نقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية عن لجنة الشحن البحري الفيدرالية في الولايات المتحدة فتح تحقيق في نقاط الاختناق البحرية العالمية، يشمل قناة السويس المصرية وممرات ملاحية أخرى، لتقييم ما إذا كانت أي دولة أو شركة شحن بحري أو مشغّل بحري آخر يخلق ظروفاً غير مواتية للشحن الأميركي والتجارة الخارجية.
وجاء في إشعار نشرته اللجنة في السجل الفيدرالي، الجمعة، وفق للوكالة: “أشارت الأحداث الأخيرة إلى أن القيود المفروضة على العبور في عدة مواقع حاسمة في سلسلة التوريد البحرية العالمية قد أدت إلى ظروف تستدعي تحقيقاً من قبل اللجنة”. وذكرت اللجنة أن هذه القيود أثرت على عمليات العبور عبر بحر المانش (القناة الإنكليزية) ومضيق ملقا، والممر البحري الشمالي، ومضيق سنغافورة، وقناة بنما، ومضيق جبل طارق، وقناة السويس.
وتعد قناة السويس شرياناً رئيسياً للتجارة العالمية، لكنها تعاني، وفق تقرير بلومبيرغ تأخيراتٍ متكررةً بسبب ضيق مسارها المائي واتجاهها الأحادي في بعض المناطق، خاصة أثناء الظروف الجوية السيئة. وقد سبّبت حوادث مثل جنوح السفينة “إيفر غيفن” عام 2021، والهجمات الأخيرة على السفن التجارية من قبل الحوثيين في اليمن على السفن المارة في البحر الأحمر، تعطيلَ سلاسل التوريد العالمية.
وأعلنت اللجنة الفيدرالية أنها تطلب تعليقات خلال الـ60 يوماً القادمة حول أسباب القيود في نقاط الاختناق البحرية المذكورة، ومدى مسؤولية الحكومات الأجنبية أو مالكي ومشغلي السفن عن هذه المشكلات. يأتي هذا التحرك في وقت تسعى فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب للسيطرة على ممرات ملاحية دولية منها قناة بنما والاستيلاء على ثروات المعادن في أوكرانيا وجزيرة غرينلاند التابعة للدنمارك، والسيطرة على صناعة السفن لمواجهة نفوذ الصين في هذا المجال.
وقالت لورين بيغن، المحامية السابقة في لجنة الشحن البحري الفيدرالية، إن هذه السلطات تمنح اللجنة الفيدرالية القدرة على اتخاذ ما وصفتها بـ”إجراءات تصحيحية” إذا وجدت ظروفاً غير مواتية في قطاع الشحن. وأضافت لوكالة بلومبيرغ أن هذه الإجراءات قد تشمل فرض رسوم تصل إلى مليون دولار لكل رحلة، أو تقييد مشاركة الشركات في الاتفاقيات المُودعة لدى اللجنة مثل التحالفات البحرية، أو منع السفن التي ترفع أعلاماً أجنبية من دخول الموانئ الأميركية.
وأشارت إلى أن هذا التحقيق قد يؤثر على جزء كبير من أسطول الشحن التجاري العالمي، موضحة: “يمكن اعتبار هذه الصلاحية من بين أقوى السلطات التي تمتلكها اللجنة الفيدرالية، ويبدو أنهم يستعدون لاستخدامها في هذا التحقيق الذي أُعلِن للتو”.
ويأتي التحقيق الأميركي في اختناق المرور في قناة السويس على حد زعم لجنة الشحن البحري الفيدرالية، في وقت يدعم ترامب طريق الهند الجديد (الهند ـ أميركا) وهو طريق يهدد قناة السويس بشكل كبير. والدول الرئيسة في الطريق (الهند ـ إسرائيل ـ إيطاليا ـ الولايات المتحدة)، وتأتي أولى المحطات بعد الهند في موانئ الإمارات ثم السعودية ثم الأردن، ثم موانئ حيفا في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويأتي دعم ترامب لهذا الممر الملاحي استكمالاً لما بدأه الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، إذ أعلنت الولايات المتحدة ودول خليجية وأوروبية بجانب الهند، في سبتمبر/ أيلول 2023، العمل معاً على إنشاء ممر يربط الهند بالشرق الأوسط، ومن ثم أوروبا، بهدف تسهيل التجارة.
وكان أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس بسلطة الانقلاب ، قد قال في تصريحات الشهر الماضي، إن تصريحات ترامب حول خطة السيطرة على قطاع غزة، وتهجير سكانه، سبّبت حالة من عدم اليقين، إذ أثرت على الملاحة في البحر الأحمر؛ ما دفع العديد من السفن إلى تجنب القناة، وسلوك طريق رأس الرجاء الصالح. وأوضح ربيع، خلال مداخلة هاتفية في برنامج “كلمة أخيرة” على قناة أون المصرية آنذاك، أن تصريحات ترامب جاءت في وقت كانت فيه التوقعات تشير إلى تحسن كبير في الملاحة، خاصة مع إعلان الحوثيين وقف عملياتهم الهجومية بعد اتفاق غزة في 19 يناير/كانون الثاني 2025.
كذلك يشمل التحقيق مضيق سنغافورة، حيث تواجه السفن الكبيرة خطر الجنوح في المياه الضحلة، بينما تزيد الأحوال الجوية غير المتوقعة من تحديات الملاحة البحرية. وذكرت اللجنة أنه “رغم انخفاض معدل القرصنة، لا تزال هناك تهديدات أمنية، بما في ذلك عمليات الخطف والسرقة في المناطق النائية، بالإضافة إلى مخاطر الاضطرابات الناجمة عن التوترات السياسية الإقليمية”.
وبالإضافة إلى قناة السويس، يشمل التحقيق الأميركي بحر المانش ومضيق ملقا ومضيق جبل طارق، ونقاط الاختناق البحرية الأخرى قيد التحقيق وهي، الممر البحري الشمالي، الذي يوفر طريقاً مختصراً بين أوروبا وآسيا، ويمكن أن يعيد تشكيل التجارة العالمية مع زيادة فترات خلو مياهه من الجليد. وبحسب الإشعار فقد “أثار هذا الأمر تنافساً على السيادة، حيث تسعى روسيا إلى فرض سيطرتها على أقصر طريق بحري بين أوروبا وآسيا وفرض رسوم مرور، بينما تدفع دول أخرى نحو إتاحة الوصول الدولي”.