الاعتقالات مستمرة.. وقرار السيسي بالإفراج عن سجناء شو إعلامي

- ‎فيتقارير

في الوقت الذي تواصل فيه ميليشيات العسكر اعتقال المصريين الأحرار وإخفاء الآلاف قسريًّا في انتهاكات صريحة للقانون والدستور يعلن زعيم العصابة عبد الفتاح السيسي عن العفو عن 351 سجينًا في سياق الشو الإعلامي الذي اعتاد عليه جنرال الانقلاب بمناسبة وغير مناسبة.

ويؤكد سياسيون وحقوقيون أن عفو السيسي مجرد شو إعلام للظهور بمظهر بعيد عن القتل والقمع، خاصة أمام الخارج والمنظمات الحقوقية الدولية.

وأكدوا أن هذا العفو قد يكون في سياق الرد على تقرير منظمة “هيومن رايتس”؛ الذي فضح جرائم السيسي المتواصلة.

كانت وزارة داخلية الانقلاب قد قالت – في بيان لها – إن الإفراج يأتي تنفيذًا لقرار قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي الصادر بشأن الإفراج بالعفو عن باقي مدة العقوبة بالنسبة لبعض المحكوم عليهم.

وأشارت إلى أن أعمال اللجان انتهت إلى انطباق القرار على 85 سجينًا ممن يستحقون الإفراج عنهم بالعفو.

وأضافت داخلية الانقلاب أن اللجنة العليا للعفو باشرت بفحص حالات مستحقي الإفراج الشرطي لبعض المحكوم عليهم، وانتهت أعمالها إلى الإفراج المشروط عن 266 سجينًا.

ولم يوضح البيان ما إن كانت قائمة المُفرج عنهم تضم مسجونين على خلفية سياسية وفقًا لوكالة “الأناضول”.

من جانبها كشفت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا عن فضائح الاعتقالات التي يمارسها نظام السيسي وقالت إنه منذ الثالث من يوليو 2013م تشن سلطات السيسي حملة اعتقالات واسعة طالت العديد من المعارضين للانقلاب العسكري وشملت الاعتقالات كافة شرائح المجتمع المصري، ووفق أدق التقديرات فإن عدد حالات الاعتقال وصلت إلى أكثر من 60 ألف معتقل حتى الآن، مشيرة إلى أن حملات الاعتقال مستمرة لا تنقطع ولا تتوقف.

كسر شوكة المعارضة

وأوضحت المنظمة أنه في ظل تصاعد الاعتقالات وإصرار السلطات على كسر شوكة الإحتجاج تنوعت أشكال الاعتقال فشملت مداهمة المنازل أو مكان العمل أو المؤسسات التعليمية، لكن العدد الأكبر من المعتقلين ألقي القبض عليهم أثناء الاعتداء على المظاهرات والإعتصامات، وصلت ذروة الاعتقالات أوجها في منتصف شهر اغسطس 2013 عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة؛ حيث بلغ عدد المعتقلين 9823 مواطنا على الأقل منهم من فقدت آثاره ولم يعرف مصيره حتى اللحظة.

وأضافت الاعتقالات طالت شرائح مجتمعية مختلفة لم تميز بين القصر والبالغين أو الرجال والنساء، فوقع الجميع ضحية للاحتجاز التعسفي، فتم اعتقال أكثر من 522 سيدة و926 قاصرا على الأقل، وكانت أكثر الشرائح تضررًا الطلاب؛ حيث تم اعتقال 3686 طالبًا من خلال اقتحام قوات الأمن حرم الجامعات، وعادة ما يواجه الطلاب محاكمات سريعة لتصدُر عليهم أحكام بالغة القسوة مما يهدد مستقبلهم بشكل كامل.

وتابعت: لم يسلم الأطباء الذين اقتصر دورهم على القيام بأدوار إنسانية خالصة في إسعاف المصابين جراء اعتداء الأمن على الفعاليات المعارضة للسلطة، فتمت ملاحقتهم وتلفيق القضايا.

واشارت إلى أنه سعيا من السلطات الانقلابية لوأد الحقيقة ومنع نقل حقيقة ما يجري من انتهاكات جسيمة بحق المواطنين تم استهداف الصحفيين واعتقال عدد كبير منهم؛ حيث وصل عدد الصحفيين الذين اعتقلوا إلى 166 على الأقل، وتم إغلاق العديد من القنوات الفضائية والصحف دون مبرر قانوني.

وتابعت المنظمة أنه في إهدار لحق المعتقلين في محاكمات عادلة وتحقيقات نزيهة تم اعتقال عدد كبير من المحامين الذين تولوا الدفاع عن المعتقلين على ذمة قضايا معارضة السلطات وذلك لإرهابهم ومنعهم من القيام بواجبهم بالدفاع عن موكليهم بشكل مستقل ليصل عدد المحامين المعتقلين والملاحقين أمنيا إلى 234 محاميًا على الأقل.

