امنعوا النقاب.. لا للفضيلة

- ‎فيمقالات

 

بقلم: أحمد عبد الحافظ محمد
باحث ماجستير في التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية

 

بداية يجب ألا ننسى ما حصل في مدينة هاملتون الكندية (أغسطس 2012م)، وبسبب أشكال الهنود وعمائمهم التي توقع الكنديون أنَّهم مسلمون، فأحرقوا معبدًا للسيخ، وفي اليوم التالي، كتب السيخ لوحة أمام المعبد تقول: "لست مسلما فلا تكرهوني" "نحن لسنا مسلمين".. ولست هنا في معرض التعليق على الحادثة، وهي مشهورة، غير أنني أؤكد أن الحرب على الإسلام تكمن في الحرب على كل ما يمس الهوية الإسلامية، والمظهر الخارجي واحد منها.

 

ومنذ يومين، سمعنا عن حملة أطلق عليها "لا للأحزاب الدينية"، أعلنت عن تدشين مبادرة "امنعوا النقاب"، برعاية جابر نصار رئيس جامعة القاهرة وبحضور شخصيات سياسية وأزهرية. وفي المؤتمر الذي عقد أمس الأربعاء (6 إبريل 2016م) قالت هدى بدران، رئيس الاتحاد النسائى المصرى، إنه من حق الدولة أن تمنع استخدام النقاب؛ حيث يمكن استخدام النقاب للقيام بعمليات إرهابية.

 

والحقيقة أنني لست مستغربا مما حدث، فالراعي لتلك الحملة المشبوهة هو جابر نصار الذي هدم مساجد جامعة القاهرة، بحجة أنها ترعى الإرهاب وتخرِّج المتطرفين، ومَنَع النقاب عن أعضاء هيئة التدريس خاصة بكلية الطب ودار العلوم، كما أن أعضاء تلك الحملة موتورون من العلمانيين والاشتراكيين، مروجون للانحطاط والرزيلة في المجتمعات، تحت شعار الحرية الشخصية وفصل الدين عن الدولة، والداعم الحقيقي لهذه الخطوات وما على شاكلتها هو الانقلاب العسكري الذي استباح الحرمات وهتك الأعراض وأعلن الحرب على شرع الله منذ زمن بعيد.

 

إن انحراف الفطرة واعوجاج السلوك صفة ملاصقة دوما للعلمانيين وأتباعهم، لذا لا يروق لهم أن يروا بينهم سلِيمي الفطرة، حَسنُوا الأخلاق، وما هم ببدعًا من الأقوام، فقد سبقهم قوم لوط من قبل في جوابهم على نبيهم لوط عليه السلام، يقولون: {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}، ليبقى فيها الملوَّثون المدنَّسُون القَذِرُون؟! ليبقى فيها المغنِّيُون الراقصُون القَوَّادون؟!

 

والعجب أنهم مع انحراف فطرتهم واعوجاج سلوكهم لا يستشعرون ما في ميلهم المنحرف من قذارة، "فإن صدورهم تضيق عن تحمل الموعظة، وأسماعهم تَصَمُّ لقبولها.. فلا يطيقون معاشرة أهل الكمال ويذمون ما لهم من الكمالات، فيسمونها ثقلا. ولذا وصفوا تنزه لوط عليه السلام وآله تطهُّرا، بصيغة التكلف والتصنع، ويجوز أن يكون حكاية لما في كلامهم من التهكم بلوط عليه السلام وآله.

 

وهذا من قلب الحقائق لأجل مشايعة العوائد الذميمة، وأهل المجون والانخلاع يسمون المتعفف عن سيرتهم بالتائب أو نحو ذلك، فقولهم {إنهم أناس يتطهرون} قصدوا به ذمهم (التحرير والتنوير).

 

وهذا هو سبيل العلمانيين ومن على شاكلتهم من شيوخ السلاطين وأصحاب العمائم الزائفة، الذين يلبِّسون على الناس دينهم، ويروجون من الفتاوى ما شذ، وما أنزل الله بها من سلطان، يحللون بها الزنا ويروجون بها للشذوذ.

 

ألم يقل سعد الدين الهلالي إن الراقصة شهيدة؛ لأنها خرجت لطلب رزقها؟.. ألم يقل الشيخ ميزو إن الرقص الشرقى حلال ولبس المرأة بدلة الرقص أفضل من النقاب والحجاب؟ لهذا لا نعجب حينما نرى بعض المغفلين والسذج من العلمانيين وذيولهم يدعون لمنع النقاب!

 

إن الحرب على المظاهر الإسلامية يجب ألا تغيب عن أذهاننا، فالقضية ليست قضية حرب على حجاب أو نقاب، بل هي حرب واضحة على هوية أمة وحضارة شعب، والله غالب على أمره.

 

{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: 8].

المقالات لا تعبر عن رأي بوابة الحرية والعدالة وإنما تعبر فقط عن آراء كاتبيها