سياسات فاشلة ومخاوف مستمرة..أزمة الديون تُحاصر الاقتصاد وتضغط على تصنيفه الائتماني

- ‎فيتقارير

تراجعت النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري  في زمن المنقلب السفيه السيسى مجدداً بفعل تصاعد مخاطر الديون، لتقلب وكالة "ستاندرد آند بورز" تقييمها من إيجابي إلى "مستقر"، بينما أبقت وكالة "فيتش" على تصنيفها السابق دون تغيير، وسط تحذيرات من تدهور مؤشرات الاقتصاد الكلي وعجز الحكومة عن السيطرة على العجز المالي والاقتراض الخارجي.

 

تصنيف غير مرغوب فيه

ورغم إبقاء "ستاندرد آند بورز" على التصنيف الائتماني لمصر عند "B-/B" بالنسبة للديون طويلة وقصيرة الأجل، فإنها أكدت أن النظرة المستقبلية لم تعد واعدة، في مؤشر يعكس تعاظم المخاطر المالية. ويقع هذا التصنيف ضمن المنطقة غير المرغوب فيها (Junk)، بعد أن تراجعت مصر ست درجات مقارنة بتصنيفات سابقة.

 

ويأتي هذا التطور رغم اتفاقيات تمويل ضخمة أعلنت عنها الحكومة، من بينها اتفاقية تطوير "رأس الحكمة" البالغة 35 مليار دولار، وبرنامج صندوق النقد الدولي المعدل بقيمة 8 مليارات دولار، إضافة إلى حزمة دعم من الاتحاد الأوروبي تصل إلى 7.4 مليارات يورو.

 

أسباب التراجع: ديون متراكمة ومخاطر متزايدة

أرجعت "ستاندرد آند بورز" قرارها إلى استمرار هشاشة الوضع الخارجي للاقتصاد، والارتفاع الحاد في تكاليف خدمة الدين، وسط تقلبات الأسواق العالمية وتزايد المخاطر الجيوسياسية. في المقابل، حذرت "فيتش" من ضعف المالية العامة للدولة، مع تسجيل نسبة غير مسبوقة للفوائد مقابل الإيرادات الحكومية، وصلت إلى 58% من إيرادات الدولة في موازنة 2024/2025، ومن المتوقع أن تقفز إلى 61% بحلول 2026.

 

فشل حكومي في احتواء الأزمة

يرى خبراء أن السياسات الاقتصادية للنظام الحالي، بقيادة المنقلب عبد الفتاح السيسي، فاقمت من الأزمة بدلًا من احتوائها. ويقول الدكتور محمود وهبة، الخبير الاقتصادي المقيم في نيويورك، إن "النظام المصري أدار ملف الاقتراض بشكل غير رشيد، ووجه عشرات المليارات نحو مشروعات غير إنتاجية، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، دون تحقيق عوائد حقيقية تُخفف عبء الديون".

 

ويضيف وهبة: "ما نشهده اليوم هو نتيجة حتمية لتراكم الديون بلا تخطيط أو رقابة برلمانية حقيقية، في ظل تجاهل واضح لتحذيرات المؤسسات الدولية بخصوص مخاطر تضخم الدين الخارجي".

 

أرقام صادمة للديون

وبحسب بيانات البنك المركزي المصري، فقد ارتفعت الديون الخارجية بنحو 1.5% على أساس ربع سنوي لتصل إلى 155.2 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام المالي الجاري، مقارنة بـ152.9 مليار في نهاية العام الماضي. وتشكل الديون متوسطة وطويلة الأجل 82% من الإجمالي، في حين تبلغ الديون قصيرة الأجل نحو 27.7 مليار دولار.

 

ورغم تراجع الدين على أساس سنوي بنسبة 5.7% مقارنة بـ164.5 مليار دولار العام الماضي، فإن مراقبين يرون أن التراجع ناتج عن تبديل أدوات الدين أو إعادة جدولة مؤقتة، لا نتيجة سياسة تقشف أو خفض فعلي للاعتماد على القروض.

 

أزمة السيولة.. والتضخم يلتهم الجنيه

أدى استمرار الاقتراض إلى استنزاف السيولة المحلية، حيث تستهلك فوائد الديون نحو 90% من السيولة البنكية، وفقاً لتقديرات محللين اقتصاديين. كما ارتفع معدل التضخم في مارس/آذار الماضي إلى 13.6% سنوياً، مقارنة بـ12.8% في فبراير، رغم وعود الحكومة بخفضه في ظل خطة لخفض أسعار الفائدة.

 

غير أن تلك الخطط تعرضت لانتكاسة إضافية مع قرار الحكومة الأخير رفع أسعار الوقود، ما أدى إلى موجة جديدة من المضاربة على الدولار، وتراجع الجنيه بنسبة 2.4% خلال أسبوع، من 50.5 إلى 51.75 جنيهاً للدولار، في ظل صعوبة بالغة في تدبير العملة الصعبة لمستوردي السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج.

 

سياسات فاشلة ومخاوف مستمرة

يشير محللون إلى أن العجز المستمر في الميزان التجاري، والانكشاف الكبير على التمويل الأجنبي، يجعلان الاقتصاد المصري عرضة لأي اضطراب عالمي، خصوصاً في ظل افتقاد الدولة لرؤية اقتصادية متكاملة، واعتمادها على الدعم الخليجي والاستدانة الدولية بشكل مفرط.

 

وبينما تتوقع الحكومة تراجع عبء الفوائد إلى 45% من الإيرادات بحلول 2028/2027، يرى خبراء أن تلك التقديرات "مجرد تفاؤل غير مبني على مؤشرات واقعية"، خاصة في ظل استمرار الأزمة العالمية وتداعياتها على الاقتصاد المحلي، وتدهور ثقة المستثمرين في السوق المصرية.