مافيا سرقة وتهريب الآثار.. قضاة السيسي وشرطته مشاركون في الجريمة

- ‎فيتقارير

كشفت مصادر إعلامية عن أن جريمة تهريب الآثار بدأت تستشري في أوساط القضاة ووكلاء النيابة، كما هي بين ضباط الشرطة ومديري الأمن وموظفي ومسئولي الجمارك، بعدما كشف مراقبون عن تورط السيسي بنفسه في عملية تهريب آلاف قطع الآثار المصرية للإمارات في واقعة قطع الكهرباء عن مطار القاهرة أثناء تهريبه عدة قطع ليضعها محمد بن زايد بمتحف اللوفر بأبو ظبي.

ففي واقعة جديدة تثبت استشراء الفساد في جموع القضاة والشرطة في عهد السيسي وتورطهم في نهب خيرات مصر وتدمير تراثها، أمر نائب عام الانقلاب برفع الحصانة عن مدير نيابة مدينة نصر أول المستشار أحمد الصاوى، وشقيقه رئيس النيابة بمحكمة النقض محمود الصاوي، و7 ضباط شرطة آخرين؛ لثبوت تورطهم في قضايا تهريب الآثار.

وكانت جهات رقابية قد كشفت عن تورط الصاوى، وشقيقه المستشار محمود الصاوي مع 7 ضباط شرطة بإدارات مختلفة بوزارة الداخلية في قضية فساد كبرى بمؤسسات الدولة، خاصة بالاتجار في تهريب آثار. جاء ذلك بعد تسجيل مكالمات لهما وتصويرهما من قبل الرقابة الإدارية.

وقبل يومين باعت دار “كريستيز” للمزادات بلندن رأس توت عنخ آمون لأعلى سعر، ووصلت القطعة في ظل حالة التكتم والصمت التي لاذ بها الانقلابيون إما لتورطهم أو لكسر عيونهم بعمليات تهريب الآثار لـ”كريستيز”، أكبر دار مزادات في العالم، إلى ما يزيد على 4 ملايين و400 ألف جنيه إسترليني.. تقريبا 100 مليون جنيه مصري.

وليست تلك هي القطعة الأثرية الأولى التي تُسرق وتصل ليد “كرسيتيز”، ففي 19 أبريل ٢٠١٨، أقيم مزاد علنى على عدة قطع لآثار مصرية بمعرض “كريستيز” بنيويورك، ولم تحرك قيادات الانقلاب أي ساكن.

وقال د. حسين دقيل، الباحث المتخصص في الآثار: إنه تم اكتشاف مقابر كاملة بالمنيا عن طريق أعمال تنقيب غير شرعية بمساعدة أفراد من الأجهزة الأمنية.

ووفق تقارير وزارة الداخلية، أكدت أن هناك 500 قضية في 2017، منها 200 قضية بها آثار فعلية، وأن 300 قطعة أثرية و900 قطعة ذهبية تم تمريرها خارج مصر بمعرفة موظفي الجمارك، وهذا بخلاف مئات القطع التي تخرج دون إحصاء، وعمليات التنقيب غير الشرعية التي تتم بواسطة الأهالي.

وأوضح أنه في الفترات الأخيرة وُجدت مدينة بالمنيا أو مقابر كاملة وأهرام جديدة، ليس من بعثات شرعية أو بعثات غربية، بل من تنقيب الأهالي، لكنه استدرك قائلا: “لا يستطيع الأهالي المراهنة على ذلك دون وجود ظهر آمن لهم يحميهم من القبض عليهم، في إشارة إلى المسئولين الأمنيين في شتى الأماكن”.

علي بابا والأربعين

واعتبر الدكتور أمير بسام، النائب البرلماني السابق، عبر صفحته على موقع فيسبوك، أن العسكر متخصصون في سرقة الآثار، وقال: “لم يكن علي بابا يستطيع أن يقوم بالسرقة منفردا لولا مساعدة أربعين حرامي، ويمكننا تغيير عنوان القصة الآن لتصبح “علي بابا والمجلس العسكري”.

وأضاف أن هذه العصابة تخصصت الآن في سرقة الآثار، سابقا كانت تسرق الأرز وقبلها سرقت 15 مليار دولار من وديعة البنك المركزي، هذه السرقات يخططون لها مجتمعين وبحرفية شديدة. ولكن لكل واحد منهم سبوبة خاصة به قطعًا، ولكن في حدود.

وتابع “ولديهم قانون خاص بهم يعاقبون به من يتجاوز حدوده في السرقة ولا يقسم معهم، حيث يحبسونه في “فندق” وعلشان لا يشعر بالوحدة فإنهم يحبسونه هو وزوجته”.

علي بابا والمجلس العسكري عصابة تعمل في مصر منذ أكثر من ستين عاما, كان أول نشاطاتها في السرقة هو سرقة مجوهرات أسرة محمد علي التي لا تقدر بثمن, وليس آخرها سرقة الآثار التي لا تقدر بثمن أيضا.

تحقيق ميت رهينة

وفي تحقيق أعده الصحفي محمد طاهر أبو شعيشع‏ لـ”الأخبار المسائي”، كشف فيه عن اختفاء 36 قطعة من كشوف الحصر، وفقدان مئات القطع من المخزن الجديد بميت رهينة، وأن لصوص لوحة الزيوت السبعة يختبئون خلف “الشمع الأحمر”، وأن “فرم الملفات” أحدث وسيلة لإخفاء جرائم تهريب الآثار.

