تغزو الأدوية المضروبة المصنعة فى مصانع "بير السلم" السوق المصرى فى زمن الانقلاب وتهدد حياة المرضى بل وتتسبب فى موت الكثيرين فى ظل تجاهل وزير الصحة بحكومة الانقلاب وانشغاله بالدفاع إنجازات السيسي الوهمية رغم عدم وعدم قيامه بدوره فى حماية ارواح المصريين .
ما يساعد على انتشار الأدوية المغشوشة أنها رخيصة الثمن مقارنة بالأدوية السليمة التى ارتفعت أسعارها بصورة جنونية فى الفترة الأخيرة وهو ما دفع البعض إلى شراء الأدوية عبر مواقع التواصل الاجتماعى أو من أماكن لا علاقة لها بالأدوية .
ضحايا
من ضحايا الأدوية المغشوشة شيماء عباس فتاة عشرينية فارقت الحياة عقب شهرين من مداومتها على تناول دواء فيتارم بلو لخفض وزنها، اشترته من صفحة على فيسبوك تروج لأدوية التخسيس، تاركة خلفها طفلة صغيرة بحسب شقيقتها أمنية.
وقالت أمنية: اشترت شقيقتي عقار فيتارم بلو لخفض وزنها، أبلغها البائع بتناول قرص يوميا لمدة شهرين، عانت على إثره من آلام حادة بالمعدة واكتئاب مصحوب ببكاء مستمر، وخلال الشهر الثاني رفعت الجرعة إلى قرصين يوميا وأصيبت بإعياء شديد، ونقلت إلى المستشفى وفارقت الحياة بسبب احتشاء حاد في عضلة القلب بحسب تقرير وفاتها.
وأضافت: أبلغنا الأطباء في المستشفى أن هذا الدواء غير مرخص من هيئة الدواء ولم يصنع بإشرافها ومحظور تداوله لاحتوائه على سموم لأنه من تلك المصنعة في معامل بير السلم .
دواء انقاص الوزن
أيضا عقاقير التخسيس المغشوشة، كادت أن تودي بحياة المحامي الثلاثيني مصطفى عيد حين بدأ بتناولها قبل 5 أعوام، وما زال يعاني من آثارها إلى الآن.
وقال عيد: تابعت مع طبيب تغذية اعتاد صرف دواء نيو هارفا لانقاص الوزن من عيادته مدعياً استيراده من ألمانيا وعدم توفره بالصيدليات، لكن دون جدوى، زاد وزني مجدداً، ولدى نفاده توجهت إلى صيدلية في حيّ الزاوية الحمراء لشراء الدواء ذاته، لكن بعد تناول القرص الأول منه شعرت بأعراض قوية كالتعرق الشديد وجفاف الحلق ودخول المرحاض المتكرر وتنميل في مقدمة الرأس وتورم في العين مع جفاف .
وأشار إلى أنه رغم ذلك واصل تناوله لأسبوعين، حتى أصبح يعانى من مشاكل في التنفس وتوجه إلى مستشفى اليوم الواحد، وصرفوا له أدوية منظمة لضربات القلب.
ونظرا لعدم استقرار حالته، انتقل عيد إلى مستشفى قصر العيني التعليمي، وتبين ارتفاع ضغط الدم لديه مع انتفاخ في العينين، وحين اطلع طبيب الطوارئ على الدواء التفت إليه قائلا: الدواء ده مغشوش ولا يوجد شركة دواء تحمل الاسم المدون على العبوة وادعاءات أنه مستورد غير صحيحة.
وباء يهدد الجميع
وكشف الصيدلي سمير عباس أن الأدوية المغشوشة تحولت إلى وباء يهدد الجميع، مشيرا إلى أنه فى أحد الأيام دخل شخص إلى محل عمله في محافظة دمياط ، وقدم له عرضاً مغرياً، بشراء كل ما لديه من أدوية منتهية الصلاحية زاعماً أنه يعمل في واحد من مخازن الأدوية الكبرى التي تجمع الأدوية الـ"expired" من الصيدليات لتسليمها إلى الشركات المنتجة.
