بين دستور الثورة وترقيعات الانقلاب.. لماذا منع العسكر بث الجلسات؟

- ‎فيتقارير

بمناقشات صورية جرت بين أصحاب رأي واحد في تأكيد أن النظام لا يسمع إلا نفسه؛ بدأ برلمان الأجهزة الأمنية أمس الأربعاء 20 مارس 2019م، ما تسمى بالحوارات المجتعية حول “ترقيعات” دستور2014م؛ فلم يسمع سوى صوت الأنصار والمصفقين والطبالين على طول الخط؛ فالبرلمان نفسه لا يعبر عن الشعب إنما تم انتقاء نوابه عبر فرازة الأجهزة الأمنية.

أما باقي المؤسسات فكلها يهمين عليها التيار “الدولجي” ومعظمه علمانيون موالون للعسكر من جامعات ونقابات ومحاكم ومؤسسات إعلامية؛ أما المؤسسة الدينية، سواء الأزهر أو الكنيسة؛ فالأول يدعم هذه الحوارات الصورية بعد صفقة مع النظام تقوم على عدم المس بالمواد الخاصة باستقلالية المشيخة مقابل دعم هذه التعديلات وذلك برعاية إماراتية جرت الشهر الماضي. أما الكنيسة فإنها تدعم النظام العسكرى على طول الخط وتساند توجهاته الاستبدادية القمعية ووأده لأي تجربة ديمقراطية باعتبار ذلك كفيل بعودة التيار الإسلامي محمولا على ثقة ملايين الجماهير.

وتحدث أمس كل من مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى للإعلام، وكرم جبر، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، وعبدالمحسن سلامة رئيس مجلس إدارة الأهرام، والصحفي الرياضي إبراهيم حجازى، وسعد سليم رئيس مجلس إدارة دار التحرير «الجمهورية»، ونشأت الديهي، وعبدالرحيم علي، رئيس مجلس إدارة البوابة نيوز، وعبد الرازق توفيق رئيس تحرير الجمهورية، وخالد صلاح رئيس مجلس إدارة وتحرير اليوم السابع، بالإضافة إلى وجدى زين الدين، رئيس تحرير الوفد؛ وكلهم من الأبواق الإعلامية الموالية للانقلاب العسكري.

وكذلك شارك الدكتور عبدالمنعم فؤاد، ممثل الأزهر الشريف، والأنبا بولا ممثل الكنيسة، والمستشار منصف نجيب سليمان المستشار القانوني للكنيسة القبطية الأرثوذكسية؛ وكلهم بصموا موافقين على هذه الترقيعات المشبوهة.

كما شارك الدكتور صلاح الدين فوزى أستاذ القانون الدستورى، والدكتور صبري السنوسي عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة، معلنين دعمهم المطلق لهذه الترقيعات.

كما اقتصرت دعوات ما يسمى بـ “الحوار المجتمعي” على أحزاب مستقبل وطن، والمصريين الأحرار، والوفد الجديد، وحماة الوطن، والمؤتمر، والحرية، والشعب الجمهوري، والسلام الديمقراطي، ومصر الحديثة، وغيرها من الأحزاب الصغيرة الموالية للنظام، مع استبعاد كافة الأحزاب التي تتخذ موقفا مناوئاً من التعديلات، وفي مقدمتها الدستور، والتحالف الشعبي، وتيار الكرامة، ومصر القوية، والمحافظين، والإصلاح والتنمية.

وحسب مصادر مطلعة في اللجنة التشريعية، فإن هيئة مكتب اللجنة حددت تسع شخصيات مؤيدة للتعديلات الدستورية، لحضور جميع جلسات الحوار المجتمعي، وهي: “وزير الشؤون النيابية السابق مجدي العجاتي، والعضو السابق في لجنة وضع الدستور صلاح فوزي، ورئيس مكتبة الإسكندرية مصطفى الفقي، ومساعد وزير العدل محمد عيد محجوب”. وضمت القائمة أيضاً كلاً من “أستاذ القانون الدستوري السابق بجامعة القاهرة إبراهيم درويش، ونائب رئيس المحكمة الدستورية السابق محمد الشناوي، واﻷمين العام السابق لمجلس الشورى فرج الدري، ووكيل كلية الحقوق بجامعة القاهرة رجب محمود طاجن، ورئيسة لجنة الشؤون التشريعية في مجلس الشعب السابق فوزية عبد الستار”.

