من الغندور إلى العماري.. موت وراء القضبان.. ألم يأن لهذا الظلم والجبروت أن يتوقف؟

- ‎فيتقارير

من القاهرة إلى ليبيا ومنها إلى دمشق ثم أبو ظبي والرياض، لا يتوقف خيط الدم المتدفق من تحت أبواب الزنازين، لأشباه بشرٍ معلقين كالذبائح عرايا قد أزهقت أرواحهم سياط الجلادين والصعقات الكهربائية والجوع والمرض. وفي طوابير الشهداء التي لا حصر لها ولا تنقطع ارتقى الشيخ أحمد العماري، إثر سجنه في مقابر أو زنازين محمد بن سلمان، وتدهور وضعه الصحي، وهو ما يعد حلقة في سلسلة طويلة من الانتهاكات التي شملت قتل صحفي في القنصلية، وملاحقة مفكرين ومثقفين وعلماء وناشطات واقتصاديين وغيرهم في الداخل والخارج.

ويشترك الطغاة العرب أصحاب تاريخ القمع والانتهاكات، في أنهم أصحاب شخصية سيكوباتية لا تشعر بالذنب، ولا تتألم إذا قامت بالتعذيب والقتل، وبالتالي لا يتعاطف مع الضحايا، أعصابه باردة جدا، وقد يبدو هادئًا في كثير من الأحيان، وعلى الرغم من الشراسة والقسوة الداخلية، إلا أنه يُبدي حالة من التعاطف والدفء العاطفي!.

وفي سياسة أقرب ما تكون لتلك التي يتبعها قائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي في مصر ضد المعتقلين السياسيين، يتعمّد النظام السعودي تجاهل الحالة الصحية لمعتقلي الرأي رغم إصابة بعضهم بأمراض خطيرة، أقلها سرطانات وأمراض مزمنة، تستوجب رعاية فورية ودائمة، ما يؤكد سعي النظام لقتل هؤلاء بالبطيء وفق سياسات محكمة.

الإهمال الطبي

وبحسب ما نقله حساب “معتقلي الرأي” بتويتر، فقد تدهورت صحة مجموعة من المعتقلين السياسيين داخل سجون الأجهزة الأمنية السعودية، ونقل بعضهم للمستشفيات نتيجة الإصابة بالجلطات، إلى جانب إصابة البعض الآخر بمرض السرطان دون توفير الرعاية الصحية اللازمة أو المحاكمة أو الإفراج بقصد العلاج.

وداخل السجون المصرية يقبع آلاف المعتقلين السياسيين، منذ الانقلاب على الرئيس محمد مرسي يوم 3 يوليو 2013، ويقول المرصد المصري للحقوق والحريات إن مئات الأشخاص قتلوا داخل أماكن الاحتجاز منذ الانقلاب، جراء التعذيب البدني والإهمال الطبي.

كما ذكر تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” أن سلطات الانقلاب لا تتخذ خطوات جادة لتحسين وضع السجون المكتظة، مما يتسبب في وقوع حالات وفاة، وتحدث التقرير عن التعذيب الذي يتعرض له المعتقلون، موضحا تردي الخدمات الصحية داخل السجون.

ومن أبرز قيادات الإخوان الذين توفوا داخل السجون، طارق الغندور، القيادي في حزب “الحرية والعدالة” وأستاذ الطب بجامعة عين شمس، وقد توفي في نوفمبر 2014، بعدما تعرض في سجنه لنزيف حاد استمر 8 ساعات بلا مغيث، حسب ما أكد شقيقه أسعد الغندور في أحد اللقاءات الإعلامية.

وقال أسعد: إن “شقيقه ظل ينزف ثماني ساعات وهو مكبل اليدين، وبعد النزيف الحاد زاره الطبيب المناوب بعد طلوع النهار، رغم أن هذا الطبيب موجود ليلا وطوال فترة النزيف، لكن لم يمر عليه إلا بعد أن تأكد أنه توفي إكلينيكيا وانخفض الهيموجلوبين من 11 إلى 3.5، أي إنه توفي تماما بحسب التقارير التي حصلت عليها العائلة”.

السيف والساعة

أما فريد إسماعيل الذي وافته المنية داخل مستشفى سجن العقرب في منطقة سجون طره، في 13 مايو 2015، فهو ثاني أشهر قيادات الإخوان الذين توفوا داخل السجون، بعدها بأيام في 25 مايو 2015، توفي النائب الإخواني السابق محمد الفلاحجي في سجن جمصة العمومي، نتيجة الإهمال الطبي في السجن، وتدهورت ليتم نقله للمستشفى مرتين في مارس وإبريل من عام 2015، لكن أسرته أشارت إلى أنه لم يتلق العناية الصحية اللازمة وشككت في أن نقله لم يكن بغرض العلاج.

وعقب التسريب الذي بثته قنوات معارضة للانقلاب خلال نوفمبر 2013، وهو تسريب ضمن حوار أجراه الكاتب الصحفي ياسر رزق، تحدث فيه السيسي “عن حلم السيف والساعة الأوميغا الخضراء، ومقابلته للرئيس الأسبق أنور السادات”، يقول أحد كبار الأطباء النفسيين: “هذا الكلام لا يتحدث به سوى مريض نفسي، هذا رجل سيكوباتي، ابحث في طفولته”، فهل أساس التعامل مع السفيه السيسي يجب أن يكون على محورين، الأول أننا بصدد “مريض” بالمعنى الطب النفسي، والثاني أن ذلك “المريض” يمتلك سلاحا وجنودا ومالا ودعما إقليميا ودوليا؟.