تعتزم حكومة المنقلب السيسي اعتبارًا من بداية السنة المالية الجديدة، استبدال جميع الرسوم التي تفرضها الجهات الحكومية على المستثمرين بضريبة موحدة تحتسب من صافي الأرباح، وذلك في حكم الإقرار (حتى قبل أي حوار مجتمعي)، وبهدف قالت: إنه "تخفيف الأعباء المالية عن المستثمرين، وتشجيع ضخ استثمارات جديدة داخل البلاد".
ويستلزم تنفيذ هذا التوجه إدخال تعديلات تشريعية وإصدار قرارات إدارية مناسبة، في إطار خطة متكاملة تسعى إلى تحسين مناخ الاستثمار، وتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري.
وأكد مراقبون أن أعباء ضخمة على المستثمر نتيجة تعدد الجهات المختلفة، وطرق سداد تلك الرسوم غير محددة القيمة، ما أثر سلبًا على بيئة الاستثمار.
حيث أشار لذلك هشام كمال، رئيس جمعية دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وقال في تصريحات صحفية: إن "من مطالبه الأساسية هو وجود منظومة موحدة وواضحة لتحصيل الرسوم المختلفة؛ لأنها بمثابة عائق يقف أمام التوسع في الاستثمارات لاختلافها من جهة إلى أخرى، بخلاف أيضًا بعض الموظفين غير المؤهلين المعرقلين لتسهيل الإجراءات".
وأشار إلى أنه بهذا الإجراء تنخفض التكاليف، ويدعم المنتج المصري للمنافسة في الأسواق الخارجية، وينمي الصادرات، خاصة أن المنتج المصري مواصفاته عالمية وقادر على دخول أسواق جديدة" بحسب ما أكد.
واستدرك "كمال" أنه من الضروري وجود آليات تنفيذية جيدة للقرار، منها حصول المستثمر على ما يفيد من مصلحة الضرائب بسداده جميع الرسوم المطلوبة، وبما يمكنه من التعامل مع الجهات المختلفة لتسهيل تنفيذ متطلباته.
وأشار مجدي طلبة، عضو المجلس التصديري للملابس الجاهزة، إلى أنه يجب إعداد دراسة جيدة للقرار وتنفيذه بالطريقة الصحيحة، لتجنب أن يتحول الأمر من دعم للمستثمر إلى عبء جديد، مؤكدًا على أن تكون قيمة الضريبة البديلة للرسوم عادلة لتحفيز الاستثمار.
وأضاف في تصريحات صحفية أن الضريبة الموحدة بحاجة لدراسة جيدة؛ لأن هناك بعض الرسوم تحصّل قبل البدء في تنفيذ المشروع مقابل بعض الخدمات، لذلك لا بد من وضوح الرؤية والجهة المعنية بتحصيلها، لاختلافها وتنوعها، كما أنها تختلف حسب لكل مشروع، ما يتسبب في إهدار وقت كبير لأي مستثمر.
ودعا إلى ضرورة وجود تعاون بين مجتمع الأعمال والجهات الحكومية المختلفة في وضع آليات لتنفيذ القرار، لإغلاق أي ثغرات تضغط على المستثمر؛ لأن منظومة الاستثمار في مصر بها العديد من المشكلات من سعر الأراضي غير التنافسي وتكلفة مرتفعة للإقراض، لذلك يجب أن يكون أي إجراء جديد لا يلقي بأعباء أخرى على أصحاب المشاريع.
تستهدف وزارة المالية حصيلة ضريبية تصل إلى 2.6 تريليون جنيه في 2025/2026 مقابل 2.02 تريليون جنيه متوقعة في العام المالي الحالي، وفقًا للبيان المالي للموازنة الجديدة.
ولم يشر بيان صدر عن مكتب السيسي لطبيعة الرسوم التي سيتم إدراجها ضمن الضريبة الموحدة، إلا أن نبيل عبد الرؤوف إبراهيم أستاذ المحاسبة والضرائب، قال في تصريحات صحفية: إنها "تشمل عددًا ضخمًا يساهم في رفع معدل الضريبة الفعلي إلى 37%".
ويشمل معدل الضريبة الفعلي كل الأعباء المفروضة على دخل الشركة، وليس ضريبة الدخل فقط، ويتم حسابه بقسمة أعباء الضرائب على صافي ربح الشركة.
والضرائب المفروضة على دخول الشركات بحكم قوانين الضرائب الحالية تقوم بالأساس على ضرائب الدخل على الأشخاص الاعتبارية، بنسبة 22.5% وضريبة توزيعات الأرباح والتي تكون بنسبة 5% إذا كانت الشركة مقيدة في البورصة، وإذا كانت غير مقيدة تخضع لـ10%.
وقال أحمد الإمام، خبير دراسات الجدوى في تصريحات صحفية: إن "النظام الضريبي في مصر يتميز بمعدل ضريبة دخل على الشركات يعتبر معتدلًا مقارنة ببعض الدول في الإقليم أو عالميًا، لكن تعدد الرسوم غير المباشرة يجعل معدل الضريبة الفعلي أعلى بكثير من ضريبة الدخل".
واشار "الإمام" إلى أن "الضريبة الموحدة" لن تحل أصل مشكلة عدم المساواة في العبء الضريبي بين القطاع الرسمي، والذي سيتحمل ضريبة الدخل وهذه الضريبة الجديدة والقطاع غير الرسمي، الذي يمثل نسبة كبيرة من التعاملات في مصر ولا يخضع لأي من هذه الضرائب.
وأضاف أن المملكة العربية السعودية باتت منافسًا قويًا لمصر في جذب الاستثمارات الأجنبية، مع منحها مميزات ضريبية للشركات التي تنقل مقر عملها الرئيسي للمملكة.