“يعمل إيه التعليم في وطن ضايع”؟ .. 25 % من تلاميذ المدارس الحكومية مصابون بأمراض نفسية!

- ‎فيتقارير

يبدو أن السيسي، نفذ مقولته الشهيرة "يعمل إيه التعليم في وطن ضائع؟" فأهمل التعليم  الحكومي وجعل طلابه يشعرون بأنهم درجة عاشرة، بعد ما أهدر مئات المليارات على مشاريعه الفاشلة على حساب ميزانية التعليم الحكومي، فتسبب في  انهيار المنظومة التعليمية، حيث تحولت المدارس إلى كابوس مزعج للتلاميذ خاصة في المرحلة الابتدائية، حيث يصاب هؤلاء بأمراض نفسية وعضوية نتيجة الإهمال وعدم وجود خطط واستراتيجيات ومناخ ملائم للعملية التربوية والتعليمية. 

في هذا السياق كشفت إحصاءات رسمية أن أكثر من 25 % من تلاميذ المدارس الحكومية يعانون أمراضا نفسية، كما يعانون من الوسواس القهري، ولهذا السبب اضطرت وزارة التربية والتعليم بحكومة الانقلاب إلى الإعلان عن مبادرة للكشف على الطلاب في مجال الصحة النفسية. 

وزعم رضا حجازي وزير تعليم الانقلاب أن الوزارة تسعى لزيادة الوعي بالأمراض النفسية لدى المعلمين والأخصائيين النفسيين وتحسين الصحة النفسية للطلاب . 

وحمل حجازي الأسرة المسئولية عن تشكيل وعي الطفل بأن يكون له رأي داخل الأسرة، حتى يكون لديه وعي للتعامل مع الآخرين، في التعليم ومع المجتمع وفق تعبيره. 

 

كابوس مزعج 

من جانبها أكدت الدكتورة هبة العيسوي، أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس أن المدارس تحولت إلى كابوس مزعج للأهل والأبناء، ولذلك يكرهها الطفل نتيجة وجود أزمات ومشكلات  مع الأشخاص المحيطين به، سواء معلمين أو زملاء، وبالتالي يشعر الأهل بالضيق والضغط عند رؤية أبنائهم يعانون من أزمة عند الاستيقاظ للذهاب إلى المدرسة يوميا.  

وكشفت د. هبة في تصريحات صحفية أن مدارسنا أصبحت تشهد مجموعات يترأسها شخص سيكوباتي قوي ذو سطوة وتبلد بالمشاعر وتضخم بالذات يصفونه بـالمتنمر، يقرر إطلاق السخرية والتهكم على زميل آخر وهو الضحية يتسم بالخجل وافتقاد المهارات الاجتماعية والانطواء. 

وقالت: إن "الضحية تُصاب بعدة مشكلات صحية، كآلام البطن والقيء والأرق والكوابيس والتبول اللاإرادي والتأتأة، ويرفض الذهاب للمدرسة فيتدهور مستواه الدراسي، نتيحة تعرضه للتنمر وسوء حالته النفسية، في حين تعتقد بعض الأمهات والأطباء أن الأمر مجرد نزلة معوية وما عداها من المشكلات البدنية، إلا أن الأدوية في هذه الحالات لا تؤتي ثمارها". 

وأوضحت د. هبة أن الأمر لا يقتصر على المشكلات البدنية، بل يصل إلى الآثار النفسية طويلة الأمد، مثل الرهاب الاجتماعي، أي عدم القدرة على التحدث وسط المجموعات أو التحدث بصوت مرتفع، لأن الضحية يعود بعقله للمواقف التي تعرض خلالها للتنمر في طفولته، وبالتالي يشعر بالخجل من التعرض لنفس المشكلة، وقد يتحول الضحية بعد سنوات إلى شخصية متنمرة ويتحول الأمر لدوائر مغلقة من التنمر تسبب خللا في المجتمع. 

 

فوبيا المدرسة 

وحذرت من أن الطفل قد يُصاب بفوبيا المدرسة "Didaskaleinophobia"، وتظهر الأعراض من خلال بكاء وصراخ ونوبة قلق حاد وإدعاء المرض للتغيب عن الحضور وحالة فزع كاملة عند التفكير في دخول هذا المكان وجفاف الفم وزيادة ضربات القلب والتعرق الشديد وعدم القدرة على التنفس والغثيان، وفي بعض الأحيان يبدأ البكاء من الليلة السابقة، خاصة الأطفال في عمر 4: 6 سنوات. 

وأشارت د. هبة إلى أن إصابة الأطفال في السنوات الأولى بفوبيا المدرسة ترجع الى التواجد في بيئة مدرسية غير آمنة أو التعرض للتنمر أو القلق المفرط من عدم رؤية الأم والأشخاص المحببين، أو الانتقال إلى مدرسة جديدة يرفضها الطالب أو الخوف من بعض العقبات في الطريق أو التعرض لموقف سلبي وصادم مثل طلاق الوالدين أو الوفاة وغيرها. 