وكشف عن أن التلاعب في سرقة الآثار لم يقتصر على تقليد وتهريب القطع الأثرية الأصلية واستبدالها بنسخ مقلدة، وإنما وصل لما هو أكبر من ذلك من خلال مفرمة الملفات “الملغومة”، والتي إما أنها تدين أشخاصًا أو بهدف إخفاء معالم جريمة من الجرائم، وذلك بإتلاف أوراق القطع المسروقة من سجلات المخزن.

برعاية العسكر

وفي دراسة لموقع الشارع السياسي بعنوان “مافيا تهريب الآثار المصرية.. نهب متواصل برعاية العسكر”، قالت إن أوساطًا موالية للسلطة القائمة قدرت حجم عمليات تهريب الآثار المصرية بحوالي “20” مليار دولار، ما يساوي “360” مليار جنيه سنويًا، وثمة 3 طرق معروفة جيدًا في عملية سرقة الآثار، أولها عصابات المافيا التي تحفر أسفل مخازن الآثار، وتصل إليها وتسرق ما تشاء، دون أن يشعر بها أحد، إلا في أقرب عملية جرد للمخزن، والطريقة الثانية الاتفاق مع القائمين على حراسة الآثار أو المسئولين الكبار، بحيث يصلون إليها بنفس طريقة الحفر، حتى يكون هناك مبرر قانوني لهؤلاء فيما بعد، والطريقة الثالثة عن طريق مسئولي المتابعة والرقابة وحتى أعلى المسئولين مقامًا الذين طالتهم حمى الفساد، كما الحال في أي أنظمة شمولية بالوطن العربي.

وكشفت الدراسة أنه بعد الانقلاب تفجرت عدة حوادث لتهريب الآثار، تكشف عمق الأزمة والنفوذ الواسع الذي تتمتع به مافيا تهريب الآثار المصرية، وتورط مسئولين كبار في نظام العسكر في نهب كنوز مصر.

الأولى، عندما فجَّر بيان منسوب للمركز الإعلامي بوزارة الآثار المصرية مفاجأة كبرى، بإعلانه اختفاء 33 ألف قطعة أثرية، خلال عملية جرد قامت بها الوزارة بشكل ذاتي، لبحث حالة المخازن وما طرأ عليها خلال الـ50 عامًا الماضية، وشكل عدد الآثار المختفية صدمة كبرى.

الثانية، في مارس 2018 فوجئ المصريون بإعلان الإدارة الكويتية العامة للجمارك عن ضبط غطاء تابوت فرعوني بعد تهريبه داخل قطعة أثاث (كنبة) عبر مطار القاهرة، وتبين من التحقيقات في القضية رقم 3545 لسنة 2018 عقب تفريغ كاميرات المراقبة الموجودة في المطار لمعرفة خط سير الكنبة وكيفية خروجها من المطار، أن أمين الشرطة العامل على جهاز الماسح الضوئي الذي مرت قطعة الأثاث وبداخلها الأثر، كان يتحدث في التليفون ووجهه في الاتجاه الآخر بعيدا عن الجهاز حتى مرورها.

الثالثة عندما فجرت صحيفة إيمولاأوجي imolaoggi الإيطالية في مايو 2018م فضيحة مدوية، بعثور شرطة نابولي في مارس من العام ذاته على “23,700” قطعة أثرية مهربة بينها “118” أثرا مصريا، في حاويات دبلوماسية مصرية قادمة من ميناء الإسكندرية إلى ميناء ساليرنو جنوبي إيطاليا.

اتهامات التايمز

لكن صحيفة “التايمز” البريطانية، اتهمت في تقرير لها نشرته في سبتمبر 2017 ضباطا نافذين بالجيش المصري بالتورط في تجارة الآثار وتهريبها، ونقلت مراسلة الموقع في القاهرة بيل تروي عن أحد تجار الآثار تأكيده أن بعض أفراد الأمن المصري، بالإضافة إلى مجندين وضباط من الجيش، يقومون بمساعدة تجار الآثار على تهريب القطع الأثرية مقابل عمولة تصل إلى 10 آلاف دولار عن القطعة الواحدة.

وفي تقرير صحفي آخر قال إنه بعد 30 يونيو 2013 وسيطرة الجيش بقيادة وزير الدفاع آنذاك الفريق أول عبد الفتاح السيسي على مقاليد الحكم، أصبح للقوات المسلحة نفوذ واسع داخل المنافذ الجوية والبحرية والبرية لمصر، إذ يكفي أن يقوم ضابط من رتبة كبيرة بإحضار ما يفيد بأن شحنة ما، سواء واردة أو صادرة، تابعة للقوات المسلحة، حتى يتجاوز رجال الجمارك عن تفتيشها، وبهذه الطريقة يمكن لأي شخص تهريب أي شيء، سواء من داخل مصر إلى خارجها أو العكس”.

الصهاينة والإمارات

وخلصت دراسة “الشارع السياسي” إلى أن الكيان الصهيوني والإمارات وفرنسا من أكثر الدول نهبا لثروات مصر وكنوزها الأثرية، فالإمارات تعرض آلاف الآثار المصرية في متحف لوفر “أبو ظبي”، أما متحف اللوفر في باريس فيعرض حوالي 100 ألف قطعة أثرية، وفي بريطانيا تم عمل مزاد لأحد الآثار المصرية المنهوبة، ما سبب إحراجا لنظام العسكر الذي يقف عاجزا عن حماية ثروات مصر- فضلا عن تورط جنرالات كبار في تهريبها- أمام هذه الانحرافات الإجرامية المتكررة.