وقال عباس فى تصريحات صحفية : بحكم خبرتى الطويلة أعرف تماماً أن الشركات المصنعة ترفض تسلم الأدوية منتهية الصلاحية ويتوجب على الصيدليات التخلص منها وهو ما يؤكد كذب المندوب .
وأضاف : لم تكن هذه هى المرة الأولى التي أواجه هذا الطلب من "مجهولين"، فقد تكرر خمس مرات على الأقل خلال العامين الماضيين عبر أشخاص يعملون ضمن منظومة مختصة في الغش الدوائي، يشترون هذه الأدوية لإعادة استخدام العبوات في طرح أدوية مغشوشة في الأسواق، وحتى الأقراص منتهية الصلاحية يعيدون تغليفها لبيعها بتواريخ جديدة.
شارع الجمهورية
وقال وليد شوقي، رئيس مؤسسة الدواء للجميع الخيرية إن أوكاراً تصنع وتبيع عبوات الأدوية الفارغة وأجهزة تغليف الحقن أيضا .
وأشار شوقي فى تصريحات صحفية إلى أن هناك معملا خلف الجامع الأحمر بشارع الجمهورية وسط القاهرة، يختص ببيع العبوات وأجهزة التغليف، ولا مشكلة لديه في البيع لأي زبون.
وأكد أنه لا يمتلك سجلاً صناعياً ولا بطاقة ضريبية، وهو ما يوفر لورش التزييف وتصنيع الأدوية المغشوشة احتياجاتها اللازمة لعملية التصنيع وطرح منتجاتها القاتلة في السوق .
مضاد حيوي
وقال عزام صلاح مشرف قسم الأبحاث والتطوير في شركة العاشر من رمضان للصناعات الدوائية والمستحضرات التشخيصية (راميدا)، إنه فوجئ بمنشور تحذيري لهيئة الدواء عبر موقعها من تداول دواء مغشوش باسم New-Clav Extra Strength 642.9mg /5ml (نيوكلاف)، ينتمي إلى مجموعة البنسلين ويستخدم كمضاد حيوي للالتهابات البكتيرية، والأصلي هو من إنتاج شركة العاشر من رمضان لصالح شركة الأندلس للصناعات الدوائية، التي أبلغت الهيئة عن تداول منتج مغشوش مقلد يحاكي ما تصنعه.
وكشف صلاح فى تصريحات صحفية عن تفاصيل بروتوكول اتبعته الشركة وتطبقه مثيلاتها بعد اكتشاف غش أحد مستحضراتها، موضحا أنه يتضمن تحليل العينات المزورة للتأكد من نوعية المواد المستخدمة ومعرفة الفرق بينها وبين المنتج الأصلي، ثم إبلاغ الجهات المختصة كهيئة الدواء، وتقديم شكوى رسمية وإثبات وجود المنتج المغشوش في السوق، فضلاً عن تحذير المستهلكين وتوعيتهم حول كيفية تمييز المنتج الأصلي من المزور وتوجيههم للشراء من مصادر موثوقة فقط، إلى جانب تحديث العلامات الأمنية كإجراء استباقي.
وأشار إلى أنه في مواجهة الغش والتزييف، تحدّث بعض الشركات تصميم العبوة أو تضيف عناصر أمان مثل ملصقات الهولوجرام أو رموز QR حتى تسهّل على المستهلكين التحقق من صحة المنتج .
خطورة بالغة
وقال الدكتور محمد عزّ العرب، رئيس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد : الدواء المغشوش أي عقار يتم تداوله بغرض الاستشفاء دون أن يصرح بإنتاجه وتداوله من هيئة الدواء المصرية.
وأوضح عز العرب فى تصريحات صحفية أن الأدوية المزيفة إما أن تصنع من مواد فعالة مخففة عدة مرات لتستخدم في إنتاج عدد كبير من العلب، أو يجري خلطها بمواد مجهولة، وقد تفتقر للمادة الفعالة كلياً وتحتوي على مواد مغشوشة مثل مسحوق السيراميك المكون من مواد كالطين والسيليكا والألومينا (أكسيد الألومنيوم) وكلها تشكل خطورة بالغة على صحة من يتناولها.