وأضافت، ربما يعاني الأطفال في المرحلة الإعدادية (13: 14 سنة) من فوبيا المدرسة أيضا، ففي هذه الفترة تتسبب المدرسة أحيانا في وصول مشاعر سلبية للطفل، ويبدأ الطلاب في التعامل مع صعوبة المناهج المختلفة كالرياضيات والعلوم، وفي الوقت نفسه تبدأ التغيرات المرتبطة بمرحلة المراهقة، ويصعب ضبط الهرمونات في هذا الوقت. 

وأوضحت د. هبة ، أن الأم عليها أخذ الطفل في رحلة إلى المدرسة قبل بدء العام الدراسي، فعلى سبيل المثال، عندما تتوجه الأم إلى دفع المصاريف أو شراء الزي المدرسي وغيره يجب أن تترك الصغير يلعب في حديقة المدرسة لكسر حاجز الرهبة داخله، والتحدث مع زملاء الفصل في الهاتف خلال فترة الإجازة الصيفية، فالطفل يأمن ما يألفه، وبالتالي لا يشعر الأطفال بخوف وضيق من الذهاب إلى المدرسة، مشددة على ضرورة اصطحاب الأبوين لأطفالهم في اليوم الأول دون الانتظار على الأبواب. 

وطالبت المعلمين بعدم البدء في المناهج الدراسية قبل خلق مناخ تفاعلي بين الأطفال وزملائهم، وفتح باب الحديث عن كيفية قضائهم الإجازة الصيفية، مؤكدة أن الطفل عندما يتحدث بصوت عال ويستمع إلى نفسه، يزداد لديه تقدير الذات، ويشعر بقيمة المدرسة، كما يتفاعل مع حكايات زملائه.  

وشددت د. هبة على ضرورة أن تعمل المدارس على تنظيم رحلات ترفيهية في بداية العام الدراسي، لزيادة المهارات الاجتماعية والتفاعل بين المعلمين والزملاء، والتخلص من مشاعر الرهبة عند الصغار، وبالتالي تزداد قدرتهم على التفاعل والاستيعاب. 

 

العلاقات الأسرية 

وقال استشاري الطب النفسي الدكتور جمال فرويز المدرس بكلية طب جامعة عين شمس: إن "تفكك العلاقات الأسرية هي السبب الأساسي في إصابة الأطفال بالأمراض النفسية، موضحا أن الأبناء يتأثرون بعلاقة الأم والأب معا سواء كانت إيجابية أو سلبية لأن الخلافات الأسرية تؤثر بالسلب على الصحة النفسية للأطفال". 

وكشف فرويز في تصريحات صحفية أن التنمر بين الأطفال يؤثر على الحالة النفسية لهم، ويصيبهم بأمراض نفسية مشددا على ضرورة التعامل مع هذه الحالات والتدخل فيها مبكرا للتخفيف من وجودها وتسهيل علاجها وتخفيف حدتها، لأنه كلما تم إهمالها كلما زادت الأمور بطريقة سيئة مما يؤثر مستقبليا على الطلاب. 

 وطالب بضرورة الاهتمام بأن يكون الطلاب وكذلك الآباء جزء من العلاج، لأنه يجب الاهتمام بالطرفين ، لكن مبدئيا يجب أن نهتم بتشخيص الأطفال، وبعد ذلك يتم التعامل مع كل حالة بناء على حدتها وبشكل مستقل، مشيرا إلى ضرورة الكشف عن حالة الطلاب ممن لديهم مشاكل ثم التعامل معهم  كلا على حدة في العلاج. 

وأوضح فرويز أن مشاركة الآباء يتطلب وجود الوعي، لأنه كلما زاد الوعي بالمرض النفسي وأعراضه يساعد ذلك في حل المشاكل النفسية بشكل أسرع. 

 

الأخصائي الاجتماعي  

وقال الدكتور إبراهيم عز الدين عميد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية ٦ أكتوبر الأسبق: إن "طلاب المدارس والأطفال هم البنية الأساسية لأي مجتمع، لأن التنشئة السليمة تساعد على الخروج بقادة للمجتمع أصحاء أسوياء، وبذلك  يستطيعون أن يقودوا المجتمع نحو التطور". 

وطالب عز الدين في تصريحات صحفية بضرورة تدريب الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين لتنمية قدراتهم ومهاراتهم، وأن تكون برامج التدريب وفق معايير أكاديمية وعلمية وتدريبية عالية المستوى، مما ينعكس على الأخصائيين في تنمية مهاراتهم في التعامل مع المشكلات،  حيث توجد مستجدات لأي مشكلة نفسية واجتماعية مثل أحداث التواصل الإجتماعي كل يوم بها تطور ومستجدات، وبالتالي تنعكس على الطلاب وتسبب لهم مشاكل، لذلك عندما يكون الأخصائي الاجتماعي والنفسي ملما بالمستجدات الموجودة في المجتمع يستطيع التعامل مع كافة المشكلات بمختلف أنواعها،  مما ينعكس بالإيجاب على الطلاب وحل مشكلاتهم وكيفية التعامل معها  . 

وشدد على ضرورة متابعة الطلاب بدءا من المرحلة الابتدائية حتى مرحلة الثانوية العامة لإنها تضم مراحل عمرية أخطر بين الطلاب وهي مرحلة المراهقة، حيث إن مشاكلها كثيرة وعادة الأسرة لا تستطيع التعامل مع مشاكل المراهقة لأنها تحتاج إلى متخصصين .