15 عامًا على استشهاد أحمد ياسين.. صعدت الروح وبقي العمل

- ‎فيعربي ودولي

15 عامًا وما زالت كلماته التي فارقت جسده هي مصدر الإلهام للشعب الفلسطيني والمقاومين العرب والمسلمين في شتى بقاع الأرض، في البذل والتضحية والعطاء من أجل الدفاع عن المسجد الأقصى، والهوية العربية الإسلامية في الأراضي الفلسطينية، فبالرغم من أن روحه صعدت إلى السماء إلّا أن طهارتها لم تفارق الأرض، بعد أن خضّبت دماؤه أرضنا المقدسة، لتكون شاهدًا على عمله وجهاده.

في مثل هذا اليوم 22 مارس، تأتي الذكرى الـ15 لاغتيال مؤسس حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، الشيخ الشهيد أحمد ياسين، بعد أن خططت إسرائيل بمعداتها وطائراتها وأشرس قيادتها في فجر هذا اليوم 22 مارس 2004، لاغتيال الشهيد أحمد ياسين بعد خروجه من صلاة الفجر، في مسجد “المجمع الإسلامي” بحي الصبرة، في مدينة غزة القريب من منزله، حيث استشهد برفقة تسعة من المصلين.

وارتبط اسم الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، منذ ستينيات القرن الماضي بالمقاومة والجهاد من أجل تحرير القدس، ليصبح “الأب الروحي” لفكرة مقاومة الاحتلال؛ حتى قبل أن يُمارسها تنظيمه واقعًا على الأرض قبل بدء العقد الثامن من القرن الماضي.

ونشر الشيخ ياسين ثقافة المقاومة والجهاد قولًا وعملًا، على الرغم من كونه مقعدًا إلا أنه كان دائمًا يحث الشباب ويحفزهم على مقاومة الاحتلال، ويدعمهم ماديًا ومعنويًا لتحقيق هذا الهدف، فنشر فكرة الجهاد شعبيا قبل أن تكون تنظيما مسلحا يدافع عن الأرض، فكان مثالا للتضحية لما تعرض له من اعتقال وملاحقة ومحاولات الاغتيال، ورغم ما يعانيه من أمراض وضعف وشلل كامل، جعلت منه رمزًا وطنيًا وإسلاميًا وعربيًا ملهمًا، وباتت رمزيته محط تأثير لدى الشباب، فأراد شارون القضاء على هذه الرمزية باغتيال الشيخ ياسين.

جاء مخطط اغتيال الشهيد أحمد ياسين من أعلى قيادة صهيونية؛ نتيجة أثره في الجهاد والمقاومة، واندفع رئيس وزراء حكومة الاحتلال آنذاك أرائيل شارون إلى الإقدام على اغتياله، وقد جاء اغتيال الشيخ أحمد ياسين في وقت كان شارون يلمح فيه إلى خطته الرامية لتفكيك المستوطنات في غزة والاندحار عنها، وأراد تبديد الفكرة السائدة في الأذهان بأن إسرائيل اضطرت إلى الاندحار عن غزة تحت ضربات المقاومة؛ لذا أقدم على عملية الاغتيال لكي ينظر إليه وكأنه انتصار للاحتلال.

بعد ظهور دور حركة حماس جليًا في تصدر أعمال المقاومة المسلحة خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، وعملها الدؤوب على تطوير أساليب المقاومة؛ أدرك الاحتلال الإسرائيلي خطورة الحركة الشديدة على أمنه، فحاول جاهدًا القضاء عليها عبر اغتيال رموزها، وعلى رأسهم مؤسسها الشيخ أحمد ياسين، الذي كان قائدًا حقيقيًا حتى لحظة استشهاده، وكان حاضرًا في ميادين العمل الدعوي والتنظيمي والجهادي وغيرها من الميادين على مدار الساعة، ويتابع أدق التفاصيل وأصغرها، الأمر الذي كلله الله بالنجاح على يديه من خلال إنشاء أكبر فصيل مسلحٍ تسليحًا نوعيًا مختلفًا عن باقي الفصائل الفلسطينية.

