً أنه كان قد ظهر في مقاطع فيديو، في بداية المعركة، وسط قواته.

 

ومنذ سبتمبر الماضي، أطلق الجيش السوداني عمليات عسكرية في محور الخرطوم بحري، وسيطر خلالها على جسر الحلفايا الرابط بين الخرطوم بحري وأم درمان، وانتشر في عدد كبير من أحياء بحري مثل الحلفايا والسامراب وأجزاء من شمبات وصولا إلى استلامه عدداً من الأبراج السكنية التي تستخدمها قوات الدعم السريع في القنص. وتحاول وحدات الجيش التقدم نحو أحياء المزاد والمغتربين والصافية، بينما الهدف الرئيسي لها هو فك الحصار نهائيا عن مقر سلاح الإشارة جنوب المدينة.

 

وأسفرت الحرب التي دخلت شهرها الثاني والعشرين عن مقتل ما يزيد عن 24 ألف مدني، فيما فر أكثر من 12 مليون شخص إلى المناطق الآمنة أو إلى دول الجوار، وسط فشل جهود الوساطة الإقليمية والدولية لإنهائها، بما في ذلك الجهود الأميركية.