منع بث الجلسات!

وربما لهذه الأسباب تم منع بث جلسات هذه الحوارات الصورية التي تتم في الخفاء بعيدا عن عيون الشعب وأسماعه والذي تم تهميشه عمدا منذ انقلاب 30 يونيو 2013م. وكان أنور عصمت السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية (ابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات ) قد دعا إلى بث مناقشات البرلمان حول التعديلات الدستورية على الهواء مباشرة إعمالا بمبدأ الشفافية والعلنية حتى يتسنى للمواطن معرفة أكبر وأوسع بما سيصوت عليه فى الاستفتاء حول التعديلات. كما دعا السادات في عدة تغريدات بحسابه على تويتر إلى السماح لرافضي التعديلات بإبداء آرائهم والقيام بأنشطتهم وفاعليتهم شأنهم شأن المؤيدين فى إطار من الديمقراطية. وأضاف السادات أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر لا تتطلب إعادة مجلس الشيوخ ( الشورى سابقا ) كغرفة ثانية مُكمّلة لمجلس النواب بتكلفة سوف تصل إلى 800 مليون جنيه سنويا، معتبرا ذلك إن حدث إهدارا للمال العام.

لكن النظام منع بث الجلسات الصورية التي بدأت أمس؛ في تأكيد على ما نشرته صحف مستقلة نقلا عن مصادر باللجنة التشريعية أنه لن يتم بث هذه الجلسات على الهواء وأن الجلسة التي جرت أمس لم يشارك فيها سوى الصحافيين المعتمدين لدى مجلس النواب، والإعلاميين الحاصلين على تصريح مسبق من إدارة الأمن في المجلس.

وكان رئيس المجلس علي عبدالعال قد رفض مطالب بعض النواب ببث الجلسات على الهواء مباشرة، تحت ذريعة تحقق مبدأ العلانية بحضور الصحافيين الممثلين للصحف المعتمدة، مبيناً أن رئيس المجلس أصدر تعليمات لضباط وأفراد الأمن بمنع تصوير مقاطع الفيديو من قبل الصحافيين، لعدم إحداث حالة من “البلبلة” لدى الرأي العام حال نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.

أين أجواء دستور الثورة؟

ويقارن البعض بين هذه الجريمة التي يراد تمريرها تحت رعاية وإشراف أجهزة السيسي الأمنية وقمع وحشي للشعب بكل فصائله وتياراته الحية؛ وبين ما جرى مع دستور الثورة في 2012م أيام الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي؛ حيث شاركت جميع فئات الشعب ومؤسساته المنتخبه بينما تم إقصاء التيار الإسلامي وهو الفصيل الشعبي الأأكبر في مصر وكذلك جميع الأحزاب العلمانية التي تعارض هذه الترقيعات.

كما تم بث جميع جلسات دستور 2012م على الهواء مباشرة وسط مشاركة شعبية وحزبية واسعة من الجميع كما شاركت النقابات المنتخبة بنزاهة وكذلك مؤسسات القضاء والجيش والإعلام والشرطة وغيرها.

وبعكس ما يتم حاليا من تمرير هذه التعديلات عبر نواب برلمان مختارين من الأمن وكذلك مؤسسات معينة من النظام فإن دستور الثورة تم انتخابات جمعيته التأسيسية عبر البرلمان المنتخب من الشعب بعد ثورة يناير2011م.

ودستور مصر 2012 صاغته اللجنة التأسيسية في الأشهر المؤدية لديسمبر 2012، وطرحتها للاستفتاء، وأعلنت اللجنة المشرفة على الاستفتاء في 25 ديسمبر 2012، موافقة المصريين على مشروع الدستور بنسبة 63.8% ومعارضة 36.2، ولم يستمر دستور الشعب سوى 6 شهور فقط حتى انقلب عليه العسكر وأركان الدولة العميقة، كما تم الانقلاب على الرئيس المنتخب بعد سنة من انتخابه، وكذلل تم حل برلمان الثورة المنتخب بعد 6 شهور فقط من انتخابه في تأكيد على أنه لا يستمر إلا المؤسسات التي تشرف المؤسسة العسكرية والأمنية على تشكيلها بعيدًا عن الشعب.