مع ارتفاع الأسعار وتراجع الدخول وزيادة التضخم .. الطبقة الوسطى تعيش تحت خط الفقر بزمن السيسى

- ‎فيتقارير

 

مع استمرار ارتفاع الأسعار وتراجع الدخول وتدهور الاقتصاد المصرى فى زمن الانقلاب تزايدت معدلات الفقر بصورة غير مسبوقة حيث بلغ عدد المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر أكثر من 70 مليون مواطن وفق بيانات البنك الدولى .

الأزمة لم تتوقف عند الفئات المعدمة التى لا تجد لقمة العيش بل إن ما يعرف بالطبقة الوسطى "المستورة" لم تعد كذلك فى زمن الانقلاب وأصبح أبناء هذه الطبقة يعانون وانضمت الأغلبية منهم إلى الطبقات الفقيرة وهذا يهدد بمجاعة وانهيار المجتمع بالكامل .

التقرير التالى يناقش مع الخبراء أسباب هذا التدهور فى مستوى المعيشة ومسئولية حكومة الانقلاب عن هذه الأزمة :

 

  ترمومتر الشعوب

من جانبه قال الخبير الاقتصادى الدكتور رشاد عبده ، إن الطبقة الوسطى لها أهمية عظيمة فهى العمود الفقرى للمجتعات الحديثة، ومقياس التقدم والرفاهية يكون عبر تلك الطبقة لأنها الترمومتر الحقيقى للشعوب، مؤكدا أنها طبقة الأمل وتضم كافة أطياف المجتمع وهى من تحدث التنمية فى معظم المجالات ولا تحتاج إلى الخدمات الحكومية فى أشياء كثيرة وتتكفل بمعظم احتياجاتها .

وأضاف«عبده» فى تصريحات صحفية : هذه الطبقة تتحمل تكاليف إضافية، مثال التعليم فهم لا يريدون التعليم الحكومى ويريدون تعليم أولادهم بشكل أفضل فيذهبون إلى المدارس الخاصة، ومن لديه المقدرة الأعلى يرسلهم إلى الخارج، وفى المستشفيات نفس الأمر فهم يحتاجون لخدمة أفضل لذلك يتجهون إلى القطاع الخاص بأموالهم، وبالتالى هذه الطبقة لا تحتاج للخدمات الحكومية وتخفف عن حكومة الانقلاب الكثير.

وتابع: فى الفترة الأخيرة مع غلاء الأسعار ورفع سعر الوقود أصبحت هذه الطبقة أكثر المتضررين من أى طبقة أخرى، لأن أعضاءها يحاربون من أجل أن يعيشوا فى نفس المستوى المعيشى، أو يرتقوا إلى مرتبة أعلى اعتمادا على دخولهم ولا يكلفون حكومة الانقلاب شيئًا، لكن مع الغلاء يصبح الأمر صعبًا على تلك الطبقة وتزداد المتاعب .

وأعرب «عبده» عن أسفه لأنه فى السنوات الأخيرة تآكلت الطبقة الوسطى وجذبت إلى الأسفل ودخل عدد كبير منهم ضمن الطبقات الفقيرة أو محدودى الدخل.

 

 

 التجربة الصينية

وأوضح أن أى دولة تريد أن تتقدم إلى الأمام لا بد لها من الاهتمام بالطبقة المتوسطة وخير مثال لذلك التجربة الصينية التى تهتم بشكل كبير بالطبقة الوسطى وأعطتها امتيازات وخدمات جيدة مما جعل المجتمع متماسكًا بشكل كبير، أما هنا فيحدث العكس حيث ترتفع الأسعار باستمرار مما يجعل الطبقة المتوسطة فى مأزق لأن الدخل الحقيقى لها يتناقص بشكل كبير، مما يجعل هناك ركود فى السلع والخدمات لأنها الأكثر شراءً وطلبًا وتساهم فى التنمية.

