جنوب سيناء خارج السيطرة.. مغادرة السائحين الصهاينة وعلاقته بهجوم عيون موسى

- ‎فيتقارير

في وقت يقع شمال سيناء خارج التغطية، يعيش الجنوب هذه الأيام خارج السيطرة، كالشمال الذي يعاني من تهجير سكانه، سواء من أهله من البدو أو من الضفة المصرية عموما، فضلا عن دمار الحياة والقتل على الهوية وإسقاط تنمية سيناء من القاموس، بدأ يتسرب واقع الشمال والعريش إلى جنوب سيناء شيئا فشيئا،فالخراب والديون المتراكمة على الفنادق والمنتجعات السياحية وانخفاض عدد العاملين في مجال السياحة وهروب فرص الاستثمار، وفي هذه الأجواء يجد السائح الصهيوني فرصته في قضاء أمتع الأوقات بحماية السيسي وبأرخص الأسعار.

ورغم مرور نحو 13 يوما على هجوم عيون موسى ومقتل “إرهابيين” بحسب وصف داخلية الانقلاب، إلا أن الصهاينة بدأوا اليوم يستشعرون من خلال أجهزتهم الأمنية والاستخباراتية المنشرة في سيناء أن عليهم الانسحاب.

أوامر العودة الفورية

ودعت سلطات الصهاينة الأمنية السياح اليهود في شبه جزيرة سيناء لمغادرتها فورا نتيجة مخاطر تعرضهم لهجمات.

وحسب معطيات رسمية هناك 30 ألف سائح من الكيان دخلوا سيناء منذ أيام لقضاء عطلة عيد الفصح والتمتع بالسواحل الجميلة للبحر الأحمر رغم تحذيرات أجهزة الأمن الإسرائيلية من تهديدات حقيقية من قبل ناشطي تنظيم الدولة (داعش) هناك.

وقالت الإذاعة العبرية: إن “عشرات الآلاف من الإسرائيليين يخاطرون بحياتهم ويقضون عطلة عيد الفصح اليهودي في سواحل سيناء”.

وقالت جهات أمنية: “بالذات في هذه المنطقة الساحرة الجذابة للسائحين تكمن مخاطر حقيقية على شكل تهديدات إرهابية”.

وحذرت الأجهزة الأمنية الصهيونية عشرات المرات في الفترة الأخيرة من زيارة سيناء، لكن آلاف السائحين المقصودين يتجاهلون أخطر إنذارات أمنية في العالم اليوم، مفضلين نزهة رخيصة في السواحل المصرية.

عيون موسى

وأعاد مسئول أمني صهيوني على موقع “واينت” القول إنه شاهد في سيناء عائلات إسرائيلية مع أطفال وأجداد وأحفاد وإنه يناشدهم للخروج الفوري من المنطقة الخطيرة التي تهدد حياتهم وذويهم، معبرا عن خشيته من “عمليات إرهابية في فترات متقاربة وإن المؤسسة الأمنية تتابع وتراقب ما يجري في سيناء عن كثب”.

وأوضح أن الإنذار الخاص بسيناء خطير جدا، مذكرّا بعملية عيون موسى القريبة من قناة السويس ومن مراكز سياحية وفنادق، قبل أسبوعين، وهي على ذات المسافة من طابا.

وتابع: “في حال رغب ناشطو القاعدة باستهداف المناطق التي يوجد فيها متنزهون إسرائيليون فإنهم يعرفون كيف يفعلون ذلك، فهذا تنظيم ذكي”.

وشكك المصدر الأمني الصهيوني في قدرات الجهات المصرية الرسمية، وقال “لا تكفي من أجل خفض درجة التهديد الخطير المتربص بالسائحين الإسرائيليين، لافتا إلى بقاء «خلايا نائمة» وناشطين جهاديين يشكلون تهديدا حقيقيا في سيناء، لا سيما أنهم مدربون ومسلحون.

وأضاف قائلا: “نحن نعلم جيدا أن «داعش» يتحدث في أحيان غير قليلة عن السائحين الإسرائيليين في سيناء ويعلمون أنه في عيد الفصح اليهودي يتدفق إلى سيناء عدد كبير منهم، وللأسف هم ينشرون أيضا صورهم في منتديات التواصل الاجتماعي ولذا فهم هدف سهل وكيفما تتجول في سيناء تجد هدفا إسرائيليا”.

