في خطوة جريئة ردا على جرائم وانتهاكات الاحتلال بعدم التزام قرار وقف إطلاق النار، علقت «حماس» عملية تسليم المحتجزين الإسرائيليين، التي كانت مقررة السبت المقبل، حتى إشعار آخر، كما ردت برفع مستوى التأهب في غزة، متوعدةً بأنها «لن تسمح للعودة إلى واقع 7 أكتوبر».
ويبدو أن تهديدات حماس أتت سريعا بثمارها، فكشفت القناة 12 الإسرائيلية أنه من المتوقع أن تُدخل منظمات دولية الوقود والمعدات الطبية لقطاع غزة بشكل عاجل، بما يسمح بإتمام تبادل الأسرى مع حركة حماس السبت المقبل، ورجحت القناة أن توافق الحكومة الإسرائيلية على إدخال المساكن المؤقتة إلى قطاع غزة اليوم الخميس.
في غضون ذلك، قالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية: إن “أزمة الرهائن في طريقها إلى الحل، وإن إسرائيل تقدر أن الإفراج عنهم سيكون يوم السبت حسب اتفاق وقف إطلاق النار”.
وكانت القناة الإسرائيلية قد أفادت بأن الحوار بين إسرائيل والوسطاء قائم، وسط محاولات من مصر وقطر لمنع الصفقة من الانهيار، مؤكدة بأن إسرائيل تدرس مطالبة حماس بتوسيع قائمة الأسرى المقرر الإفراج عنهم ضمن المرحلة الأولى من الصفقة.
موقف حماس الوضح والجرئ
أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم «كتائب القسام» (الجناح العسكري لحماس)، تأجيل تسليم الأسرى الإسرائيليين في الدفعة السادسة حتى إشعار آخر، فيما أعلنت الحركة أنها منحت الوسطاء مهلة لدفع إسرائيل «للالتزام» ببنود وقف إطلاق النار، وذلك في إطار رغبتها لإبقاء الباب مفتوحاً، للإفراج عن دفعة جديدة من الرهائن الإسرائيليين، في الموعد المقرر السبت.
وقالت الحركة في بيان: «تعمدت (حماس) أن يكون هذا الإعلان قبل خمسة أيام كاملة من موعد تسليم الأسرى، إنما هو لإعطاء الوسطاء الفرصة الكافية، للضغط على الاحتلال لتنفيذ ما عليه من التزامات، ولإبقاء الباب مفتوحاً لتنفيذ التبادل في موعده إذا التزم الاحتلال بما عليه».
بدوره، قال أبو عبيدة في تغريدة: «راقبت قيادة المقاومة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية انتهاكات العدو وعدم التزامه ببنود الاتفاق؛ من تأخير عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة، واستهدافهم بالقصف وإطلاق النار في مختلف مناطق القطاع، وعدم إدخال المواد الإغاثية بكل أشكالها بحسب ما اتفق عليه، في حين نفذت المقاومة كل ما عليها من التزامات، وعليه سيتم تأجيل تسليم الأسرى الصهاينة الذين كان من المقرر الإفراج عنهم يوم السبت المقبل الموافق 15 – 02 – 2025 حتى إشعار آخر، ولحين التزام الاحتلال وتعويض استحقاق الأسابيع الماضية وبأثر رجعي، ونؤكد على التزامنا ببنود الاتفاق ما التزم بها الاحتلال».
وجاء إعلان أبو عبيدة بعد وقت قصير من خطاب لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في الكنيست، تعهد فيه «بتحقيق جميع أهداف الحرب، بما في ذلك القضاء على (حماس) وإعادة جميع الرهائن إلى الوطن».
وشكل قرار «حماس» تعليق التبادل مفاجأة للجمهور الفلسطيني والإسرائيلي، ولكن ليس للمستوى السياسي في إسرائيل الذي كان كما يبدو يتوقع شيئاً مماثلاً.
إسرائيل تتراجع
نقل موقع أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي قوله: “نقلنا إلى حماس رسالة أننا ملتزمون بتنفيذ الاتفاق إذا التزمت الحركة به”.
و أفادت “هآرتس” عن مصادر في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إن تقديراتهم تشير إلى أن حماس معنية بمواصلة المرحلة الأولى من الصفقة وبدء المحادثات للمرحلة الثانية، بمقابل ذلك، ردت “إسرائيل” بسلسلة من التصريحات المتناقضة من مصادر مجهولة.
وعلق وزير الأمن القومي السابق إيتمار بن غفير، إن “الحكومة الإسرائيلية على وشك ارتكاب خطأ تاريخي آخر: بعد تلقي الدعم من الرئيس ترامب لفتح الجحيم على غزة إذا لم تطلق حماس سراح جميع اسرانا لديها”.
وأضاف: “تعتزم الحكومة الاستمرار في الاكتفاء بالإفراج عن ثلاثة اسرى فقط، في خطة متهورة تتضمن إطلاق سراح مئات الاسرى الفلسطينيين من السجن، مع الاستمرار في إرسال الوقود والمساعدات إلى غزة.”
أما وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموترتش ووزيرة الاستيطان أوريت ستروك قدما اقتراحًا في مجلس الوزراء يفيد بإذا انتهكت حماس الاتفاق ولم تلتزم بجدول الإفراج القادم، فيجب على “إسرائيل” أن تعتقل على الفور جميع الأسرى الذين أطلقت سراحهم كجزء من الاتفاق.
وبحسب ما نقله مراسل القناة 12 العبرية فإن المؤسسة الأمنية رفضت الاقتراح بالتوصية: “ننصح بعدم التصرف بردّ فعل عاطفي، بل بعقلانية. هذا قد يؤثر على حياة الأسرى، نريد الإفراج عن أكبر عدد ممكن منهم”.
في حين، قال الجنرال احتياط في جيش الاحتلال جابي سبينو إنه عارض الاتفاق مع حماس في وقت سابق، لكن وبعد أن دفعت “إسرائيل” ثمنه وأخلت نتساريم وأطلقت سراح الأسرى فعليها أن تكمله.
ونقلت القناة 13 العبرية عن مسؤولين كبار بدولة الاحتلال قولهم إن التصريحات الأميركية والإسرائيلية تعرض استمرار الصفقة للخطر بشكل كبير، وإن هناك خطرًا من أن حماس لن تطلق سراح الاسرى لديها إذا لم تواصل “إسرائيل” المرحلة الثانية.
ولفتت القناة إلى أن دولة الاحتلال تتعمد عدم تحديد عدد الأسرى الذين تطالب بالإفراج عنهم يوم السبت حتى لا تتناقض مع ترمب.
في سياق متصل، قالت القناة 12 العبرية إن الاحتلال يدرس توجيه طلب للمقاومة عبر الوسطاء بزيادة عدد الأسرى الإسرائيليين المنوي الإفراج عنهم ضمن المرحلة الأولى للصفقة، بعد شهادات الأسرى المفرج عنهم حول الأوضاع الصحية الصعبة لعدد من الأسرى المتبقين.
وحتى الآن أنجحت «حماس» وإسرائيل 5 جولات من التبادل، وصمد وقف النار رغم الخروق، في المرحلة الأولى التي تبقى لها نحو 18 يوماً.
وأفرجت «حماس» عن 16 محتجزاً إسرائيلياً، و5 تايلانديين لم يشملهم الاتفاق الأصلي وبقي لديها 76 محتجزاً.
وخلال المرحلة المتبقية كان يجب إطلاق سراح 17 محتجزاً آخر، يعتقد أن 9 منهم فقط ما زالوا على قيد الحياة.