وسط تحديات وملفات ينتظر الصحفيين حلها من المرشحين لانتخابات نقابة الصحفيين، الذين تقدموا للترشح بعد فتح باب الترشح الأحد 9 فبراير 2025، لانتخابات التجديد النصفي، حيث سيستمر استقبال الطلبات حتى الخميس 13 فبراير 2025.
نقيب وستة أعضاء بمجلس النقابة يختارهم أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين التي تتميز بطعم مختلف عن باقي النقابات المهنية، ربما لأنها نقابة تعبر عن أصحاب الرأي، والمدافعين عن الحريات، وتتنوع فيها خلفيات المرشحين السياسية والفكرية والنقابية.
تنافس انتخابي جديد وساخن يدور في شارع عبد الخالق ثروت حيث مقر النقابة العريقة، وتكون المؤسسات الصحفية ملعبه الرئيسي والمهم، لواحدة من أعرق وأهم الكيانات المهنية في مصر.
انتخابات النقابة ليست مجرد استحقاق مهني، لذلك تبدو المعركة الانتخابية المقبلة لحظة حاسمة وفارقة في تحديد مسار العمل النقابي والصحفي في مصر فى زمن الانقلاب العسكرى، واختيار الطريق الذي سيرسم مستقبل الصحافة لسنوات قادمة خاصة فى ظل قمع الحريات الصحفية التى يمارسها المنقلب السفيه السيسى منذ انقلابه وجيش كامب ديفيد على الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسى أول رئيس مدنى منتخب فى تاريخ البلاد.
تحديات لا تزال تبحث عن حل
وارتبطت النقابة بمفاهيم الحرية والكرامة المهنية، وكانت دائمًا ساحة للنضال من أجل تحسين أوضاع الصحفيين، ومواجهة التحديات السياسية والاجتماعية التي تؤثر على المهنة، والمؤسسة التي تحمي كرامة العاملين بالمهنة وتسعى لتوفير حياة كريمة لهم.
ورغم أن مجلس النقابة تحت رئاسة النقيب المستقل خالد البلشي، اختتم عام 2024 بالمؤتمر السادس للصحفيين، شارك فيه الآلاف من العاملين بالمهنة، وناقش على مدى يومين كل قضايا وأزمات الصحافة، وطرح حلولًا جديدة ومختلفة، ورسم خريطة طريق لأي مجلس قادم، إلا أن ورث مجلس النقابة الحالي تركة صعبة ومحملة بالأعباء، لذلك فإن الطريق لا يزال طويلًا في قضايا تحتاج إلى دور نقابي جاد.
بقدرة المجلس القادم على فتح ملف الأجور المتردية ومستويات المعيشة المتراجعة بالنسبة للغالبية العظمى من الصحفيين، ثم الدفاع عن هامش أوسع لحرية الصحافة، وصنع نقلة مهمة في ملفات التدريب والعلاج والتشريعات وغيرها تنتقل المهنة والعاملين فيها خطوات حقيقية وضرورية ومطلوبة إلى الأمام.
فهموم الصحفيين معروفة وقضاياهم ليست خافية على من يخوضون الانتخابات المقبلة، ولكن يبقى تقديم الحلول المبدعة والمختلفة لأزمات الصحافة هو الفيصل في اختيارات الجمعية العمومية.
أزمات الصحفيين
لا يزال مشروع العلاج في نقابة الصحفيين يعاني من مشكلات هيكلية تجعله عبئًا على الصحفيين بدلًا من أن يكون دعمًا لهم، فالشكاوى من ضعف التغطية الطبية، وارتفاع نسبة المساهمات المطلوبة من الصحفيين، والتعاقدات المحدودة مع المستشفيات الكبرى، كلها مشكلات لم تجد طريقها إلى الحل رغم الوعود المستمرة.
ويظل السؤال: هل سيتم التعامل مع هذا الملف بجدية حقيقية أم سيبقى مجرد نقطة في البرامج الانتخابية تُنسى بعد إعلان النتائج؟
أزمة الإسكان مشكلة أخرى ممتدة منذ سنوات طويلة، يعاني الصحفيون من غياب مشروعات إسكانية حقيقية تناسب دخولهم المحدودة، وبينما حصلت النقابة في فترات سابقة على وعود بتخصيص وحدات سكنية لأعضائها، إلا أن التنفيذ ظل بطيئًا ومعقدًا، ولم يستفد منه إلا قلة، فهل ستحمل انتخابات 2025 حلولًا واقعية لهذه الأزمة، أم ستظل مجرد بند آخر في قائمة المطالب المؤجلة؟
وأهم المشاكل هي الأجور المتدنية، فهي أزمة مهنة بأكملها فلا يمكن الحديث عن واقع الصحفيين دون التطرق إلى واحدة من أخطر الأزمات التي تهدد مستقبل المهنة والأجور المتدنية.
فرغم أن الصحافة تعد من المهن التي تتطلب مهارات عالية، وعملًا متواصلًا، وتضحيات كبيرة، فإن المقابل المادى لا يزال لا يتناسب مع الجهد المبذول.
والأسوأ من ذلك، أن بعض الصحفيين الشباب يعملون لسنوات دون رواتب ثابتة، ويُجبرون على قبول «بدل التدريب» كحل مؤقت يتحول مع الوقت إلى قاعدة غير رسمية لاستغلالهم.
إن تحسين أوضاع الصحفيين المالية يجب ألا يكون مجرد مطلب انتخابى، بل هو معركة حقيقية للحفاظ على المهنة نفسها، ومنع نزيف الكفاءات التى تهجر الصحافة بحثًا عن فرص أفضل فى مجالات أخرى.
ما الذي يحتاجه الصحفيون من انتخابات 2025؟
مع الدخول في معركة انتخابية نقابية جديدة لا بد أن يدرك الصحفيون أن الاختيار هذه المرة ليس مجرد تصويت لأشخاص، بل هو تصويت على مستقبل المهنة نفسها.
فالصحفيون لا يريدون مجرد وعود انتخابية، بل خطة حقيقية لإعادة الاعتبار لنقابة الصحفيين ككيان مستقل قادر على الدفاع عن أعضائه، وتحسين ظروفهم المعيشية، واستعادة دورها كصوت مهني حر لا يخضع إلا لمبادئ الصحافة وأخلاقياتها.
كما يريد الصحفيون استقلال النقابة حيث إنه الضمان الوحيد لحل مشكلات الصحفيين، وهو البوابة التي يمكن من خلالها تحسين الأوضاع المهنية والاقتصادية والخدمية لأعضاء النقابة، فبدون نقابة قوية ومستقلة، ستظل الأزمات تتكرر، وسيظل الصحفيون يدفعون ثمن التردد والتهاون في الدفاع عن حقوقهم.
وأخيرا فإن معركة انتخابات نقابة الصحفيين في 2025 ليست مجرد سباق بين مرشحين، بل هي اختبار حقيقي لقدرة الصحفيين على استعادة نقابتهم، ووضعها في المكانة التي تستحقها، كحائط صد يحمي المهنة من التراجع، ويحمي أصحابها من التهميش والإقصاء.