الإخفاء القسري

وحول الاختطاف والاخفاء القسري قال حقوقي يتابع قضايا المختفين قسريًا: إن “الجميع يعلم أنّ عمليات الاختطاف من الشارع يقف خلفها مباشرة جهاز الأمن الوطني، إلا أنها ليست بحجم اقتحام منزل”، مضيفا أن “هذا الأسلوب في الاختطاف ليس جديدا، ولكن كان متبعا في القبض على العناصر الخطرة التي تمارس العنف، ولا تتواجد في منازلها، وبالتالي يتم نصب كمين عند أقارب هذه العناصر للقبض عليهم. ولكن التوسّع في استخدام هذا الأسلوب في القبض على المعارضة تحوّل خطير”.

وأوضح الحقوقي أن “تقديم البلاغات في حالات الاختطاف من الشارع، لن تكون سوى بلاغات اختفاء عادية، بخلاف القبض على الشخص من منزله فجرا، إذ يتأكّد وجوده بهذه الحالة لدى الأجهزة الأمنية، وأنها هي المسئولة عن اعتقاله. وذلك على عكس الاختطاف من الشارع، إذ إن الأمر في هذه الحالة سيكون مختلفا، بحيث لا يمكن اتهام الأمن رسميا بالوقوف وراء الاعتقال والاختفاء القسري”، مشيرا إلى أن “في حالة الاختطاف من الشارع سيكون هناك مبرر لدى الأجهزة الأمنية لإنكار وجود الشخص المختطف لديها تحت دعاوى الاختفاء الطبيعي لشخص ما أو الادعاء بهروبه إلى خارج مصر، وهو ما يخفف من الضغط عن الأجهزة، لا سيما بعد التقارير العديدة التي تحدثت عن توسع الأجهزة المصرية في عمليات الاختفاء القسري”.

لواء النظام

ويرى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن النظام يرغب وبشدة في منع وجود أي هامش للمعارضة أو الاختلاف وأنه لن يقبل من أي فرد المجتمع المصري إلا أن ينضوي بالكامل تحت لواء النظام ويوافق على كل سياساته وإلا فعليه أن ينتظر الاتهام إما بأنه عضو في الإخوان أو أنه يتعاون مع منظمة إرهابية”.

وقال نافعة: ان النظام لم يعد يحتمل أدنى قدر من الاختلاف وليس أمام أحد إلا الاصطفاف خلف السيسي وأن يكون كل المجتمع المصري على قلب رجل واحد، فالقضية هي أن النظام لا يريد أبدًا وجود مجال عام وليس هناك إلا مبدأ: إما معنا أو ضدنا”.

جماعة إرهابية

يقول زياد العليمي، المحامي والحقوقي: إن كل التحقيقات التي جرت مؤخرًا مع سياسيين أو نشطاء من القوى المدنية وجهت لهم تهم الانضمام لجماعة إرهابية والترويج لأفكارها، لكن في ملفات التحقيقات لا توجد أي إشارة لاسم هذه الجماعة ولا ماهيتها ولا وسيلتها لهذا الإرهاب أو أدواتها وهل اسمها مدرج في قوائم التنظيمات الإرهابية أم لا “وهناك أشخاص في السجون لعام وأكثر متهمين بالانضمام لجماعة إرهابية ولا يعلم أحد ما اسم هذه الجماعة “.

يضيف العليمي أن الحقوقيين يخشون كثيرًا من فقدان المواطن المصري للثقة في أدوات العدالة ففي هذه اللحظة سيبدأ الناس في الحصول على حقوقهم بأنفسهم وهذا هو الخطر الحقيقي على الدولة وقد يسبب انهيارها “ويمكننا أن نلاحظ بسهولة بوادر هذا الأمر من ازدياد معدلات العنف في الشارع وارتفاع معدلات الجريمة”.

وتابع قائلا: إن وجود قمع هائل وأساليب غير قانونية في التعامل مع الناس سيدفعهم في وقت ما إلى الانفجار، فحالة مثل احتجاز زوجة وطفلين لشخص يريد الأمن القبض عليه بهدف الضغط عليه لتسليم نفسه أمر خارج عن كل الأعراف والقوانين تمامًا وبالتالي كسر قواعد القانون يمثل خطرًا شديدًا على ثقة المصريين في العدالة كما أن أوضاع السجون تبعث على الفزع فهناك الكثير من الشباب الذي اعتقل خلال عمليات القبض العشوائي ونتيجة لتواصلهم مع الإرهابيين والدواعش في السجون تحولوا بدورهم إلى دواعش، فما الرسالة التي يرسلها النظام إلى الناس وكيف يتوقع أن يستمر في هذا المسلك دون حدوث انفجار شعبي؟”.