وأكمل أنه ليس سهلا أن تغلق الحدود بسهولة ولكن في حال توفرت معلومات دقيقة أكثر فإن مثل هذه العملية ممكنة.

دلالات حادث عيون موسى

وعوضا عن آثار حادث عيون موسى فإن أهم دلالاته تطور تكتيكات تنظيم “ولاية سيناء”، الموالي لتنظيم “داعش” الإرهابي، وأنها بدأت تأخذ بُعدًا مختلفًا بالانتقال إلى أماكن أكثر خطورة، وأثرُها أكثر مردودًا على الوضع الداخلي والاقتصادي في مصر، حيث الجنوب عصب السياحة.

ونقلت صحيفة “العربي الجديد” عن مصادر قبلية، أنّ الهجوم أحدث إرباكًا كبيرًا في صفوف قوات الأمن على مستوى محافظة جنوب سيناء.

وتعتبر شرم الشيخ الأكثر أهمية للسيسي في مدن الجنوب حيث يعتبر مؤتمراته بها رمزا لنجاحه وسيطرته على البلاد من الناحية الأمنية، خاصة وأنها تعد مركز الحكم الحقيقي لنظام السيسي ومن قبله نظام المخلوع مبارك.

ورأى الإعلامي السيناوي، حسام الشوربجي، أن خطورة العملية ليست في الهجوم على كمين أمني، ولكن وصول هذه النوعية من العناصر (الإنغماسية) إلى هناك، مرتدية أحزمة ناسفة هدفها الموت والتفجير، وإلحاق أكبر كم من الخسائر، وليس عناصر كامنة تسعى للاشتباك والفرار.

استهداف ميناء إيلات

وحادث عيون موسى هو الثاني بعد استهداف ميناء إيلات القريب من جنوب سيناء، في فبراير 2017، من تنظيم “ولاية سيناء”.

واستهدف “ولاية سيناء” مدينة “إيلات” بمجموعة صواريخ “جراد” وأتى بيان التنظيم بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي عن اعتراض منظومة القبة الحديدية “منظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية” عدة صواريخ أُطلقت من سيناء.

وقال تنظيم ولاية سيناء في بيانه: “قامت مفرزة عسكرية يوم أمس بإطلاق عدة صواريخ من نوع غراد تجاه تجمعات اليهود الغاصبين في مدينة أم الرشراش (إيلات). وليعلم اليهود والصليبيون أن حرب الوكالة لن تغني عنهم شيئًا، فإن القادم أدهى وأمر”.

عمليات سابقة

وتعرض الاحتلال لمجموعة من العمليات الهجومية بصواريخ تم إطلاقها من سيناء، وتسارعت وتيرتها بعد تزايد نشاط تنظيم “ولاية سيناء” ضد قوات الجيش، خاصة بعد الانقلاب في يوليو 2013. وكانت آخر هذه العمليات في يوليو 2015، حين استهدفت ثلاثة صواريخ من نوع جراد أطلقها التنظيم، منطقة جنوب إسرائيل.

وتوقع مسؤولون أمنيون إسرائيليون في سبتمبر الماضي، موجة من العمليات الموجهة ضد جنوب إسرائيل في غضون ستة أشهر، على أن تنطلق تلك العمليات من سيناء.

وأشارت صحيفة التليجراف البريطانية إلى تخوفات الأمنيين الصهاينة من تصاعد الهجمان آنذاك خاصة مع استيلاء تنظيم ولاية سيناء على مدرعة إم-60 من الجيش المصري، بالإضافة إلى مجموعة من صواريخ الكورنيت، التي يصل مداها لقرابة ثلاثة أميال.

جنوب سيناء

يذكر أن فندق “الهيلتون” في طابا الذي يؤمه الصهاينة هو جزء من منظومة فنادق ممتدة من طابا لشرم الشيخ وتبلغ نحو 100 فندق، وسبق أن استهدفته وشاطئ «رأس الشيطان» المجاور، القاعدة في تفجيرين كبيرين عام 2004.

وكان الشهيد البطل سليمان خاطر، هو آخر جندي مِصري أطلق رصاص على إسرائيليين عام 1985 أثناء خدمته العسكرية جنوب سيناء.