يشهد قطاع غزة تدهورا حادا في الأوضاع الإنسانية مع استمرار العمليات العسكرية الصهيونية، التي استُؤنفت في مارس الماضي بعد فشل تمديد اتفاق وقف إطلاق النار.
وكشفت تقارير أن 20 مستشفى فقط لا تزال تعمل بشكل جزئي من أصل 38 في القطاع، في وقتٍ قامت فيه قوات الاحتلال باعتقال أكثر من 360 من الكوادر الصحية، ما يزيد من تعقيد الأزمة.
وفي ظل هذه الكارثة ، تواصل أعداد الأطفال الذين يفقدون حياتهم نتيجة نقص الغذاء والدواء في الارتفاع، وسط تحذيرات من انهيار كامل للمنظومة الصحية في القطاع المحاصر.
المعونات الإنسانية
فى هذا السياق اتهم أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، دولة الاحتلال بخرق اتفاق وقف إطلاق النار في 18 مارس الماضى، وقتل ما يقارب من ألف فلسطيني في غزة، بينهم نساء وأطفال وصحفيون وعاملون في المجال الإنساني، جراء الضربات والعمليات العسكرية على القطاع.
ووصف جوتيريش خلال كلمته أمام جلسة مجلس الأمن الدولي، الوضع الإنساني في جميع أنحاء قطاع غزة بأنه «انتقـل من سيئ إلى أسوأ»، مؤكدا أن دولة الاحتلال منعت لما يقرب من شهرين كاملين دخول الغذاء والوقود والدواء والإمدادات التجارية، وحرمت أكثر من مليوني شخص من الإغاثة المنقذة للحياة، كل ذلك بينما العالم يراقب ويشاهد.
وأعرب عن قلقه البالغ إزاء تصريحات مسئولين صهاينة حول استخدام المساعدات الإنسانية كأداة للضغط العسكري، مشددا على أن المعونات الإنسانية غير قابلة للتفاوض، وعلى دولة الاحتلال الالتزام بحماية المدنيين، والموافقة على خطط الإغاثة وتيسيرها.
وطالب جوتيريش دولة الاحتلال بعودة دخول المساعدات على الفور وضمان سلامة موظفي الأمم المتحدة، الذين قُتل بعضهم مع عائلاتهم، مشددا على ضرورة السماح لوكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، بالعمل بحرية ودون عوائق، في ظل الاحترام الكامل للمبادئ الإنسانية والحيادية والاستقلالية.
ودعا إلى وضع حد فوري للتهجير المتكرر لسكان غزة، وأي محاولة للتهجير القسري خارج القطاع، والتوقف عن انتهاك القانون الدولي مطالبا الدول الأعضاء في مجلس الأمن باستخدام نفوذها لضمان احترام القانون الدولي وضمان عدم الإفلات من العقاب والمساءلة .
القطاع الصحي
وأكد الدكتور منير البرش المدير العام لوزارة الصحة بغزة، أن قطاع غزة يعيش جحيما أكبر من الإبادة الجماعية، مشيرا إلى أن جيش الاحتلال يقتل الفلسطينيين في القطاع بشكل عشوائي، ويستمتع بذلك، ومعظم الشهداء من الأطفال.
وقال البرش في تصريحات صحفية ، إن 18 مستشفى في القطاع تعمل بشكل جزئي من أصل 38 مستشفى، لافتا إلى أن القطاع الصحي يشهد نقصا في وحدات الدم يعوق معالجة المصابين.
وأوضح أن المستشفيات تعاني نقصا في أسرّة المرضى، ولا دخول للأدوية والمواد الغذائية، مؤكدا أن جيش الاحتلال يمنع دخول اللقاحات للأطفال في غزة.
وشدد البرش على ضرورة الضغط على الاحتلال لفتح المعابر فورا، وكذلك الضغط من أجل إدخال حليب الأطفال والأدوية والمواد الغذائية، منوّها إلى أن العديد من المرضى استشهدوا بسبب نقص الأدوية.
الغذاء والدواء
وأشار إلى أن إغلاق المعابر ومنع دخول الإمدادات الطبية والإنسانية فاقم من الكارثة الصحية، لا سيما داخل المستشفيات التي تعمل بقدرة تشغيلية شبه معدومة.
وقال البرش إن القطاع الصحي يواجه أزمة كبيرة جداً، مشيرًا إلى أن الأطفال والحوامل هم الأكثر تضرراً من هذا الوضع الكارثي، مضيفا : نحو مليون طفل في القطاع محرومون من المساعدات المنقذة للحياة، وأكثر من 40 ألفاً أصبحوا أيتاماً بفعل الحرب .
وأشار البرش إلى أن الاحتلال يمنع دخول الماء والغذاء إلى المدنيين، ويشن حرب إبادة ممنهجة، وشدد على أن الاحتلال يبيد النسل الفلسطيني، ويمنع الماء والغذاء عن أبنائنا ، مؤكداً أن هناك 100 طفل ماتوا وهم ينتظرون فتح المعبر.
وأوضح أن عدد من يفقدون حياتهم بسبب التبعات غير المباشرة للحرب – مثل نقص الغذاء والدواء وغياب الرعاية الطبية – يفوق عدد من قتلوا مباشرة بنيران الاحتلال، محملاً المجتمع الدولي مسئولية التقاعس المتواصل عن أداء واجبه .
ودعا البرش المؤسسات الدولية إلى القيام بواجبها الإنساني والقانوني، مؤكداً وجود 3 آلاف شاحنة مساعدات عالقة في الجانب المصري، بانتظار السماح لها بالدخول لإنقاذ الأرواح.
احتياجات المدنيين
ودعا برنامج الأغذية العالمي إلى السماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة فورًا، مطالبا جميع الأطراف بإعطاء الأولوية لاحتياجات المدنيين في غزة.
وحذر برنامج الأغذية العالمي في بيانٍ له من تدهور الأوضاع المعيشية لأهالي قطاع غزة بسبب نقص الغذاء.
وقال إن الإمدادات الخاصة بتوزيع الوجبات الساخنة في قطاع غزة ستكفي لمدة أقصاها أسبوعين، وأن آخر الطرود الغذائية ستوزع خلال يومين.
وأكد البرنامج أن جميع المخابز الـ25 المدعومة من "الأغذية العالمي" في غزة أغلقت، بسبب نقص الوقود والدقيق.