وأشار «عبده»  الى أنه من أجل أى تنمية وتطوير حقيقى لا بد من دعم وحماية الطبقة المتوسطة فلا بد من توفير حياة كريمة لتلك الطبقة من أجل استمرار عملية التنمية ودعم الخدمات عبر الجمعيات الفئوية للعمال والموظفين فى كافة القطاعات، وتوفير السلع والخدمات بأسعار مناسبة لهم، وهذا كان يحدث فى الماضى وكان هناك دعم للطبقة المتوسطة .

وأكد أن الحكومات كانت تتعاون مع القطاع الخاص لتخفيض أسعار بعض القطاعات المهمة مثل التعليم عن طريق تخفيض أسعار بعض المدارس والجامعات الخاصة لتخفيف الضغط عن المدارس والجامعات الحكومية بجذب أبناء تلك الطبقة عبر تلك الامتيازات، ففى السابق كانت هناك بعض الرفاهيات للطبقة المتوسطة مثل شراء السيارة وتغييرها بعد مدة الأن أًصبح الأمر صعبًا جدًا على تلك الطبقة سواء شراء سيارة أو تغيير القديم منها، بل يضطر الواحد منها لاستعمالها لسنوات طويلة لأنه لا يوجد بديل بسبب ارتفاع أسعار السيارات بشكل كبير.

وشدد «عبده» على أن هذا أحد نماذج معاناة الطبقة المتوسطة فى ظل الارتفاع الكبير للأسعار، ونفس الأمر يتكرر فى كل المجالات الأخرى مثل توفير الطعام واحتياجات المنزل للأسرة وهى مسألة أساسية، مطالبا بدعم تلك الطبقة لأنها أهم أداة للتطور والتحديث فى المجتمع وهى القائد الأساسى للتنمية ودفع عجلة الإنتاج.

عواقب وخيمة

أكد سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن خط الفقر لأى دولة يكون بأن يحصل المواطن على أقل من 3 دولارات يوميًا، موضحا أن الطبقة الوسطى فى السنوات الأخيرة ومع زيادة التضخم، لجأت إلى إنفاق جزء كبير من دخلها على الطعام لأنه شيء أساسى للجميع ومع ارتفاع اسعار المنتجات الغذائية، لجأ البعض إلى تخفيض الانفاق وبالتالى تقل جودة الطعام مما يخلق مشاكل صحية لدى عدد كبير من المواطنين، خاصة مع انتشار المنتجات الرديئة لرخص ثمنها، وهذه مشكلة صغيرة تواجهها الطبقة المتوسطة ونموذج على معاناتها.

وأوضح «صادق» فى تصريحات صحفية أن الهدف من أى سياسة اقتصادية هو رفاهية المواطن وليس رفاهية الحكومة، لافتا إلى أن حكومة الانقلاب تعلن أرقاما جيدة للمعيشة ولكن على أرض الواقع الوضع مختلف مثل مبدأ»العملية نجحت ولكن المريض توفي» .

وأشار إلى أنه أصبح هناك شبه اختفاء للرفاهيات لمواطنى الطبقة الوسطى فى السنوات الأخيرة، مثل شراء شقة أو عقار جديد أو الذهاب للمصايف مثلما كان يحدث منذ عقود، متسائلا ما هى السياسة الاقتصادية المتبعة وما هى الاجراءات لتحسين حال المواطنين من جانب حكومة الانقلاب؟

وحذر «صادق» من أن تراجع مستوى معيشة الطبقة الوسطى، يؤدى إلى عواقب وخيمة على كافة المستويات، وأهمها ضعف الانتماء للمجتمع وانتشار البغض فيه خاصة أن هذه الطبقة هى صمام أمان المجتمع الذي تجعله فى حالة تماسك وترابط، ولكن مع انحدارها سيصبح الأمر صعبًا على دولة العسكر نفسها لمواجهة التحديات على كافة المستويات، خاصة أن هذه الطبقة أصبحت تبذل الكثير من مدخراتها على الاحتياجات الأساسية والتعليم والصحة وهو دور حكومة الانقلاب ولكن الطبقة الوسطى تتكفل بنفسها فى غياب الدعم الحكومى لها.