البداية

ولد الشيخ ياسين في عام 1938 في الوقت الذي كانت فيه فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وبعد إصابته بالشلل إثر حادث تعرض له في طفولته، كرّس شبابه لطلب العلوم الإسلامية، حيث درس في جامعة الأزهر في القاهرة التي شهدت مولد جماعة الإخوان المسلمين.

واعتنق الشيخ أفكار جماعة الإخوان المسلمين، وتأثر بالإمام حسن البنا، ليتم اختياره عام 1968م لقيادة الحركة في فلسطين، فأسس عقب ذلك الجمعية الإسلامية ثم المجمع الإسلامي، ومن بعدها أسهم في تأسيس الجامعة الإسلامية.

وبدا أن نشاط الشيخ وقدرته على التأثير في المواطنين أزعج الاحتلال، فأمر عام 1982م باعتقاله، ووُجهت إليه تهمة تشكيل تنظيم عسكري وحيازة الأسلحة، والتحريض على إزالة الكيان “الإسرائيلي”، ليصدر عليه حكم بالسجن مدة 13 عامًا.

ولكن الاحتلال أطلق سراحه عام 1985، في إطار عملية تبادل الأسرى بين الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بعد أن أمضى 11 شهرًا في السجن.

اتفق الشيخ عام 1987، مع مجموعة من قادة العمل الإسلامي في القطاع على تكوين تنظيم إسلامي لمقاومة الاحتلال وتحرير فلسطين أُطلق عليه اسم “حركة المقاومة الإسلامية”، وعرفت فيما بعد اختصارًا باسم حركة “حماس”.

وبعدها أصبح الشيخ الأب الروحي للحركة والانتفاضة، وتكفل الشيخ منذ بداية الحركة بمهام متابعة الجهاز العسكري للحركة منذ بدايته في عام 1987م، وترسخ دوره في حشد الهمم، وتأكيد ضرورة مواصلة المقاومة لتحرير فلسطين.

ويقول الشيخ أحمد ياسين، “إن حماس حركة تحررية، تريد تحرير الأرض والإنسان، وإزالة الاحتلال عن أرضنا ومقدساتنا، وإقامة دولة فلسطينية تتبنى المفاهيم الإسلامية؛ ومستقبلها واعد”.

وفي 16 أكتوبر 1991م، أصدرت إحدى المحاكم العسكرية حكمًا بسجنه مدى الحياة إضافة إلى 15 عامًا أخرى، وجاء في لائحة الاتهام أن هذه التهم بسبب التحريض على اختطاف وقتل الجنود، وتأسيس حركة حماس وجهازيها العسكري والأمني.

إلا أنه أُفرج عن الشيخ في عملية تبادل في الأول من أكتوبر 1997م، بين المملكة الأردنية والكيان “الإسرائيلي” في أعقاب المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل.

وفي عام 1998 بعد الإفراج عنه، بدأ الشيخ وللمرة الأولى جولة عربية التقى خلالها عددًا من رؤساء تلك الدول، وسط استقبال شعبي كبير.

ومع إصرار الشيخ على نهج المقاومة، الذي يتعارض مع نهج السلطة الفلسطينية، فُرضت على الشيخ الإقامة الجبرية مرتين، ورغم ذلك حافظ الشيخ على الخطاب الوحدوي الضامن لوحدة الشعب الفلسطيني.

تعرض الشيخ أحمد ياسين في 6 سبتمبر 2003 لمحاولة اغتيال، حين استهدفت مروحيات الاحتلال شقة في غزة كان يتواجد فيها الشيخ أصيب خلالها بجروح طفيفة.

وفي 22 مارس 2004، تم اغتيال الشيخ أحمد ياسين، مؤسس “حركة المقاومة الإسلامية” حماس، في هجوم صاروخي شنته الطائرات الحربية الإسرائيلية.