الشعب يدفع الثمن… صندوق النقد يشدد ضغوطه على المنقلب وخبراء يحذرون من انفجار اجتماعي

- ‎فيتقارير

 

في وقت يعيش فيه المصريون أوضاعاً اقتصادية بالغة القسوة، بسبب تهاوي الجنيه وتفشي التضخم، يكثّف صندوق النقد الدولي ضغوطه على  حكومة المنقلب السفيه السيسى لتسريع تنفيذ بنود برنامج "تسهيل الصندوق الممدد"، الذي تحوّل إلى عبء ثقيل على كاهل المواطن العادي، منذ توقيعه في ديسمبر 2022 بقيمة أولية بلغت 3 مليارات دولار، قبل أن تُوسع لاحقاً لتصل إلى 8 مليارات دولار، قابلة للزيادة.

 

وقد بدأت بعثة الصندوق المراجعة الخامسة للبرنامج، وسط تحذيرات صريحة من مسؤولي المؤسسة الدولية بشأن استمرار ارتفاع الدين العام المصري، داعين إلى خفضه وتقليص كلفته، في وقت لا تزال فيه آثار السياسات السابقة – خصوصاً تعويم الجنيه وتحرير أسعار الوقود – ترهق حياة المواطنين.

 

أعباء جديدة على المصريين

رغم أن مصر حصلت حتى الآن على 3.3 مليارات دولار فقط، مع ترقب صرف 1.2 مليار دولار إضافية، فإن الثمن الحقيقي يُدفع من جيب المواطن، الذي تآكل دخله وتضاعفت أسعار السلع والخدمات الأساسية. ومع التزامات سداد ثقيلة هذا العام فقط تصل إلى 5 مليارات دولار للصندوق، من بينها نحو 1.7 مليار خلال شهري مايو ويونيو، تُطرح تساؤلات حقيقية حول مدى استدامة هذا المسار.

 

ويبدو أن الجولة الحالية من المفاوضات تحمل نبرة أشد، إذ أكد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، جهاد أزعور، ضرورة التزام القاهرة بالتعهدات المؤجلة، في لهجة تختلف عن البيانات السابقة التي كانت تُرجع تأخر الخصخصة والإصلاحات الهيكلية إلى "تحديات خارجية". التحول المفاجئ في لهجة الصندوق يضع الحكومة أمام خيارات محدودة، جميعها تنطوي على تكاليف باهظة اجتماعياً.

 

خبراء يحذرون من انفجار اجتماعي

الخبير الاقتصادي وائل النحاس يرى أن اللهجة المتشددة طبيعية مع اقتراب نهاية البرنامج في 2026، قائلاً لـ"العربي الجديد": "الصندوق يضغط لتنفيذ التعهدات المؤجلة، ولا مجال للمزيد من التأجيل إذا كانت الحكومة تطلب تمويلاً إضافياً". وأشار إلى أن القاهرة لم تسدد حتى الآن سوى 10 مليارات دولار من أصل 28 ملياراً التزمت بها، ولا تزال هناك 8 مليارات في الانتظار.

 

من جهته، يتوقع أستاذ الاقتصاد السياسي عبد النبي عبد المطلب، أن تشمل الاستجابة المصرية المقبلة خطوات مؤلمة أخرى، أبرزها "رفع جديد لأسعار المحروقات، وخفض محدود جديد في قيمة الجنيه، وإبرام صفقات بيع أصول مثل مشروع رأس جميلة".

 

الخصخصة والتقشف مقابل التمويل

تُجري بعثة الصندوق مباحثاتها في القاهرة حتى 16 مايو/أيار، ومن المنتظر أن تركز على ملفات شائكة في مقدمتها بيع الأصول العامة. ورغم إعلان الحكومة مطلع العام الجاري عن نيتها طرح 10 شركات – بينها خمس تابعة للجيش – لم يتم تنفيذ أي خطوات ملموسة حتى الآن، ما يثير غضب المانحين وقلق المواطنين على السواء.

 

في المحصلة، يدفع المصريون ثمن برنامج تمويلي لم ينعكس بعد على تحسين معيشتهم، بل زاد من معاناتهم، في وقت يزداد فيه اعتماد الحكومة على القروض وتضييق خياراتها الاقتصادية، لتظل الأسئلة معلقة: إلى متى يدفع الشعب الثمن؟ وهل هناك بديل عن هذا المسار؟