بعد فشل تفريعة السيسي.. قناة السويس تنزف والخصومات لا تُنقذ؟

- ‎فيتقارير

في مؤشر جديد على عمق الأزمة التي تواجهها قناة السويس، أعلن رئيس هيئة القناة الفريق أسامة ربيع، بسلطة الانقلاب  أن الهيئة تدرس تقديم خصومات تتراوح بين 12 و15% على رسوم عبور السفن، في محاولة لاستعادة جزء من حركة الملاحة المفقودة بعد تراجع حاد في الإيرادات نتيجة استمرار هجمات الحوثيين على السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر.

 

انهيار الإيرادات رغم التفريعة "المعنوية"

هذا الإعلان يأتي بعد تراجع إيرادات القناة إلى 880.9 مليون دولار فقط في الربع الأخير من 2023، مقارنة بـ2.4 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق، ما يعكس ضربة قاسية لأهم مصدر للعملة الصعبة في البلاد.

ويطرح هذا الانهيار تساؤلات ملحة حول جدوى مشروع "تفريعة قناة السويس" الذي أطلقه المنقلب السفيه  عبد الفتاح السيسي عام 2015 بتكلفة تجاوزت 100 مليار جنيه، رغم التحذيرات من ضعف العائدات المتوقعة آنذاك. السيسي دافع لاحقًا عن المشروع، قائلاً إنه "كان ضرورياً لرفع الروح المعنوية للمصريين"، وهو تبرير أثار سخرية وانتقادات واسعة.

 

خبراء: المشروع فاشل تجاريًا

يقول الدكتور محمد رشاد، الخبير في النقل البحري، إن "التفريعة لم تحقق الأهداف المعلنة، من تسريع العبور وزيادة الدخل، لأن العوامل المؤثرة في الملاحة العالمية تتعلق بالسوق والتأمين والتهديدات الجيوسياسية، وليس فقط بسعة القناة".

فيما يرى المهندس عادل فاروق، المستشار السابق للهيئة، أن "التركيز على إنشاء التفريعة كان قرارًا سياسيًا لا اقتصاديًا، ولو وُجهت تلك المليارات لتحديث الموانئ أو تطوير الصناعات المرتبطة بالنقل لكان الأجدى".

 

مقارنة مؤلمة مع قناة بنما

في المقارنة مع قناة بنما، تبدو الفجوة صارخة. فرغم أنها تستقبل عددًا أقل من السفن مقارنة بالسويس، إلا أن متوسط الرسوم لكل سفينة فيها أعلى، وإيراداتها أكثر استقرارًا.

وبينما تتجه بنما إلى التحول الرقمي وتوسيع الخدمات اللوجستية لجذب الشركات، تعتمد هيئة قناة السويس على أدوات تقليدية كخفض الأسعار، ما يعكس غياب استراتيجية طويلة المدى.

 

جدل أمريكي وتصريحات مستفزة

تفاقمت الضغوط مؤخرًا بعد طلب صادم من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، طالب فيه بأن تمر السفن الأمريكية العسكرية والتجارية مجانًا عبر قناتي السويس وبنما، مبررًا ذلك بأن "هاتين القناتين ما كانتا لتوجدا لولا الولايات المتحدة".

الطلب، الذي تجاهلته الحكومة المصرية رسميًا، أثار انتقادات حادة داخل مصر، حيث اعتبره مراقبون "ابتزازًا سياسيًا" و"إهانة للسيادة المصرية".

لكن غياب رد رسمي مباشر من القاهرة زاد من الشكوك حول ضعف موقف النظام، خاصة مع تصاعد الضغوط الدولية بعد رفض مصر التورط في خطة أمريكية إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين.

 

مستقبل مظلم في ظل إدارة مرتعشة

في ظل الفشل المتراكم في إدارة ملف القناة، والاعتماد على حلول ترقيعية مثل الخصومات، تتزايد المخاوف من فقدان مصر لمكانتها كممر ملاحي عالمي، خاصة مع بدء بعض الخطوط الملاحية الكبرى في تفضيل الطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح لتفادي التهديدات الأمنية والسياسية.

ومع تصاعد الأزمة الاقتصادية الداخلية، تزداد الحاجة إلى مراجعة جذرية لسياسات تشغيل القناة، وتقييم حقيقي لنتائج مشاريع كالتفريعة التي لم تجنِ سوى المزيد من الديون والشعارات.